الجمعة 20 سبتمبر 2024
سياسة

المحامي طبيح: فرنسا هي المسؤولة عن تأخير التعاون القضائي مع المغرب

المحامي طبيح: فرنسا هي المسؤولة عن تأخير التعاون القضائي مع المغرب

أجرت يومية "الاتحاد الاشتراكي"، ضمن عددها ليوم الثلاثاء 3 فبراير 2015، حوارا مع الأستاذ عبد الكبير  طبيح، المحامي بهيئة الدار البيضاء، تحدث فيه عن عدد من القضايا المرتبطة بعودة التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، معتبرا أن قبول القضاء الفرنسي لشكاية من مغاربة ينازعون في أحكام أصدرها القضاء المغربي، هو بمثابة مساس باستقلالية قضاء المغرب.. فيما يلي النص الكامل للحوار:

 

كيف أبانت اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا عن محدوديتها في بعض القضايا التي طفت مؤخرا على الساحة؟

أولا لابد من تصحيح أمر مهم، هو أن المغرب لم يكن هو من بادر إلى توقيف اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، وذلك خلافا لما تم تداوله، وإنما موقف المغرب كان رد فعل على توقيف فعلي لتلك الاتفاقية عندما منعت قاضية الاتصال في باريس، المعتمدة في سفارة المغرب بفرنسا، من ممارسة مهامها كممثلة للمغرب ولوزارة العدل والحريات المغربية في فرنسا بخصوص تنفيذ وإعمال الاتفاقية القضائية الموقعة ما بين باريس والرباط.
عندما منعت قاضية الاتصال المعتمدة في باريس من ممارسة مهامها تكون فرنسا قد أوقفت عمليا اتفاقية التعاون القضائي، فكان رد المغرب مبررا عندما أعلن في فبراير الماضي عن تعليق تلك الاتفاقية. لهذا كان لابد من توضيح الدور الحقيقي الذي يقوم به قاضي الاتصال المعتمد حتى يمكن تحاشي السقوط مستقبلا في ما وقعنا فيه في الفترة السابقة.
هل تجاوزت الاتفاقية الحالية الاختلالات التي كانت تشوب اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، إذا كان الأمر كذلك ما هي طبيعة هذه الاختلالات؟
لابد من التذكير بالوقائع التي نتجت عنها توقيف اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، وهي وقائع تعود بالأساس إلى أن شكيب بنموسى، سفير المغرب في العاصمة الفرنسية باريس، فوجئ بما يقارب سبعة رجال شرطة يحملون استدعاء من قاضية التحقيق الفرنسية تكون موجهة لأحد المسؤولين المغاربة دون أن يمكنوا أي مسؤول في السفارة المغربية بمضمون ذلك الاستدعاء، وهو أمر فيه خرق واضح لاتفاقية جنيف التي تنظم الحصانة الديبلوماسية وكيفية التعامل مع السفراء ومحلات إقاماتهم. ومن جهة أخرى لم تعرف السلطات المغربية الموضوع الذي يتعلق به ذلك الاستدعاء إلا عن طريق الصحافة وشبكات التواصل الاجتماعي التي نقلت على أن الأمر يتعلق بشكاية وجهت من طرف مغاربة، بعضهم أدين في المغرب بأحكام تتعلق بجرائم مخدرات والنصب، والبعض الآخر لازالت قضاياه رائجة أمام القضاء المغربي مع أن اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا أحدثت أصلا من أجل تسهيل التواصل بين البلدين في قضايا ذات طبيعة قضائية والبحث عن حلول لكل المشاكل القضائية التي تطرح بين البلدين، وهو الأمر الذي مع الأسف لم يتحقق.
