الأحد 19 مايو 2024
سياسة

حكومة الخوانجية تخوض مباراة مصيرية مع فيلم غرائزي تعتبره "بورنو"

 
 
حكومة الخوانجية تخوض مباراة مصيرية مع فيلم غرائزي تعتبره "بورنو"

لم ينتظر نبيل عيوش طويلا رد وزارة الاتصال على قرارها حول الترخيص بعرض فيلمه «الزين للي فيك» وهي تطلق عليه «رصاصة الرحمة»، رافضة السماح بعرضه في القاعات السينمائية، مبررة قرارها بما فيه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية ومس صريح بصورة المغرب...

شغل نبيل عيوش بفيلمه الفضائحي «الزين للي فيك» الذي عرض في مهرجان "كان" السينمائي الرأي العام المغربي، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالردود التي لم تتقبل محتوى مقاطع الفيديو الأربعة المسربة من الفيلم. لا يوجد مخرج يتفوق على عيوش في سياسة «الماركوتينغ» لأفلامه السينمائية مهما كان مستواها الفني، وقد استطاع إلى حد بعيد ولا يُتصوّر لفت الانتباه لفيلمه في المغرب، والذي لم يجده حتى في «كان»، والدليل أن مروره فوق البساط الأحمر كان شاحبا ومخجلا وقوبل بالتجاهل من عدسات المصورين كما تظهر ذلك الصور المنشورة في الصفحة الرسمية للفيلم على الفايسبوك، والتي أثارت موجة من التهكم والسخرية. لذا كان عيوش واعيا بأن مقاطعه الساخنة لن يرحب بها أغلب المغاربة وستُعلَن «حربٌ أخلاقية» ضدها ليستثمرها في ما بعد للترويج لفيلمه، وهو استغلال «خبيث» و«مقيت» لحشد المزيد من التعاطف العالمي والترويج لفيلمه!!

السجال الذي أثير حول نبيل عيوش لم يتجاوز بعد عتبة «السينما» في المغرب، لأنه صُنع من أجل جمهور مهرجان «كان» وموجه للمهرجانات السينمائية العالمية التي تستهويها الأفلام الذي تتحدث عن الطابوهات في المجتمعات الشرقية، خاصة إذا كان فيها منسوب عال من مقاطع الجنس والعري والشذوذ.

فالرافضون لعرض فيلم نبيل عيوش في القاعات السينمائية المغربية يبررون هذا الرفض بناء على الملاحظات التالية:

1- المقاطع المسربة من الفيلم فيها عيب رئيسي: المباشرة، والإبداع يقتضي إعادة تشكيل الواقع عبر الإيحاء والتحرك في مجال الجميل Le Beau وهذا فيلم يغيب فيه الإيحاء ويعتمد على المباشرة وعلى قتل الإحساس بالجميل.

2- المخرج لا يتوفر على درجة من الوعي الكافية لمعالجة موضوع الدعارة في مدينة مراكش، لأنه يعاني من نقص حاد في المعرفة بالمجتمع المغربي وثقافته ويعيش خارج المجال السوسيو-ثقافي للمغرب، والدليل على ذلك هي أن اللغة المستعملة في الفيلم هي الدارجة التي لا يفهم حمولاتها.

3- الهالة المحيطة بنبيل عيوش لا تعكس قدراته «الخارقة» كمخرج، لكنها تعتمد على أشياء أخرى. فالمقربون من نبيل عيوش يؤكدون أنه لا تتوفر فيه صفة مخرج، لأن أفلامه لا تربط بينها أي رابطة من ناحية الأسلوب السينمائي، كأن كل فيلم أنجزه مخرج مستقل عن الآخر. فيلم «لولا» مثلا طريقة إخراج القسم المصور في أمريكا لا تشبه طريقة إخراج القسم المصور في المغرب، كأننا أمام فيلمين ومخرجين.

4- نبيل عيوش -حسب شهادات خصومه- يدعي الحداثة، لكنه يلجأ خلف الستار بشكل علني في السنوات الأخيرة إلى العمل ضمن «اقتصاد الريع» عن طريق تدخل أشخاص نافذين. مثلا لما كان نبيل بنعبد الله وزيرا للاتصال أنشأ صندوقا لدعم الإنتاجات التلفزيونية قبل أن نكتشف أن هذا الصندوق أغلق مباشرة بعد استنزاف أمواله وصرفها على أفلام شركة «عليان للإنتاج» لصاحبها نبيل عيوش الذي استفاد من تمويل 30 فيلما بـ «الجملة» لفائدة القناة الأولى بكلفة120  مليون للفيلم الواحد، أي عيوش لوحده استفاد من 3 ملايير و600 مليون، إضافة إلى فضيحة فيلم «لحظة ظلام».. وللتذكير بهذا الفيلم/الفضيحة فهذا فيلم تلفزيوني أنجزه تحت الطلب من إنتاج القناة الألمانية الفرنسية «arte»، لكنه مع ذلك قدمه للمنافسة مع مشاريع الأفلام المغربية للحصول على منحة صندوق الدعم السينمائي وكأنه فيلم «سينمائي»، وحصل بالفعل على الدعم.. وبعد أن شاهدت لجنة الرقابة الفيلم طلبت منه حذف مشهد "بورنوغرافي" قصد الترخيص بعرضه في القاعات السينمائية، لكنه رفض بغرابة ولم يعرض الفيلم لحد الآن. وكان من المفروض أن يرجع عيوش مبلغ الدعم حسب مقتضيات قانون صندوق الدعم السينمائي، لكنه لم يفعل، بل حصلت مشاريعه السينمائية اللاحقة على الدعم، رغم أن هذا معارض للقانون، أي أن كل فيلم مدعوم لم يغرض بالقاعات السينمائية المغربية يتوقف المركز السينمائي المغربي عن منحه الدعم.

