في هذا الحوار القصير، تكشف الإذاعية مليكة ملياني المعروفة بالسيدة ليلي سر نعتها بهذا الاسم الذي جعلها، من خلال الإذاعة، وكأنها واحدة من أفراد أسر المستمعين. مشيرة إلى أن الحرص على البقاء في مستوى ظن وتطلعات المستمعين ليس بالأمر الهين، وأنها كانت تسعى دائما لإرضاء الضمير على الرغم من أن التحدي كان كبيرا، خاصة وأنها كانت تتطرق لمواضيع جريئة نوعا ما ولم يعتدها الناس في بلدنا.
+ بماذا يمكن أن تجيبي إذا طلب منك كشف أسرار ترسيخ اسم السيدة ليلى في ذاكرة المستمعين المغاربة لعشرات السنين؟
- في الحقيقة ليست أسرارا بالمعنى المتداول، لكن ربما أتفق معك في نعتها بهذا المفهوم من منطلق ملاحظة بداية اختفائها في المرحلة الحالية التي نعيشها. وأقصد التلاحم والانسجام الواجب توفره في علاقات المهنيين، وابتعادهم عن تضاربات شد الحبل في سبيل خدمة المنتوج أولا وأخيرا. فالسيدة ليلى وإن كان العديد من المغاربة لم يروها مباشرة، ولم يتجاذبوا معها مجرد حديث قصير، فإنهم يعرفونها من خلال الإذاعة وكأنها واحدة من أفراد أسرهم. وهذا الإحساس، بطبيعة الحال، لا يمكن أن يتولد إلا نتيجة الصدق والإخلاص في العمل دون أي خلفيات هامشية أخرى. إذ وحسب تجربتي يصعب أن أصف الهم الذي يشغل زميلاتي وزملائي وهم يشرفون على تقديم مادة من المواد الإعلامية للجمهور، وكأنهم في لحظة مخاض، بل الأكثر من ذلك هو أن الجميع كان بمثابة سند واحد للإعلامي المشرف على عمل ما، أياديهم ممدودة على الدوام لتقديم المساعدة، طالما أنهم يرون في نجاحه نجاحهم. وهذا التضامن هو ما نفتقده نسبيا في الوقت الراهن.
+ ربما قد يكون النجاح في كسب ثقة عينة من الجمهور ممكنا طول الوقت، أو كل الجمهور بعض الوقت. إنما أن تنال رضى الجميع طيلة الوقت، فهذا ما يشكل الاستثناء، والمعلوم أنك ربحت هذا الرهان. أيعني ذلك بأن تضامنك الذي تحدثت عنه ما كان ليثمر لولا انعدام المنافسة كما هو حاصل الآن؟
- أمام استحالة عودة الزمن إلى الوراء ليجيب بالدليل القاطع، سأكتفي قائلة بأنه لو كان لدينا منافس حقيقي لخرج العجب العجاب من تلك الطاقات، ولظهرت هوة عميقة بيننا وغيرنا. ولا أعتقد بأن أمر المقارنة سيصعب إذا ما تمت محاولة وضع المنتوج القديم والحديث في كفتي المقارنة، علما بفروقات الإمكانيات والظروف المادية للاشتغال، ناهيك عن عامل الرقابة بين الأمس واليوم، وأيضا طبيعة الأفراد المشكلين للمجتمع وقتها وفي الحاضر. وشخصيا، لا أخفي كم كنت أشعر بالتوتر، الإيجابي، حتما، وأنا أدخل أستوديو رقم 4، ولا أشرب قهوتي إلا وأنا أغادره بأداء المهمة بأمانة محدثة نفسي "الحمد لله خرجات الحلقة على خير".
+ ما الذي كان يبعث فيك ذلك التوتر إلى درجة تأجيل شرب قهوتك إلى لحظة خروجك من استوديو رقم 4؟
- المسؤولية والمسؤولية، ثم المسؤولية. فالحرص على البقاء في مستوى ظن وتطلعات المستمعين ليس بالأمر الهين، وقبل كل ذلك هناك السعي الملح لإرضاء الضمير على الرغم من أن التحدي كان كبيرا، خاصة وأنني كنت أتطرق لمواضيع جريئة نوعا ما ولم يعتدها الناس في بلدنا. إنما كانت وسيلتي في مرور الأمور بسلام هي الاعتماد على طرق سلسة ولبقة في بعث الأفكار والرسائل. وأحمد الله على هذه المسيرة التي قضيت فيها عقودا من الزمن، وجاورت خلالها نحو 12 مدير للإذاعة الوطنية، دون مشاكل أو اصطدامات مؤثرة.