الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: كيف تكون إنسانا و"دماغك فميكتو"!

عبد الحميد جماهري: كيف تكون إنسانا و"دماغك فميكتو"!

في فيلم لوسي للفرنسي لوك بيسون يخبرنا البروفيسور صامويل (مورغان فريمان) أن مسيرة الحياة، تنتهي بالكائنات الحية، إلى استعمال جزء طفيف من قدرتها الدماغية.

وأن الإنسان، كأعلى كائن في السلسلة لا يستعمل إلى حد الساعة سوى 10 % فقط من هذه القدرة والطاقة التي يملكها الدماغ تبقى بها مناطق معتمة. وبمعنى آخر أن مليار خلية عصبية لا تستنفد كل ما فيها..

قد يبدو أنها نسبة ضئيلة، ولكن في الواقع انظروا إلى ما نحققه بمثل هذه النسبة القليلة، فنحن نصنع قاتل والديه، والشيخ الذي يغتصب الصبيان، ونصنع بها الجلاد الذي يطلق النار على الأطفال في شوارع البيضاء، وبهذه النسبة نصنع.. الفقيه الزمزمي وفتاويه، وبها نصنع الفقيه الريسوني والسلفية الجهادية.

ونستطيع بنسبة عشر الـ 100، أن نصنع حكومة لم تقنع أكثر من 2 مليون للتسجيل في لوائح الناخبين، ونصنع بها سياسيا مثل زيان..

وبهذه النسبة صنعنا أناسا يبيعون أغلى ما عندهم بأرخص ما عند الآخرين..

ولنتصور لو أننا نستغل مثلا 40% من طاقة أدمغتنا؟

لا شك أن الفقهاء مثل الذين يبيحون زواج الطفلات في 9 سنوات، سيستعملون 40 % من طاقتهم لكي ينقصوا ذلك إلى.. سن الرضاعة، أو أن يصبح القتل فنا سينمائيا يمثل بدون عواطف..

ولا شك سيصبح لدينا برلمانا، سيركا حقيقيا، بكل الحيوانات الطريفة التي تجول في الغابات، والاستعمال الأساسي سيكون ولا شك في الخدع والأحابيل، وتصبح الأخلاق شيئا مقرفا لدى من يتبجحون بها. أما 80 في المائة ستغيرنا.. حتى أن هتلر سيبدو مثل الحمل الوديع والسفاحين مجرد بقايا متحفية، وستزيد القدرة بازدياد النسبة، حتى أننا نصل 100%، ونتحول إلى كائنات بلا روح ولا عواطف ولا رغبات، وندوب في العالم..

ستكون القدرة على أن نقتل وأن نتحكم في بعض الأشياء البعيدة وأن نخدع ضعف الذين نخدعهم، طبعا ستكون لنا القدرة في أن نبيع الوهم بالعلب المغلفة، ونخدع الناس جميعا... ونبتعد كليا عن الإنسانية..

وتكون النتيجة من الآن أن الاستعمال المطلق للدماغ شيء غير مستحب للبشرية، وسيكون التقليل من ذلك في صالح المبادئ والحياة ولصالح القيم..

ولعل الذي سيكون في وضع مريح للغاية هو من يثبت بأنه.. حمار وأن دماغه "ما زال فميكتو"!

هناك ما يبعث على اليأس في قضية من هذا القبيل.. واليأس لا يتماشى مع العلم. لأنه يشكك في قدرة الإنسان.

قبل لوسي تابع العالم "دوللى" النعجة الاسكتلندية التي فجرت كل مخاوف البشرية.

وهي نعجة دخلت التاريخ من باب الاستنساخ: ولنفكر لو أن لوسي ودوللي التقيتا في حياتنا، كيف سيكون مصير البشرية؟

استنساخ بشر بدون روح ولا عواطف ولا قدرة على الإحساس بالألم أو البرد أو الحر؟

عالم فظيع جدا!

فلنحمد الله إذن على دماغ يشتغل بالتقسيط المريح، ولا يهدد البشرية بشيء.