هل تقصد الشكاية التي رفعها المغاربة زكرياء مومني وعادل المطالسي والنعمة أصفاري و«حركة المسيحيين من أجل إلغاء التعذيب»، أمام المحاكم الفرنسية، وأن قبول هذه المحاكم النظر في هذه الشكايات اعتبر أنه شكل من شكل خرق اتفاقية التعاون القضائي؟
لقد تبين أن قبول القضاء الفرنسي لشكاية من مغاربة ينازعون في أحكام أصدرها القضاء المغربي هو بمثابة تدخل من قبل القضاء الفرنسي في الأحكام القضائية الصادرة في المغرب، وهو أمر يمس بسيادة الدول ويمس باستقلالية قضاء المغرب، وهو فعل لا يقبل به المغرب، لأن القبول بهذا المنطق يمكن أن يعطي كذلك للمغرب أو لغير المغرب الفرضة في أن يبحث هو كذلك في أحكام صدرها القضاء الفرنسي في قضايا يكون فيها طرف مغربي أدين من قبل القضاء الفرنسي، وسيسمح القضاء المغربي، هو كذلك، لنفسه أن يعيد فتح نفس الملف أمام القضاء المغربي، ليمنح لنفسه الحق في مراقبة أحكام القضاء الفرنسي، وهو أمر مخالف لكل الاتفاقيات الدولية التي تجمع بين البلدين.
في نظركم هل سيكون الاتفاق الحالي أكثر نجاعة ويحترم سيادة السلطتين القضائيتين في الرباط وباريس، وإن كان الأمر كذلك ما هي أهم ملامحه؟
في الواقع لا نعلم لحد الساعة تفاصيل ما قام به وزير العدل والحريات مصطفى الرميد خلال مفاوضاته مع نظيرته الفرنسية كريستيان توبيرا، ولا نملك إلا ما صرح به للصحافة المغربية وما تدوالته وسائل الإعلام الفرنسية والدولية بخصوص وجود حل لمثل هذا الإشكال الذي تحدثت عنه في ما سبق، وهو احترام الاختصاص القضائي للدولة التي يمكن أن يثار فيها ارتكاب جريمة من الجرائم.. وننتظر الاطلاع على تفاصيل ما اتخذته الحكومة في هذه النقطة.
هل من شأن هذا الاتفاق، الذي يأخذ بعين الاعتبار المبادئ الأساسية للعدالة، أن يساهم في مستقبل الأيام في تفادي خلق أزمة ديبلوماسية بين المغرب وفرنسا؟
شيء طبيعي أن يكون من شأن الاتفاق الجديد القاضي بتعديل اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا الذي وقعه نهاية الأسبوع الماضي وزير العدل والحريات مصطفى الرميد مع نظيرته الفرنسية كريستيان توبيرا، أن يحول دون تكرار ما وقع سابقا وحدوث أزمات سياسية وديبلوماسية بين البلدين، لسبب بسيط كون العلاقة بين المغرب وفرنسا علاقات تاريخية، واستراتيجية وثقافية، بل إنسانية أيضا للترابط العائلي الذي يجمع أسرا اختارت الزواج المختلط، فعدد من المغاربة يحملون الجنسية الفرنسية والعكس كذلك، لهذا ليس من مصلحة فرنسا أن تفقد شريكا استراتيجيا واقتصاديا وسياسيا وأمنيا كالمغرب، وأعتقد أن الحكومة ستكون قد استحضرت كل هذه الأولويات بالنسبة للمغرب.
بعد سنة من الأزمة يتم التوصل إلى اتفاق استئناف التعاون القضائي بين باريس والرباط. هل تأخر المغرب في إيجاد حل وأضاع كثيرا من الوقت. في نظركم من يتحمل مسؤولية التأخير؟
الخطأ في التأخير لا يعود إلى المغرب، فالرباط تقدمت بالعديد من المبادرات خلال السنة الماضية من أجل تصحيح الأخطاء التي سبق وارتكبت في السابق، وهي الأخطاء التي اعترف بها رئيس الدولة الفرنسية فراسوا هولاند و رئيس الحكومة الفرنسي مانويل فالس وأقر بها عدد من المسؤولين الفرنسيين وشخصيات برلمانية وسياسية، ومع ذلك بادر المغرب واقترح عدة إجراءات، وبذلك لا يمكن أن يعتبر المغرب هو المسؤول عن هذا التأخير.