الأربعاء 24 إبريل 2024
في الصميم

عودة إلى مطار الزفت الدولي!

عودة إلى مطار الزفت الدولي!

ما أن تولى الملك محمد السادس الحكم ورتب بيته العسكري حتى بادر بإرسال الميساجات إلى الحقل المدني باختياره مديرا عاما جديدا للمكتب الوطني للمطارات.

فمن أولى القرارات المدنية للملك تعيينه للمهندس كَديرة عام 2000 كأول مدير عام في العهد الجديد، على أهم مؤسسة عمومية بالمغرب (المكتب الوطني للمطارات)، بالنظر إلى القناعة التي حملها العهد الجديد من كون تقدم البلدان وازدهارها لا يستقيم دون وجود بنية مطارية في المستوى تفتح شهية السائح والمستثمر للقدوم لبلد ما (انظروا إلى دبي أو سنغافورة أو فرانكفورت أو ميلانو أو هونغ حتى لا نقول باريز أو لندن أو شيكاغو)!!

هذا الرهان (أي الرهان الملكي على المطار) سرعان ما ستظهر ملامحه بعد اختياره للدار البيضاء ليشهر فيها الملك محمد السادس دفتر تحملاته السياسية (المفهوم الجديد للسلطة) ويعلن عن عقيدته الترابية (إطلاق الحوار الوطني حول إعداد التراب عام 2000 وما تلاه من توصيات تركز على الدار البيضاء كقاطرة المغرب وعلى مطار محمد الخامس كرافعة اقتصادية). ويبصم فيها لمسته لمواكبة التحولات الوظيفية (قرار تحويل مطار أنفا إلى قطب مالي عام 2006) ويترجم فيها أحلام المغاربة في استعادة المجد الإفريقي (اختيار البيضاء كمنصة HUB جوية ودينية وسياسية واستثمارية نحوإفريقيا).

وفي كل محطة من هذه المحطات كانت الأضواء تسلط على مطار محمد الخامس لمعرفة مدى قدرة المسؤولين على تمكين الدار البيضاء (والمغرب ككل) من حظوة الافتخار بمطار يتوفر على "السميك" (Le SMIG) الخدماتي كما هو متوفر في جل مطارات العالم المتمدن. لكن للأسف كان الأمل يتبخر، وكانت الخيبة تتعاظم لدى العديد من المغاربة لفشل المدراء الذين تعاقبوا على هذه المؤسسة الحيوية في إدارة المطارات، بدليل أنه منذ عام 2000 تعاقب أربعة مدراء على إدارة مطارات المغرب، وكل واحد كانت فترة ولايته تعرف نهاية مذلة (2003 للمدير كَديرة، و2010 لبنعلو، و2014 لكندوز، والحالي «العوفير» الله يلطف به) وكان المدراء يغادرون المسؤولية إما إلى السجن أو إلى النسيان تاركين فاتورة ثقيلة وإرثا معقدا للمغاربة بدل أن يترك مطارات مجهزة ومحكمة التسيير والتدبير.

الخطير في الأمر، أن أهم مطارات المملكة، هو مطار محمد الخامس الدولي الذي سبق لنا أن فضحنا معاناة المسافرين المغاربة والأجانب الذين تقودهم الأقدار للعبور عبر بوابة الدار البيضاء جوا (انظر العدد 537)، ومع ذلكلم يزدد الوضع إلا سوءا.

فما جدوى صرف الملايير على القطب المالي بالدار البيضاء، إن كان المستثمر "يتسخسخ" في مطار محمد الخامس؟ وما الفائدة من صرف الملايير على «وصال» وتهيئة الساحل والمارينا وقطب النواصر إذا كان السائح ورجال الأعمال سيعبرون من مطار «الزفت الدولي»؟ ما الغاية إذن من إرهاق المواطنين بخطاب التأهيل وتنظيم الدار البيضاء إذا عجزت الدولة عن تدبير مطار محمد الخامس الدولي بالمواصفات العالمية؟

فمن العار أن يحل المسافر إلى المغرب ويقضي مدة طويلة في «الصف» للتأشيرعلى جواز سفره؟! ومن العار أن يحل المسافر بمطار محمد الخامس ويتيه بحثا عن أمتعته (إما لأن "السمطة" TAPIS معطلة أو لأن الشاشات غير مشغلة).

ثم، وهذا هو الأهم، من العار أن يدنس اسم المرحوم محمد الخامس مادامت الدولة عاجزة عن تحمل كلفة إطلاق اسمه على مطار الدار البيضاء.

وإذا فشلت الدولة في إيجاد نظام حكامة أو أشخاص قادرين على إدارة مطار محمد الخامس، فلنجرب المناداة على شركات دولية بارعة في إدارة مطارات عالمية، أو لتعين جنيرالا على رأسه، على الأقل سنربح ضبط المساطر وضبط المسؤولين ووقف الاستهتار واحتقار المسافرين.