5- تعامله مع الأفلام السينمائية يطغى عليها الجانب التجاري أكثر من الجانب الفني، وهو ما يدفعه إلى اللجوء إلى ممثلات وممثلين غير محترفين وبأجور رخيصة، بدعوى أن هؤلاء الممثلين هم الأقدر على التعبير عن المشاهد الواقعية.. وهذا يحيل إلى «موهبة» توجد في نبيل عيوش ولا توجد في أي مخرج آخر من أبناء جيله، فهو يعتبر «صيادا» للظواهر الاجتماعية بامتياز، لكن المقاربة السينمائية تخون هذه الموهبة النادرة في عيوش.

6- نبيل عيوش مهووس في جميع أفلامه بالحديث عن الشذوذ الجنسي والبيدوفيليا، سواء في فيلم «علي زاوا» أو «لحظة ظلام» أو  «ما تريده لولا»  أو «يا خيل الله»  أو "الزين للي فيك"...

هذه بعض المفاتيح لفهم ملامح أفلام نبيل عيوش وطريقة اشتغاله، وفي فيلمه الأخير «الزين للي فيك» كان أكثر وضوحا وظهرت نواياه في «التشهير» بعورات المجتمع المغربي، لأن معالجة موضوع الدعارة في مراكش، وهذا بشهادة بعض النقاد العرب الذين شاهدوا فيلمه في مهرجان «كان» (انظر الصفحة...)، كانت معالجة سطحية واستفزازية وركيكة خالية من أي رؤية فنية يغلب عليها الغلو في تصوير المشاهد الجنسية من خلال سيناريو مفكك. وفي هذا السياق هل تسمح عضوية نبيل عيوش في المجلس الاجتماعي والاقتصادي بأن يتمادى في "التشهير" بالمرأة المغربية، حتى لو كانت «عاهرة»، بهذه الصور الصادمة، في الوقت الذي احتلت مراكش صدارة أفضل المدن السياحية؟ وهل حضور مهرجان "كان" والمشي على البساط الأحمر أهم من الإساءة إلى مراكش والمغرب وإلى المرأة المغربية التي ترقص وتتعرى وتتعرض لشتى الإهانات تحت أقدام السياح الخليجيين والأوربيين؟ المغرب الرسمي يقيم الأرض ويقعدها إذا وردت أي إساءة ضد المغرب في الأعمال الدرامية المصرية أو الخليجية، في الوقت الذي نشاهد في فيلم عيوش وهو يختزل السياحة الجنسية الخليجية في مراكش في السياح السعوديين، وقد تكررت الإساءة للسعودية في أكثر من لقطة، فهل كان عيوش وعي بأن هذا التعميم قد يسمم العلاقات المغربية السعودية؟ ما هي الإضافة التي قدمها فيلم «الزين للي فيك» غير تقديم لقطات إباحية يمكن أن تجدها في مقاطع فيديوهات «اليوتيوب» المصورة بكاميرات خفية، الفرق بينها وبين مقاطع نبيل عيوش الساخنة هي أنها مصورة علانية تحت غطاء السينما وبرخصة من المركز السينمائي المغربي؟! صورة المغربي في فيلم عيوش يجسدها في شخصية النادل «القزم» مرتديا جلبابا تقليديا وطربوشا أحمر، وهي صورة مستفزة يحاول تصديرها إلى الغرب، فهل هناك دلالة أخرى لهذه الصورة وضرورة "إخراجية" لا توجد إلا في رأس نبيل عيوش؟  وما هي الرسائل المستوحاة من هذه المقاطع التي اختارها نبيل عيوش عن سبق إصرار وترصد لتهييج مواقع التواصل الاجتماعي؟ ومن يفسر لنا أن مهرجانا عريقا مثل مهرجان «كان» يقبل برمجة فيلم في فقرة «نصف شهرية المخرجين» اكتمل تصويره على بعد يومين من انطلاق فعاليات المهرجان؟

إنها أسئلة مشروعة يدفعنا الفضول لطرحها لمعرفة نوايا نبيل عيوش من الحكم على المجتمع المغربي بهذه القسوة من خلال فيلمه «الزين للي فيك» الذي تحول فيه من مخرج مغربي إلى جلاد، يستمتع ويتلذذ و«يستمني» بكاميراته وهو يجعل من بطلاته «قنابل» جنسية موقوتة، ويجعل من فيلمه سوقا لـ "القوادة" و«النخاسة» الرخيصة!!

(تفاصيل أخرى تقرأونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"، والذي تجدونه في كل الأكشاك)

615