في هذا الحوار مع محمد السباعي، الخبير في حقوق الإنسان، يتناول فاجعة انهيار عمارتين سكنيتين بحي المسيرة الشعبي في فاس، والتي خلّفت عدداً من الضحايا والجرحى وأعادت إلى الواجهة سؤال أمن السكن وسلامة الأرواح في الأحياء الهشة.
كما يطرح الحوار أجندة عملية لما بعد الفاجعة، تشمل التحقيق التقني والقضائي، جرد المباني المهددة، ضمان الإيواء المؤقت للمتضررين، وتكريس نهج استباقي يقوم على “صفر تسامح” مع كل ما يهدد الحق في السكن اللائق والحياة الآمنة.
كما يطرح الحوار أجندة عملية لما بعد الفاجعة، تشمل التحقيق التقني والقضائي، جرد المباني المهددة، ضمان الإيواء المؤقت للمتضررين، وتكريس نهج استباقي يقوم على “صفر تسامح” مع كل ما يهدد الحق في السكن اللائق والحياة الآمنة.
كيف تقيّمون حادث انهيار العمارتين بحي المسيرة في فاس؟
- ما وقع مساء التاسع من دجنبر 2025 بحي المسيرة بفاس ليس مجرد حادث عرضي أو مأساة عابرة. نحن أمام فاجعة بكل المقاييس، تعيد إلى الواجهة سؤال أمن السكن وسلامة الأرواح في المدن المغربية، خصوصاً بالأحياء الهامشية. الحصيلة كانت ثقيلة: وفاة 22 شخصاً وجرح 17 آخرين، بينما لا تزال عمليات الإنقاذ متواصلة بحثاً عن ناجين محتملين.
هناك من يرى أن انهيار المباني القديمة أمر “فجائي”، هل تتفقون مع هذا الطرح؟
- لا أرى أن الأمر مفاجئ تماما، القانون 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط، وضع تعريفا واضحا للبناء المهدّد بالانهيار وحدّد إجراءات وقائية صارمة. أي أن الخطر كان متوقعا قانونيا ومهنيا، والمطلوب هو التفعيل المسبق لهذه المساطر قبل وقوع الكارثة، لا بعدها.
من يتحمل المسؤولية في نهاية المطاف عن هذه الفاجعة؟
- المسؤولية هنا مشتركة ومركّبة:
المالك أو من يسهر على تدبير المبنى يتحمل الصيانة والمتانة.
في حالة الملك المشترك، فإن اتحاد الملاك مسؤول عن الأجزاء المشتركة.
الإدارات العمومية مسؤولة عن مبانيها الخاصة.
أما المهندسون والمقاولون فيسألون مهنيا بموجب “المسؤولية العشرية”.
هناك أيضا لجنة إقليمية للمباني الآيلة للسقوط، تضم ممثلين عن العمالة والجماعة والوكالة الحضرية ومصالح السكنى، وهي مكلفة بتحديد مناطق الخطر وإعداد لوائح ومراقبة الميدان.
السؤال المطروح اليوم: هل كانت عمارات المسيرة مدرجة في تلك اللوائح؟ وهل جرى التنبيه قبل الانهيار؟
تحدثتم عن “المسطرة الاستعجالية” في القانون. كيف تعمل هذه المسطرة؟ ولماذا تُعدّ حاسمة؟
- القانون يميز بين مسطرة عادية وأخرى استعجالية.
العادية تُفعَّل عندما يكون الخطر غير داهم، ويتم تحديد أجل للمعالجة.
الاستعجالية تطبَّق عندما يتهدد الخطر حياة الناس فورا، فتُصدر السلطات أوامر بالإخلاء أو التدعيم أو الهدم في ظرف وجيز، قد لا يتجاوز 48 ساعة في بعض الحالات.
يسمح القانون أيضا بتسخير القوة العمومية ويوجب توفير سكن مؤقت للأسر المتضررة. السؤال الجوهري الآن: هل استُعملت هذه المسطرة في حي المسيرة في الوقت المناسب؟ أم أن تدخل السلطات تأخر إلى أن سبقتها الكارثة؟
ما الذي يجعل الأحياء الشعبية كحي المسيرة أكثر عرضة لمثل هذه الكوارث؟
- الأمر يرتبط بهشاشتين اثنتين: عمرانية واجتماعية. هذه الأحياء تحتوي على بنايات قديمة أو شُيّدت في ظروف تقنية غير سليمة، مع توسع عمراني سريع وكثافة سكانية مرتفعة وضعف في البنية التحتية. كل طابق يُضاف دون دراسة هندسية يزيد من خطر الانهيار، وكل غياب للمراقبة يجعل الكارثة مسألة وقت لا أكثر.
في ضوء الوضع الحالي، ما الخطوات العاجلة التي يجب اتخاذها لتفادي تكرار مثل هذه الفواجع؟
- هناك حزمة من الإجراءات المستعجلة، من بينها:
فتح تحقيق تقني وقضائي شفاف لتحديد المسؤوليات.
تشخيص الأسباب التقنية بدقة، من الأساسات إلى مواد البناء.
نشر نتائج الخبرة للرأي العام لضمان الثقة والمساءلة.
تفعيل اللجنة الإقليمية لإعداد جرد شامل للمباني الآيلة للسقوط.
توفير سكن مؤقت ولائق للأسر التي تُجبر على مغادرة مساكنها.
تطبيق الجزاءات القانونية على كل من يهمل الصيانة أو يستغل هشاشة السكان بطرق غير قانونية.
- هناك حزمة من الإجراءات المستعجلة، من بينها:
فتح تحقيق تقني وقضائي شفاف لتحديد المسؤوليات.
تشخيص الأسباب التقنية بدقة، من الأساسات إلى مواد البناء.
نشر نتائج الخبرة للرأي العام لضمان الثقة والمساءلة.
تفعيل اللجنة الإقليمية لإعداد جرد شامل للمباني الآيلة للسقوط.
توفير سكن مؤقت ولائق للأسر التي تُجبر على مغادرة مساكنها.
تطبيق الجزاءات القانونية على كل من يهمل الصيانة أو يستغل هشاشة السكان بطرق غير قانونية.
في الختام، ما الرسالة التي توجهونها بعد فاجعة المسيرة؟
- لاتحتاج فاس فقط إلى رفع الأنقاض، بل إلى ورشة ثقة حقيقية بين المواطن والمؤسسات. يجب أن ننتقل من ردّ الفعل بعد الكوارث إلى الفعل الاستباقي، ومن التساهل مع المخالفة إلى سياسة “صفر تسامح” مع ما يهدد الأرواح. فاس تستحق أن تتعلم من جراحها… لا أن تكررها.