مع أولى تباشير شمس اليوسفية من صباح يوم الأحد 28 دجنبر2014، تحول فضاء مؤسسة دار الشباب الأمل إلى قبلة لمختلف فعاليات الجسم السياسي والنقابي والجمعوي والإعلامي في أفق متابعة مضامين الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي ـ الاتحاد الإقليمي ـ للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، هذه المحطة التنظيمية التي اختارت لها اللجنة التحضيرية شعار: (نضال مستمر دفاعا عن الحقوق وصونا للمكتسبات)، حيث انطلقت الجلسة الافتتاحية بحضور عضو المكتب التنفيذي عبد المجيد العموري بوعزة الذي أكد على أن المشهد السياسي اختلطت فيه المفاهيم واختلت فيه العديد من التراكمات الإيجابية المنتزعة بفعل نضالات الشعب المغربي، دون أن يستقيم التوازن على مستوى الحوار الاجتماعي مع حكومة بنكيران التي وصفها بالحكومة الصماء والتي تتجاهل نداءات الأطراف النقابية الموقعة على المذكرة المطلبية الجماعية الشاملة والتي لا تقبل التجزيء دفاعا عن مكتسبات وحقوق الطبقة العاملة متوعدا، الحكومة، بالتصعيد والاحتجاج كخيار أساسي حيث ذكر بقرارات المجلس الوطني الكونفدرالي الذي انعقد يوم 27 دجنبر من السنة الجارية والذي فوض للمكتب التنفيذي بأن يتخذ كل القرارات التصعيدية الجريئة والصيغ النضالية غير المسبوقة لإيقاف عبث حكومة بن كيران.
وقد وقف عضو المكتب التنفيذي عبد المجيد العموري من خلال عرضه المتميز والذي تابعته كل الفعاليات المهتمة بالحقل السياسي والنقابي والجمعوي على اعتبار أن مساحة التواصل التي وفرتها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كانت مساحة لفضح كل الممارسات الخفية التي تعاكس مطالب الشغيلة حيث أن الحكومة تريد أن توهم الرأي العام على أن ملف التقاعد هو النقطة الأساسية والخلافية التي تركز عليها النقابات في ملفها المطلبي في حين أن هناك عشرة نقط أساسية لا يمكن تجزيئها (تحسين الدخل والأجور والتعويضات/ تنفيد بنود اتفاق 26 ابريل2011/ حماية الحريات النقابية وإلغاء الفصل288/ التصديق على اتفاقيات رقم 87 لمنضمة العمل الدولية/ تبني مقاربة تشاركية في ملف التقاعد/ تخفيض الضغط الضريبي عن الأجور/ الزيادة في معاشات التقاعد/ فتح مفاوضات قطاعية/ احترام القوانين الاجتماعية وفي مقدمتها مدونة الشغل/ تطوير الحماية الاجتماعية)، مع العلم أن ملف التقاعد قد تناولته المركزية النقابية من خلال إشكالية الإصلاح العمومي والشمولي بمقاربة تشاركية تعتمد الرؤية والمواقف والاقتراحات.
بدوره اختار عضو اللجنة التحضيرية لهذه المحطة التنظيمية أحمد الهاريوي أن يستحضر مسار الفعل النضالي الكونفدرالي بمدينة الفوسفاط، من خلال، قراءة متأنية في تاريخ النقابة والنبش في ذاكرتها وارتباطها بهموم الجماهير الكادحة منذ فترة التأسيس مذكرا بالعديد من الوجوه النقابية التي كانت مفخرة للنضال السياسي والنقابي والاجتماعي، عارجا على مجموعة من المحطات النضالية منذ الإضراب والاعتصام البطولي للشغيلة الفوسفاطية سنة 1986، مرورا بالنضالات القطاعية الموازية مع مطالب كل الفئات الاجتماعية والدفاع عن حقوق المواطنين وإسماع صوتهم على مستوى تدبير الشأن المحلي والانتصار لقضاياهم في الصحة والتعليم والشغل... وتناول في كلمته باسم اللجنة التحضيرية انخراط الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في أوراش اجتماعية وبيئية باليوسفية علاوة على الانخراط الوازن لفعالياتها المناضلة في المطالبة بإطلاق سراح الكاتب العام محمد نوبير الأموي الذي تعرض للاعتقال بعد فتحه لملفات الحكومة على مستوى جريدة "إلباييس"، بالإضافة إلى استحضار البعد القومي من خلال موقف النقابة من حرب الخليج وتضامنها مع الشعب العراقي، فعلا لقد ألهبت كلمة اللجنة التحضيرية مشاعر ووجدان كل الحضور الذي تجاوب معها بالشعارات بعد استكشاف عمق التضامن واللحمة الاجتماعية من خلال العديد من المحطات بين كل المناضلين وتغريدهم بصوت موحد تحت سقف واحد.
