من بين الورشات التي استأثرت بمداخلات قيمة ونقاشا مهما في حقل الطفولة والشباب، في سياق المناظرة الوطنية للتخييم التي أطلقتها وزارة الثقافة والشباب والتواصل، والتي انعقدت يومي 12 و 13 نونبر 2025، هي الورشة الرابعة الموسومة بـ " تطوير البرنامج الوطني للتخييم...نحو رؤية مستقبلية محفزة وآمنة" حيث خصصت محورا في موضوع: "قراء استشرافية لنموذج تدبير مراكز التخييم في أفق الاستغلال الأمثل"، قدمها الإطار الشاب أيمن اليوسفي فردوس. ونظرا لأهمية ما جاء في هذا المحور من آليات تنظيمية رقمية ذات الصلة، تتقاسم مضمونه جريدة "أنفاس بريس" مع القراء إلى جانب الفعاليات الجمعوية والمهتمين والعاملين في ميدان التخييم.
سؤال تدبير مراكز التخييم:
أكد أيمن اليوسفي فردوس في ورقته على أن هذا الموضوع "يكتسي أهمية خاصة، لأنه يرتبط بتدبير منشآت تشكل القلب النابض للعملية التربوية الصيفية، وبما يضمن حسن استعمالها طيلة السنة، وفق رؤية منسجمة مع أهداف قطاع الشباب". وأوضح ذات المتدخل بأنه قد "لوحظ في السنوات الأخيرة تزايد الطلبات الموجهة إلى مديرية الشباب، قسم المخيمات، للاستفادة من مراكز التخييم، سواء من طرف الجمعيات والهيئات التربوية أو من قبل القطاعات الحكومية وغير الحكومية". حيث عجلت هذه الوضعية بـ "التفكير في وضع إطار منظم وواضح لتدبير هذه العملية، يضمن العدالة في الاستفادة، والشفافية في البرمجة، والتناسق مع أولويات القطاع".
وفي هذا السياق قدم الإطار فردوس أيمن اليوسفي مجموعة من الإجراءات التنظيمية كمقترحات للنقاش، يمكن تلخيصها في خمس نقاط رئيسية:
البوابة/ المنصة الرسمية توجّه جديد نحو عالم الرقمنة:
اعتبر المتدخل في هذا الصدد بأن مجال المخيمات القارة يعتبر المجال الذي يسجل أكبر حضور عددي داخل مراكز التخييم، مقارنة بالمجالات الأخرى للبرنامج الوطني للتخييم، وهو ما استدعى الاعتماد على البوابة الإلكترونية كأداة محورية في تنظيم عملية استفادة الجمعيات من مراكز التخييم التابعة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الشباب، في إطار المخيمات القارة.
وأوضح بأن البوابة المنصة الرسمية والحصرية هي التي تتيح للجمعيات المشاركة في العرض الوطني للتخييم، حيث تشترط الوزارة أن تكون كل جمعية مسجلة عبر البوابة ومشاركة في هذا العرض لكي تتمكن من الاستفادة من المراكز.
مراحل تسجيل الجمعيات ومشاركتها في عملية التخييم:
في هذا السياق شدد أيمن اليوسفي على أن عملية الاستفادة تمرّ بعدة مراحل منظمة تبدأ بـ "تسجيل الجمعية ومشاركتها في العرض الوطني عبر البوابة"، حيث تليها مرحلة "توزيع المراكز بناءً على معايير محددة، وحصص ممنوحة لكل جمعية، مع تحديد تواريخ ومراحل التخييم بدقة". وبعد ذلك، تتقدم الجمعية بطلب "رخصة القبول" عبر البوابة للحصول على الموافقة الرسمية لولوج مركز التخييم. مؤكدا على أن العملية تشمل أيضًا "تأمين المشاركين والتحقق من هوياتهم"، بالإضافة إلى "التدقيق في قانونية الاستفادة وصحة الوثائق المقدمة."
ولم يفت نفس المتدخل أن يؤكد على أن هذه الآلية عبر البوابة الإلكترونية، هي "القناة الوحيدة لضمان الشفافية والعدالة في توزيع المراكز، كما أنها تجسد التوجه الحديث للوزارة نحو الرقمنة وتبسيط الإجراءات". منبها في نفس الوقت إلى أنه "لا يُسمح لأي جمعية بالاستفادة من مراكز التخييم إلا عبر التسجيل والمتابعة الحصرية من خلال البوابة، مما يضمن تحقيق أعلى معايير التنظيم والمراقبة، ويكفل حقوق جميع الأطراف".
استفادة الجمعيات والمنظمات العاملة في حقل الطفولة والشباب:
من جهة أخرى أشار أيمن اليوسفي فردوس في ورقته إلى أن البرنامج الوطني للتخييم يفتح المجال أمام الجمعيات الوطنية والجهوية والمحلية للاستفادة من المراكز خارج الفترات الصيفية لتنظيم أنشطة موازية، مثل اللقاءات الإعدادية لموسم التخييم، واللقاءات التقييمية بعد الموسم، وورشات تقوية القدرات لفائدة الأطر.
وارتباطا بهذا الموضوع تم اقتراح تحديد برمجة زمنية لهذه الأنشطة على النحو التالي:
1 ـ اللقاءات الإعدادية خلال شهري ماي ويونيو.
2 ـ اللقاءات التقييمية خلال شهري أكتوبر ونونبر.
3 ـ لقاءات دعم القدرات خلال أكتوبر ونونبر ودجنبر.
