لم تكن تتوقع حسناء، (وهو اسم مستعار) أن تجد نفسها وجها لوجه امام مختلف اشكال الإهانة والاحتقار والاستغلال، في يوم كان من المفروض أن يكون يوم فرح وسرور. لم تكن تعتقد هذه المواطنة البسيطة أن مولودها الأول سيأتي إلى هذه الدنيا، بعد معاناة طويلة لأمه مع أناس المفروض فيهم تجسيد معاني البدل والعطاء والرحمة في تعاملهم مع الآخرين.
فرضت الظروف الاجتماعية العادية جدا على عائلة حسناء، التوجه إلى المستشفى الحسني بمقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء، وكلهم أمل في أن تتجسد تلك الشعارات الكثيرة التي "يتبجح" بها الوزير الحسين الوردي، على أرض الواقع، وبالضبط في قسم الولادة. لكن للأسف وجدت حسناء ومولودها الجديد كل شيء باستثناء "الصحة للجميع"، ونقصد بكل شيء كل تجليات "فضائح وزارة الصحة" التي برع بعض النزهاء من منتسبي القطاع تسليط الضوء عليها في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
وجدت حسناء ومولودها الجديد الطبيب وهو يبتزها ويحاول مساومتها في المبلغ الذي ستدفعه له مقابل القيام بواجبه وتوليدها، مع العلم أن الخدمات المقدمة في المستشفيات العمومية تكون في الغالب بدون مقابل. لكن رغم ذلك تشبث الطبيب بأخذ أتعابه وامتنع عن تقديم العلاج حتى دفعت له عائلة حسناء ما يفوق 1500 درهما.
لم تتوقف معاناة حسناء عند هذا الحد، بل استمرت طيلة الأيام "السوداء" حسب وصفها، التي قضتها في قسم الولادة بالمستشفى الحسني، وهي المعاناة التي تجسدت في سوء المعاملة وتهديد نزيلات القسم من طرف بعض الممرضات، بنقلهم إلى غرفة يطلق عليها (بغرفة الصباغة)، والتي تشبه الاعتقال الانفرادي بالسجن حسب مصادر "أنفاس بريس". بل إن إحدى نزيلات القسم اضطرت للولادة لوحدها بعد أن جاءها المخاض ولم تجد أحدا من العاملين في القسم من اجل الاعتناء بها وتوليدها.
ربما كان على وزارة الصحة عوض أن تعمم دورية على الأئمة والخطباء من أجل التوعية بأهمية الرضاعة الطبيعية لصحة الأم ورضيعها، أن تبعث هؤلاء المرشدين الدينيين والخطباء لمستشفياتها ومراكزها الصحية لإعطاء النصائح لبعض الأطباء والممرضين العاملين بهذه المرافق الصحية، وحثهم على القيام بواجبهم لعل الوعظ والإرشاد يفعل فعلته في نفوسهم، لاسيما أن شعارات الوزير الوردي لم تجد آذانا صاغية.