وقد برهن الكونفدراليون والكونفدراليات على علو كعبهم على مستوى إنجاح محطة المؤتمر التأسيسي بعد أن تمكنت كل التنظيمات النقابية القطاعية المتواجدة على مستوى رقعة إقليم اليوسفية من الظفر بتمثيلية وازنة بعد تشغيل آليات الديمقراطية التمثيلية ومفهوم مقاربة النوع، حيث أفرزت مكتبا إقليميا يضم كل القطاعات(التعليم/ الماء والكهرباء/ فوسفاط/ جماعات محلية/ صحة/.....). هذا واعتبرت الإطارات النقابية الممثلة بالمكتب الإقليمي أنها على أتم الاستعداد لترجمة كل قرارات المركزية النقابية على مستوى أرض الواقع والانخراط الوازن في التعبئة النقابية والتواصل الإيجابي مع كل الفرقاء الذين تتقاطع معهم الكونفدرالية على مستوى الأهداف.
هذا وقد عقد الكاتب العام للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط خالد لهوير العلمي لقائين متميزين على مستوى التواصل والانفتاح وشرح الكثير من المواقف والمكتسبات وآفاق العمل المرتبطة بالمفاوضات والملف المطلبي في شموليته وفق النظرة الثاقبة للنقابة حيث كان اللقاء الأول مع شغيلة التعليم، نساء ورجالا، العاملة بمعهد الترقية الاجتماعية والتربوية (IPSE) سواء بمدينة بن جرير أو اليوسفية هذه الفئة التي أبرزت من خلال اللقاء مجموعة من المطالب التي تتطلع إلى ترجمتها ضمن أجندت الملف المطلبي سواء على المستوى المحلي أو الوطني معتبرة أن البيت الكونفدرالي هو الحصن المنيع لصون المكتسبات والدفاع عن الحقوق.
وبخصوص اللقاء الثاني مع شغيلة سوتريغ الذين واكبوا فعاليات المؤتمر التأسيسي منذ الساعات الأولى وسجلوا حضورهم وارتباطهم ووحدتهم النقابية على مستوى جهة الكنتور(اليوسفية/ بن جرير)، فقد كان لقاء حميميا امتزج فيه الفرح والأفق الجميل بعد أن زف الكاتب العام خبر إدماجهم ضمن المجمع الشريف للفوسفاط، موضحا لهم العديد من النقط وشارحا استفساراتهم المتعلقة بمستقبلهم المهني بقطاع الفوسفاط، مما يبرهن على جدية الالتحاقات المتتالية بالكونفدرالية بشكل جماعي طيلة يوم المؤتمر التأسيسي (تعليم/ فوسفاط).
ومن أقوى اللحظات التي تفاعل معها الحضور المكثف للفعاليات، اللحظة التي فتحت فيها ذاكرة المناضلين النقابيين بالمنطقة بعد استحضار ماضي المؤسسين من الجيل النقابي المؤسس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل وتاريخ وأمجاد التضحيات الجسام في سبيل وضع قاطرة النقابة على سكتها الحقيقية، وهي اللحظة التي توجت فيها النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط في شخص الكاتب العام خالد العلمي، حيث تم تقديم لوحة كتبت بمداد الفخر والانتماء لضفة الطبقة العاملة في صيغة شهادة شكر وامتنان من طرف عائلة الراحل النقابي السي أحمد حب لملوك بعد أن تحملت رفيقة دربه أمي فاطمة عناء الحضور وإلغاء التزاماتها الاجتماعية رفقة العائلة لاستحضار مناقب الرجل وثلة من رفاق الدرب النضالي... كانت لحظة اشرأبت لها الأعناق واقشعرت لها الأبدان، لأنها لحظة الصدق والوفاء والاعتراف.