الخميس 18 إبريل 2024
في الصميم

ليس في القنافذ أملس يا شعب إنزكان!

ليس في القنافذ أملس يا شعب إنزكان!

أحيانا يذهب بعض المحللين ونشطاء المجال الحزبي والحقوقي إلى المغامرة بقراءة متعالية للشأن السياسي الوطني تطمس الجغرافيا الحقيقية لحقيقة مكونات مشهدنا الحزبي، والإسلامي بالخصوص، فنجدهم يصلون، بقدرة قادر، إلى تأكيد أن هناك تمايزات حقيقية بين الإسلاميين المتطرفين والإسلاميين المعتدلين والفضلاء! بل إن هناك من يذهب بعيدا في التحليل بالقول إن بإمكان الحداثيين والعلمانيين أن يراهنوا على إمكانية قيام تحالف مرحلي مع المعتدلين للانتصار على الاستبداد والفساد! إلا أن هذا التحليل سرعان ما يبدو سطحيا ومتهافتا على محك الواقع حيث الحقيقة تؤكد أن ليس هناك بين القنافذ أملس.

سبب تذكيرنا بهذا المعطى ما ورد في تعليق بعض الإسلاميين على الحكم الصادر على فضيحة النيابة العامة في القضية المعروفة بملف فتاتي إنزكان، وما صاحبه من تظاهرات المجتمع المدني المنددة بما وقع لهاتين الفتاتين اللتين تعرضتا للتحرش الجنسي على يد بعض المكبوتين وبدل أن يحميهما البوليس والقضاء تم اعتقالهما بتهمة «الإخلال بالحياء العام»!

أمينة ماء العينين، برلمانية الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) خاطبت، في صفحتها على الفايسبوك، المشاركين في أسطول الحرية من أجل فلسطين بالقول «اعذرونا. هنا لا يتكلمون عنكم وعن ملحمتكم كثيرا. هنا لا ينشغلون بمبادرة تذكرهم بحصار شعب بأكمله. هنا يخشون التضامن معكم لأن المغرب ممثل بينكم بنائب برلماني من حزب يناصبونه العداء»، مضيفة «هنا ينشغلون (بنضالات) أخرى لا علاقة لها بنضالات الأحرار التي تستلزم التضحيات. أنتم ترفعون علم فلسطين، وهم يرفعون التنانير».(!)

أما حسن بناجح (أحد الوجوه القيادية لجماعة العدل والإحسان) فقد سجل في صفحته ما يلي «مقابلين الصايات والخوا الخاوي، ومنوضين مندبة على التوافه، والنفخ في نار فتنة كامنة تحت رماد تستعر لتفرق وتشتت، وتضعف المجتمع ليقوى المستبد». وأضاف بناجح «في حين هناك شبه صمت أمام قمع حرية التجمع والرأي، واستهداف عدد من الصحف والصحافيين».

بتأمل هذين التصريحين لا نجد أثرا للتمايز المظهري بين انتماءي كل من ماء العينين المفترض أنها تنتمي إلى الحكومة التي تنخرط «زعما» في مسلسل التحديث الذي يخوضه المغرب الراهن دفاعا عن كرامة الإنسان، وحقوقه وحرياته، وبناجح الذي يساهم في قيادة جماعة اختارت أن تعيش على هامش المشهد السياسي، منتقدة أنساقه وبناءه الدستوري، في انتظار «القومة» الموعودة.

والنتيجة أننا تقف على واقعة لا غبار حولها. فإسلاميو الهامش المتمردون يصطفون إلى جانب إسلاميي الاعتدال ضد الحرية، وضد الكرامة، وضد المرأة المغربية، وضد المجتمع المدني. فهل يصح بعد ذلك الحديث عن رهان التحالف مع من يعتبر التضامن مع فتاتي إنزكان مجرد «حادث تافه»، وأن الرمزية العالية للتنورة لا تساوي في العمق رمزية التضامن مع قضايا العالم العربي والإسلامي؟ وأي تحالف ممكن مع أشخاص مفصولين عن الواقع يرون بلدهم بعيدا، وقضاياه تافهة، وأبناءه وبناته لا يستحقون منا إشارة تضامن؟ وأي تحالف مع هيآت وأحزاب لا تتضامن إلا مع قضايا أفغانستان ووزيريستان وباكستان وعراقستان وشامستان بدل أن تتضامن مع شعب إنزكان وسبت الكردان وجماعة بين الويدان وثلاثاء الحنشان؟!