الأحد 19 مايو 2024
سياسة

البرلمانية فوزية البيض: حذار من تحويل المادة 16 إلى ماكينة لإنتاج زواج المتعة والزواج بالقاصرات

 
 
البرلمانية فوزية البيض: حذار من تحويل المادة 16 إلى ماكينة لإنتاج زواج المتعة والزواج بالقاصرات

سبق لي أن طرحت سؤالا على السيد وزير العدل والحريات حول الإجراءات التي سيتخذها لمحاربة ظاهرة الزواج الشفوي. للقضاء على "زواج الفاتحة" وُضعت المادة 16 من مدونة الأسرة لتثبيت ثقافة العقود وحماية ذوي الحقوق. لكن استمرار وتوسيع هذا النوع من الزواج على نطاق كبير يعاكس روح الفقرة الأولى التي اعتبرت فيها أن أصل إثبات العلاقة الزوجية هو عقد الزواج المكتوب، للقضاء على الظاهرة. ولو أن المعطى الثقافي يجعل القضاء عليها أمرا ليس باليسير. وهل تمديد الآجال إلى سنوات خمسة أخرى سيحل المشكل الذي يمكن أن يستمر الى ما لا نهاية؟

"زواج الفاتحة" كان منتشرا إلى عهد قريب في أنحاء كثيرة من المغرب، وليس بالضرورة في البوادي كما يعتقد البعض، بل إنه يتزايد اليوم في المدن الكبرى في صفوف فئة من الطلبة الذين يكفرون بالدولة، بمؤسساتها وبقوانين يعتبرونها وضعية ولا تعنيهم، وعند الأرامل اللواتي يخشين فقدان معاش الزوج السابق مما يضطرها إلى الزواج بالفاتحة. هذا فضلا عن كارثة الزواج "بالكونترا" التي هي زواج المتعة برضا وتواطؤ الوالدين. آفة الفقر، والأمية والجهل تضرب كل الإستراتيجيات والمخططات التنموية للمضي قدما نحو التقدم.

هذا يعني أن معطى حصول هذا النوع من الزواج الشفوي، فقط في البوادي، غير صحيح. لأن المؤشرات في هذا المجال تظهر أنه أصبح يحصل أكثر حتى في صفوف المتعلمين وسكان الحاضرة، من طرف من استغلوه لقضاء نزوات شخصية. حيث سجل قضاء الأسرة ارتفاع عدد طلبات ثبوت النسب وبالتالي إثبات الزوجية من 6918 حكم سنة 2004 إلى 23057 حكم سجلات سنة 2013، رغم الحملات الواسعة النطاق التي قامت بها وزارة العدل لمحاولة تقريب الإدارة من المواطن.

تطبيق هذه المادة أفرز لنا واقعا معاكسا جديدا، حيث يتم استغلال هاته المادة وخرقها بل وجعلها كآلية لشرعنة "الزواج العرفي" والتحايل من ثم على القانون والسقوط في تزويج القاصر وفي تعدد الزوجات، حيث يفرض الأزواج على زوجاتهم الأمر الواقع حين يقع في حمل مع أخرى. بل وحتى القضاء يبقى عاجزا أمام توظيف هاته المادة من أجل أغراض تنافي والشأن الذي خلقت من أجله. وهكذا تم تجريد الفقرة الأولى من المادة 16 من كل حماية.

أظن أن مقترح المشروع عندما طلب التمديد لفترة ثالثة، نيته التي نتوافق معها، هي استنفاد ما تبقى من الملفات العالقة في هاته الظاهرة لحماية المرأة والأطفال الناتجين عن العلاقة الغير محمية قانونيا. لكن ماذا نقول في النية المبيتة للتحايل على القانون، والتي يجب استحضارها. أخشى أن يكون التمديد الجديد لفترة استثنائية ثالثة لسماع دعوى الزوجية سيسقطنا في حلقة مفرغة، لذا علينا العمل سويا على التشديد في الصياغة للتصدي للمتحايلين.

التحجج بالأعراف التي تحكم بعض القبائل بالمغرب، في مسألة الزواج المبكر، أمر واقع لكن ليس بالكافي، وبثقافة سكان بعض المناطق النائية اللذين لا يؤمنون بالتوثيق، إلا في شراء الأراضي التي لهم ارتباط بها أكثر من فتاة يودون التخلص منها تحت إكراه العوز. إننا نشرع لهاته الفئة، ولفئات غيرها، تطرح مشاكل مشابكة في المجتمع، ولواقع أفرز لنا ظواهر فيها الإكراهات والتحايل. حبذا لو كانت بين أيدينا دراسات سوسيولوجية معززة بإحصائيات محينة تنطق، لنقف على مستوى تهديد الأمن التوثيقي لفئات عدة. نحن أمام أمرين أحلاهما مر، الأكيد أن التمديد سيفتح باب التعدد على مصراعيه، سيشجع زواج القاصر، نحن مع سلطة القاضي التقديرية التي تستعين بالبحث الاجتماعي وبالخبرة، أي تركها تعمل عملها إذا ثبت وجود أسباب قاهرة ومقبولة أكرهت الزوجين على عدم التوثيق. أظن أن الأمر يتطلب التريث والبحث عن صياغة توافقية تراعي المستجدات وتضبط التحايل، قبل قرار التمديد لخمس سنوات أخرى.