في أحيان كثيرة يعجز المهتمون بالشأن المحلي، من وضع تصنيف حقيقي لمقاطعة عين السبع، فهناك من يعتبرها منطقة راقية تعرضت للإهمال والتهميش، وهناك من يرى فيها تجمعا سكنيا يضم جميع الفظاعات العمرانية(أحياء صفيحية، تجمعات عشوائية...) وآخرون يحشرونها ضمن المناطق الصناعية بحكم تواجد عدد لابأس به من المؤسسات الصناعية والشركات. لكن ما يتفق عليه الجميع، هو أن المنطقة فقدت الكثير من رونقها وتعرضت لفترات من التهميش والإهمال انعكس سلبا على ساكنة
وهي الحقائق التي اكدها لـ"أنفاس بريس" مجموعة من الفاعلين الجمعويين وأبناء المنطقة الذين أجمعوا على دق ناقوس الخطر وإرسال الكثير من الرسائل لمن يهمه الأمر، لعل وعسى تتحرك جينات المواطنة في نفوس المسؤولين والحزبيين لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
إذ ترى كنزة الشعبي، فاعلة جمعوية، في تصريح لـ"أنفاس بريس" أن منطقة عين السبع تعيش اختلالات كثيرة، وأن ما لا تغفله العين التردي الكبير أمنيا، فمن النادر بل ومن المستحيل التجول وقضاء أمورك بدون خوف، فالنقص في الجانب الأمني بالمنطقة، ساهم في تنامي ظاهرة الإجرام والانحراف والاستعمال المفرط للمخدرات بجميع أشكالها. ناهيك عن انتشار السكن الغير اللائق والآيل للسقوط، ارتفاع نسبة البطالة خصوصا في فئة الفتيات، وبروز مظاهر الفقر لدى مجموعة من الأسر والأفراد.
وشدد محمد الحياني، ناشط جمعوي بمقاطعة عين السبع، على أن المنطقة هي عبارة عن مجموعة من الاحياء الصناعية، بل الأكثر من هذا هناك مجموعة من الشركات والمقاولات وسط أحياء سكنية آهلة، مما يكون سببا في نسبة كبيرة من التلوث بجميع أنواعه. يقابله غياب كبير لفضاءات خضراء وعمليات تحسيسية بيئية بمخاطر هذه الكارثة الجاثمة على نفوس الصغار والكبار الأصحاء منهم والمرضى.
ويوضح الحياني موقفه قائلا: عندما نتحدث عن غياب الفضاءات وحملات التوعية. ليس لأن منطقة عين السبع تفتقر لنخب سياسية كانت أم جمعوية بل على العكس تماما فمنطقة عين السبع تعج بالفعاليات في محالات شتى ومن كل الفئات العمرية ذكورا وإناثا، إلا أن المشكل الحقيقي والمطروح بشدة هو التجاهل والاهمال الكبيرين من طرف واحدة من بين أغنى المقاطعات على الصعيد الوطني، فكلما تتصل بمسؤوليها تسمع جوابا واحدا وهو .. إن هاتف مخاطبكم غير مشغل ..
وتشخيصا منه لطبيعة الاختلالات التي تكتوي بنارها مقاطعة عين السبع، اعتبر حاتم وزران، كاتب عام التضامن الجمعوي لعين السبع، أن المقاطعة تفتقر للمراكز السوسيو الثقافية: وغياب دار للشباب ومركز للاستقبال. وتعاني من قلة الملاعب الرياضية المفتوحة في وجه العموم مع عدم وجود تظاهرات ثقافية كبيرة. نشير إلى وجود مركز للتخييم يحتاج إلى الترميم، ووجود معهد للموسيقى يعاني من مشاكل كالنقص في أساتذة الموسيقى والإكتظاظ مع وجود أعضاء مستفيدين من خارج تراب الجماعة،
أما على مستوى السكن، يضيف محاور "أنفاس بريس"، تعجالمنطقة بعدة دواوير الصفيح، والتي لازالت تنتظر الاستفادة من مشاريع السكن الاجتماعي منذ سنوات عدة. إضافة إلى المنازل القديمة والتي لا تتوفر على تحفيظ عقاري وأصبح ساكنيها مهددون بالإفراغ من طرف لوبيات العقار وذلك بعد أن تمت المصادقة على مخطط التهيئة الذي أعطى انطلاقة لا مثيل لها في السباق نحو تشييد العمارات.
بدوره استفاض عبد الحميد بوجلاب، نائب كاتبة فرع جمعية التنمية للطفولة والشباب، في تشخيص أبرز الاختلالات التي تعاني منها منطقة عين السبع، إذ سلط الضوء على نقطة سوداء ووصمة عار في جبين المسؤولين الذين تعاقبوا على تدبير الشأن المحلي، إذ يقول عبد الحميد :"ما يلفت انتباهي، لمدة كبيرة، وكمفارقة عجيبة غياب مرفق عمومي بحجم "دار الشباب". فرغم النداءات المتكررة واللقاءات الكثيرة والدراسات الميدانية للفاعل المدني، لم يتم التجاوب إيجابا مع الطلب وهو ما يكرس فعلا الفقر التربوي والثقافي داخل المقاطعة الجماعية، وتشترك فيه مختلف الحساسيات السياسية لمن دبر ويدير شاننا المحلي، فلا يمكن اعتبار ذلك إلا حيفا و"حكرة" لساكنة إحدى أغني الجماعات بالمغرب، فالمسرح البلدي مغلق، و قصر الثقافة حاد عن وظيفته الثقافية والتثقيفية بفعل فاعل، والنادي البلدي معزول لا يتسع للكم الجمعوي الهائل الذي تزخر به.
وأوضح عبد الحميد بوجلاب، أن ساكنة عين السبع وفاعلوها المدنيون دقوا ناقوس الخطر في أكتر من مناسبة حول غياب المرافق التربوية وعلى رأسها دار الشباب، وتم طرح سؤال في البرلمان حول هذا الموضوع ، كما تم توجيه رسالة إلى المندوب السابق لوزارة الشباب والرياضة بحي عادل عين السبع ، وأنجزت دراسات ميدانية أجمعت كلها على مطلب إنشاء دار الشباب تستجيب لحاجيات الأطفال والشباب.لكن رغم كل هذا فلا حياة لمن تنادي ولا شيء تحقق على أرض الواقع.