أثارت الدبلوماسية الجزائرية مجددا الدفاع عن فكرة الحدود الموروثة عن الاستعمار لكن هذه المرة مع الحليف التقليدي الذي ساندها طيلة تواجدها منذ 1962وإلى اليوم
الحدود الموروثة عن الاستعمار الشماعة التي يتشبت بها حكام قصر المرادية والتي أثيرت مع روسيا صديقة الأمس أثيرت بمناسبة دفاع روسيا عن الأراضي المالية التي ضمتها فرنسا واقتطعتها من الطوارق لتضمها إلى الجزائر الفرنسية اعتقادا منها أنها لن تغادر.
الفرنسيون الذين أحتلوا الجزائر منذ 1830 لم يغادروا حتى تركوا للحكام بهذا البلد هدية مسمومة ملغمة اعتبرها بن بلة في تصريح له في بداية الاستقلال هدية فرنسية من السماء
هذه الهدية المسمومة كانت هي التي أشعلت فتيل حرب أكتوبر1963 والتي بدأتها الجزائر خلافا لما تروج له آلتها الدعائية من أن المغرب هو من أشعلها فقالوا شعارهم المكذوب عليه المراركة حگرونا وهي سبب الأزمة والعداء المنقطع النظير الذي تكنه الدولة والجيش الجزائري للمغرب منذ استقلالها وإلى اليوم ما يروج له الحكام بهذه الدولة أن بلدهم عبارة عن قارة ويتباهون بمساحتها التي تتجاوز أكثر من مليونين وثلاث مائة ألف كم مربع.
لكن هذا التباهي وهذا الافتخار ينسى أن الجزائر تجاور ست دول وأن حدودها البرية المشتركة مع هذه الدول يتجاوز ستة آلاف كلم يصعب على أي قوة إقليمية أن تضمن سلامتها
المعطى الأكثر أهمية في قضية الحدود هي أن الجزائر نجحت في إشعال أزمات مع الجوار وهي أزمات لا شك أنها ستلقي بضلالها على مصير الجزائر.
فرنسا التي اقتطعت هذه المساحة من دول الجوار لم تأخذ بعين الاعتبار ما نبه إليه الروس في مسالة الأراضي المالية التي يعيش وكان يعيش فيها الطوارق، وهو ملف حارق بكل ما في الكلمة من معنى اعتقدت الجزائر أنها ستتجنب مشكلة الأراضي المالية وركزت على المغرب الذي لم يطالب بأراضيه لكنه في نفس الوقت لم يتنازل عنها لا شعبيا ولا دبلوماسيا ولا سياسيا.
ليس لأن المغرب لا يملك من الأدلة ما يجعلها تتنازل عنها بقوة القانون الدولي المقضي به لكن لأن المغرب يريد الانتهاء من مشكلة الوحدة الترابية التي تشمل جنوب طرفاية أو الصحراء الاطلنتيكية قبل فتح جبهة تندوف وتوات وبشار.
حين أسست فرنسا الجزائر وشكلت خريطتها الحالية لم تنتبه إلى مشكلة مهمة في حياة الدول وهي مبدأ التجانس البشري والإثني والديني ،وهي قضايا مصيرية في تاريخ الشعوب
الجزائر بنت فكرة الدفاع عن هذه الأراضي على مبادئ وأفكار سياسية خادعة ومضللة.
أولاها أن هذه أراضي مات عليها الشهداء؟!؟!والحقيقة أن جميع شهداء حرب التحرير الجزائرية ماتوا في مناطق لا تنتمي إطلاقاً لا إلى تندوف ولا توات ولا بشار بل أغلبهم تعود جذوره الإثنية إلى الغرب الجزائري المحاذي لإقليم الناضور ووجدة وإلى المناطق المحاذية لتونس جهة تبسة أو ينتمون إلى منطقة القبائل والجزائر العاصمة وضواحيها.
ما لم تفكر فيه فرنسا وهي ترسم حدود الجزائر قضية التجانس الديني والاثنوغرافي الذي يجد نفسه في بنية بشرية كانت دوما تابعة للمذهب السني بالمغرب ولكم في الأهازيج التي يتغنى بها هؤلاء أحسن مثال على تبعيتها للإمبراطورية المغربية أو الاباضي التابع لليبيا أو النيجر ثم الاختلاف الكبير الذي يعد قنبلة موقوتة هي قضية العنصرية التي يكنها أهالي شمال الجزائر الشمالية لساكنة الواحات والمناطق المجاورة
مشكلة أخرى تعاني منها الجزائر وقد تكون السبب الذي سيعجل بنهاية دولة الجزائر هي قضية الأنفة الكذابة التي يقول البعض أنها ترمز إلى شجاعة وإقدام وهيبة كامنة في نفوس الشعب الجزائري وهي قضية ليست صحيحة بالمطلق ولوكانت هذه القضية صحيحة بالمطلق لما تعرضت الجزائر إلى كل أنواع الاحتلال بدءا من الفنيقيين والرومان والعرب والأتراك والإسبان والبرتغال والفرنسيين كل هذه الشعوب احتلت الجزائر أين هي هذه النفحة الكذابة وأين هذا الإقدام هناك شيء من عزة النفس عند أمازيغ المناطق المتوسطية ويتقاسمها هؤلاء مع أهالينا في الريف ومع ذلك فهذا الحكم القيمي ليس ثابتا بالشكل الذي يجعلها مؤشر ثابت يجنب هذه الدولة أزمات بنيوية تهدد الكيان الجزائري ووجوده بالمرة
هناك الكذب والمغالطات التي تروج لها الديماغوجية بهذا البلد وهي أكاذيب يتعجب من سماعها كل إنسان يملك توازنا عقليا
واخيراً وليس آخرا هي أن الدولة الجزائرية لم تحافظ على توازن علاقاتها مع الغير فلا هي بجوار هادئ مع الجيران ولا هي اعتمدت على حلفاء يصادقونها الالتزام فلا علاقاتها مع أمريكا منتجة ولا مع روسيا ولا مع الصين ولا مع من صنع خريطتها ناهيك عن تقلب علاقاتها مع إسبانيا والبرتغال وبريطانيا فهذه الدول تنظر اليها بنوع من الريبة وتنتظر الفرصة لتوزيعها إلى أربع أو خمس دول لتنتهي القارة الجزائرية إلى دويلات هجينة تتماشى مع منطق ما ترغب فيه الدول المتحكمة في العالم.