الأحد 10 نوفمبر 2024
مجتمع

دارالسلام: التتويج مستحق ولغة "الخيل والباورد" تحكمت في النتائج

دارالسلام: التتويج مستحق ولغة "الخيل والباورد" تحكمت في النتائج

سبعة أيام بفضاء المركب الملكي بدار السلام بالرباط مرت متسارعة وملتهبة الحماس، والحضور بالنسبة للجمهور الذي تابع أطوار ومنافسات النسخة السادسة عشرة لجائزة الحسن الثاني للفروسية التقليدية، وبطيئة ومضغوطة بالعامل النفسي والمعنوي بالنسبة للسربات المؤهلة لدار السلام (16 سربة كبار و6 سربات شبان)، نظرا لاحترافية وقوة الفرق المشاركة واحتكاكها الشديد ببعضها البعض في الميدان، ورغبة الجميع في الظفر بلقب الدورة والتتويج بالمراتب الثلاثة (ذهب وفضة ونحاس).. لكن كما تؤكد لغة "الباردية مالين الخايل"، فالكلمة الحاسمة تبقى للبارود و"جعب لمكاحل"، لأنه بخطأ بسيط قد تحذف النقط وتندحر سربة وتتسلق أخرى مراتب سلم التتويج، دون الحديث عن عامل الثقة في النفس وحضور بديهة الفرسان للتعامل مع اللحظات الأخيرة في الطلقة (القرصة الموحدة) .

22

أكيد أن هناك تطورا جد مهم على مستوى جاهزية الخيول وجودتها وأصالتها وزينتها (سروج وأسنحة)، وتميزا كبيرا على مستويات تزيين الفرسان بأبهى الألبسة التقليدية التراثية التي تمثل تراث كل جهة ومنطقة ومورثها الثقافي (صندوق عدة الأجداد)، بالإضافة إلى المجهودات التي تبذل كل سنة لتطوير قياس وجمالية الفضاء وشروط الإقامة والضيافة.. لكن نفسية الفرسان "السيكولوجية" ضمن كتائب قياداتها في فن التبوريدة تحتاج إلى العقل المدبر للحكم والحكمة التي تضخ الطاقة وتنعش البدن والروح وتشيع الدفء بين الخيالة قبل وبعد الدخول للمضمار .

لقد تابعت "أنفاس بريس" كل الإقصائيات والمنافسات، وكان توقعنا في محله بعد استنتاجاتنا الميدانية، حيث أن تجربة سربات الخيالة وقياداتها الواثقة في نفسها والمحنكة والممتلكة للغة الخيل والبارود هي التي سيطرت على المراتب الثلاثة وحافظت عليها مسجلة أروع الملاحم في محرك دار السلام بشهادة الجمهور قبل التحكيم الذي أعلن عن :فوز سربة لمقدم عبد الغني بن خذة ممثل جماعة بير مزوي عمالة خريبكة عن جهة الشاوية ورديغة بذهبية جائزة الحسن الثاني لفن التبوريدة عن جدارة واستحقاق، ليليه في المرتبة الثانية لمقدم عبد الجليل بوعبادي ممثل جماعة أولاد ناصر عمالة لفقيه بن صالح عن جهة تادلة أزيلال التي وشحت بالميدالية الفضية تراثيا، وتحكم في لجام الخيول وبنادق الفرسان بقوة عزيمته وحضوره رفقة فرسانه (القتالة) لمقدم توفيق الناصري ممثل جماعة سيد العايدي عمالة سطات في المرتبة الثالثة ليمنح لجهة الشاوية ورديغة الميدالية النحاسية دون منازع .

33

الشيء نفسه حصل لفئة سربات فرسان الشبان، والتي أكدت مما لا يضع مجالا للشك أن مشتل التبوريدة ورحمها الولاد (الطاهر والنقي) ينجب الكثير من المهووسين بالبارود وعبق رائحته الزكية، حيث أعلن من أعلى منصة التتويج بحضور كل الشخصيات الممثلة للجامعة الملكية المغربية للفروسية التقليدية وفعاليات وازنة كل حسب اهتمامه عن فوز: إقليم الرحامنة بالميدالية الذهبية من خلال سربة لمقدم الشاب إدريس سبحان ممثل جماعة أولاد غانم جهة مراكش الحوز، وتتويج جهة الدار البيضاء الكبرى بالميدالية الفضية من خلال لمقدم الطيبي الحديوي ممثل جماعة بوسكورة عمالة النواصر، وعادت الميدالية النحاسية لجهة دكالة عبدة التي انتزعها لمقدم عز الدين الطروفي ممثل جماعة العونات عمالة سيدي بنور الدكالية .

هكذا أسدل الستار على فعاليات النسخة السادسة عشرة لجائزة الحسن الثاني لفن التبوريدة بعد سبعة أيام من التناوب على استعراض مؤهلات فرسان المغرب من مختلف جهاته التي صوبت بنادقها نحو سماء الرباط ودكت سنابك خيلها تراب المحرك الذي امتزج بنقعه وغباره مع رائحة البارود وزغاريد النساء وصيحات الجمهور المغربي العاشق لهذا الفن التراثي المتجذر .

وفي اتصال لـ "أنفاس بريس" بالعديد من فعاليات التبوريدة بالمغرب، للوقوف على رأيها وخلاصاتها حول النسخة السادسة عشرة لجائزة الحسن الثاني، فقد حصل شبه إجماع حول جودة المنتوج الوطني في ميدان الفروسية التقليدية، وتطور التنظيم وتسجيل النقص الحاصل على مستوى الثقافة الشعبية لدى بعض المذيعين.. كما طالبت مصادرنا بإقامة حفل تكريم للفرق التي شرفت جهات المملكة وتخصيص برنامج فني تراثي تستضيف فيه التلفزة المغربية المتوجين الفائزين بحضور فعاليات فكرية وثقافية ومهتمين وباحثين للإدلاء برأيهم في الموضوع، إسوة بما يقع من "التطبيل" الذي يواكب بعض المنافسات الأخرى.