هذه الآلية الرقمية تمكن من "إيداع الطلبات عبر البوابة الإلكترونية للبرنامج الوطني للتخييم، سواء من طرف الجمعيات الوطنية والمتعددة أو عبر المكاتب الجهوية بالنسبة للجمعيات المحلية، في إطار الجامعة الوطنية للتخييم. حيث تهدف هذه "الآلية الرقمية إلى تبسيط المساطر وضمان تكافؤ الفرص بين الجمعيات."
على مستوى استفادة المصالح اللاممركزة جهويا وإقليميا
وحسب نفس المحاضر فيمكن للمراكز أن تحتضن أيضا لقاءات داخلية ودورات تكوينية لفائدة الأطر الإدارية والتربوية. ولهذا الغرض، تم تنظيم المسطرة بنفس النهج، حيث يتم تقديم الطلب إلى المصالح الجهوية قبل 15 يوما من تاريخ النشاط، مرفقاً بالإطار العام والبرنامج ولائحة المشاركين. والهدف من ذلك هو "استغلال المراكز طيلة السنة في أنشطة مفيدة ترفع من كفاءة الموارد البشرية للقطاع" حسب نفس المتدخل.
على مستوى استفادة القطاعات الحكومية وغير الحكومية:
ولضمان حسن تدبير هذه الطلبات، قال نفس المتدخل أنه قد "تم تحديد مسطرة واضحة تقوم على تقديم الطلبات تحت إشراف المديريات الجهوية قبل الموعد المقترح بخمسة عشر يوما على الأقل". حيث يُشترط أن يتضمن الطلب كل المعطيات الضرورية، من بينها "الإطار العام للنشاط، واسم المسؤول عنه، وطبيعته وبرنامجه، ولائحة المستفيدين والمؤطرين، مع إبداء رأي المديرية الجهوية في النشاط قبل إحالته على المصلحة المركزية المكلفة بالمخيمات للترخيص النهائي". على اعتبار أن هذه المسطرة تهدف إلى "التخطيط المسبق وتفادي أي تداخل أو ضغط غير مبرمج على المراكز".
على مستوى الحالات الاستثنائية والعاجلة:
وعلى اعتبار أن هناك حالات طارئة تستدعي استعمال المراكز خارج البرمجة المعتادة، وفي هذه الحالات يُطلب من المسؤولين "الحرص على إخبار المصالح المعنية في أقرب الآجال لتأمين التدبير السليم دون المساس ببرمجة الأنشطة الأخرى".
وفي ختام مداخلته، شدد نفس المحاضر على أنه يمكن القول "أن تنظيم عملية الاستفادة من مراكز التخييم ليس مجرد إجراء إداري، بل هو اختيار استراتيجي لضمان نجاعة التدبير وحماية المرفق العمومي، بما يعزز الأدوار التربوية والاجتماعية لهذه الفضاءات" مؤكدا على. أن "حسن استعمال المراكز وفق معايير واضحة يترجم رؤيتنا المشتركة لتطوير منظومة التخييم وتجويد خدماتها، في انسجام تام مع توجهات الوزارة وشركائها في الجامعة الوطنية للتخييم."
على سبيل الختم:
وكانت الورقة التأطيرية للمناظرة الوطنية للتخييم قد أشارت إلى أن العالم يشهد اليوم، "تحولات بنيوية عميقة تمس منظومات التربية والتنشئة الاجتماعية نتيجة للتطورات التكنولوجية المتسارعة، والثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب التحديات البيئية والاجتماعية المتواترة". وشددت نفس الورقة على أن هذا الواقع، "يفرض على الجميع إعادة التفكير في تربية شمولية تراعي القيم الإنسانية والمهارات المستقبلية في آن واحد".
وأكدت الورقة التأطيرية للمناظرة الوطنية للتخييم، على أن الشباب "يعدّ ركيزة أساسية في بناء الحاضر وصناعة المستقبل، ومحورا مركزيا في كل مشروع مجتمعي يروم التنمية الشاملة والمستدامة." على اعتبار أن هذه الفئة "تمثل الطاقة الخلاقة القادرة على الإبداع والتجديد والمبادرة، كما تشكل المورد البشري الأهم الذي تراهن عليه الأمم من أجل تحقيق التقدّم والازدهار". فضلا على أن الاهتمام بقضاياها" لم يعد خيارا سياسيا أو اجتماعيا فحسب، بل أصبح ضرورة استراتيجية".
ومن المعلوم أن ذات المناظرة تهدف إلى تحديد التوجهات الكبرى في أفق إعداد الاستراتيجية الوطنية للتخييم 2026 / 2030 عبر حوار فكري ومؤسساتي بين كافة المتدخلين والشركاء حول البرنامج الوطني للتخييم. علاوة على أن أهدافها الخاصة تتمثل في ستة مفاتيح أساسية وهي كالتالي:
1 ـ قراءة في البرنامج الوطني للتخييم في ظل التقائية السياسات العمومية الموجهة للطفولة والشباب.
2 ـ التفكير في السبل الكفيلة بملاءمة مجالات وأنشطة البرنامج الوطني للتخييم مع خصوصيات الفئات المستهدفة ومتطلبات التحولات الاجتماعية.
3 ـ اقتراح نماذج مبتكرة للتمويل المستدام تراعي مبادئ العدالة المجالية والرفع من أعداد المستفيدين.
4 ـ اقتراح آليات تطوير منظومة التكوين وتأهيل الموارد البشرية المختصة.
5 ـ ترسيخ الحكامة عبر تعزيز الترسانة القانونية ودعم التحول الرقمي في التدبير والتتبع والتقييم لضمان النجاعة والاستدامة.
6 ـ البحث في سبل تعزيز الشراكات القائمة مع القطاع العام والخاص والمجتمع المدني والانفتاح على شركاء جدد.