في الحلقة الثانية من حلقات حصيلة تقارير الورشات التي تدارست سبل الإرتقاء بالخدمات الاجتماعية، والتي استخلصتها جريدة "أنفاس بريس" من خلال اللقاء التواصلي الذي دعا إليه عامل إقليم اليوسفية عبد المومن طالب يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025، والتي عرفت حضورا متميزا لأصوات صادقة من فاعليات المجتمع المدني مثلث مختلف تخوم مناطق الجماعات الترابية بالعالم القروي التي تعاني فعلا من الخصاص المهول على جميع المستويات.
وبطبيعة الحال فقد كان الهدف من هذا اللقاء هو وضع مشاريع برامج تنموية في إطار مقاربة تشاركية مع ممثلي المجتمع المدني، في أفق تغطية خريطة الإقليم برمته على مستوى الخصاص في مختلف الخدمات منها "الصحة"، مع استحضار آلية تكافؤ الفرص والعدالة المجالية، سواء على مستوى محور موضوع الماء، أو التعليم والصحة ثم التشغيل فضلا عن تدارس وضعية البنيات التحتية وتأهيلها.
وفي هذا الصدد قال عامل الإقليم في كلمته التوجيهية "إن هذا الاجتماع يشكل مناسبة للاستماع إلى آرائكم باعتباركم شريكا أساسيا في بلورة الرؤى التنموية، وتجسيد البعد التشاركي الذي تقوم عليه مختلف البرامج والمشاريع ذات البعد الترابي والاجتماعي"
عصارة تقرير ورشة الصحة:
كشفت ورشة الصحة مجموعة من الاختلالات على المستوى المحلي من أبرزها غياب الشراكة بين مسؤولي قطاع الصحة والجماعات الترابية. وسلط تقرير ذات الورشة الضوء على النقص الحاصل على مستوى التوزيع الجغرافي للمراكز الصحية، دون الحديث عن النقص الفظيع في الموارد البشرية بالمستشفى الإقليمي لالة حسناء في مختلف التخصصات الطبية والشبه الطبية أو على مستوى الممرضات والممرضين، مع تشديد التقرير على ضرورة تأهيل مختبر التحليلات الطبية ليشمل مختلف التحليلات الممكنة، علاوة عن النقص المسجل على مستوى الأدوية، والتجهيزات ذات الصلة بالصحة، مع التنبيه إلى عدم الاهتمام بالجانب البيئي وسط وبمحيط المستشفى، مما يستدعي التعجيل بخلق فضاءات خضراء، هذا وشدد التقرير على ضرورة إعادة النظر في الخريطة الصحية بإقليم اليوسفية، ومعالجة النقص الحاصل في الموارد المالية المرصودة للقطاع. مع تسجيل أهمية توطين مركز لتحاقن الدم.
ومن بين النقط التي تناولها تقرير ورشة الصحة، تلك المتعلقة بغياب أنشطة وبرامج صحية تبرمجها القوافل الطبية مثل ما يقع في العديد من الأقاليم المجاورة. وفي سياق متصل خرجت الورشة بعدة توصيات تتصل بالبنية التحتية واللوجيستيك والموارد البشرية.
على مستوى البنية التحتية بإقليم اليوسفية، فقد أوصى تقرير الورشة بضرورة الإسراع بتزويد بعض المراكز الصحية بالماء والكهرباء وخلق دار الولادة ـ جماعة جنان أبيه واللويحات نموذجا ـ والتخطيط لإحداث مراكز صحية جديدة بمختلف الجماعات الترابية القروية التي تعرف نقصا مهولا في الولوج للخدمات الصحية، مع تعزيزها بأسطول سيارات الإسعاف الضرورية، علاوة عن تعزيز المسالك والطرقات الرابطة بين التجمعات السكنية والمستوصفات الصحية، في أفق الاستجابة للمعايير الدولية، مع أهمية خلق وحدات صحية على مستوى المؤسسات التعليمية بشراكة مع قطاع التعليم وجمعيات المجتمع المدني. فضلا عن إحداث وحدات متنقلة لتقديم الخدمات الصحية ـ خدمة القرب ـ حيث وقف التقرير على أهمية خلق خلايا داخل المراكز الصحية تعنى بطب الإدمان والطب النفسي للشباب، وأنسنة المراكز الصحية.
ونظرا للنقص الحاصل على مستوى الخدمات الطبية والعلاجية بمدينة الشماعية عاصمة قبيلة أحمر، فقد طالب تقرير ورشة الصحة بضرورة خلق مركز متعدد التخصصات مع تشجيع وتحفيز الاستثمار في القطاع الخاص، وإحداث مركز تحاقن الدم. في سياق آخر شدد التقرير على ضرورة إنشاء دار الإيواء لفائدة المرتفقين بمدينة مراكش.
ولم يفت تقرير ورشة الصحة أن يطالب بمجانية سيارات الإسعاف المجهزة بالضروريات، وتوفير اللوازم الطبية بكل المراكز الصحية على مستوى إقليم اليوسفية، والاستثمار في اقتناء التجهيزات والمعدات الطبية الحديثة، ووضع آلية شفافة لإدارة المخزون الطبي من أدوية والمواد الأولية للإسعاف. وإدخال التكنولوجيا الرقمية في تتبع اللوجيستيك الصحي، مع توفير أنظمة تتبع الشُّحْنَات والمخزون الخاص بالأدوية والتجهيزات الطبية. والإشتغال على قواعد بيانات لربط المستودعات بالمرافق الصحية، والتشديد على ضرورة توفير جرعات التلقيح بالمستوصفات المؤهلة لذلك، مع تعزيزها بسيارات الإسعاف لتغطية النقص الحاصل في هذا المجال.
وطالب التقرير بأهمية القوافل الطبية بانتظام، مع توفير اللوجيستيك الخاص بالحملات الطبية، والوحدات المتنقلة لطب العيون وطب التنفس وطب الأسنان والتوليد وطب النساء. وأشار تقرير ورشة الصحة إلى أهمية توفير سيارات الإسعاف بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، ووحدات متنقلة للطب النفسي مع أهمية توفير الأدوية للمستفيدين من هذه المؤسسات الاجتماعية.
وللرفع من مردودية الأطر الطبية والتمريضية فقد شدد التقرير على ضرورة التحفيز المادي لكل الفئات العاملة بالقطاع. مع أهمية التعجيل بتعزيز الموارد البشرية من خلال توفير الأطر الطبية في مختلف التخصصات وخصوصا على مستوى المستشفى الإقليمي لالة حسناء، مع توفير الشروط الموضوعية وسط مرافق الإشتغال والأقسام الصحية والإدارية، وتقديم العناية اللازمة للأطر الطبية والصحية.
ومن بين الاقتراحات التي وردت في تقرير ورشة الصحة، انخراط المجتمع المدني في الجانب المرتبط بالتوعية والتحسيس والتأطير، مع ضرورة تفعيل دورية وزير الصحة والحماية الاجتماعية ووزير الداخلية المتعلقة بإعداد وتنفيذ ميزانية الجماعات الترابية برسم سنة 2026 ذات الصلة بتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية والرعاية الصحية.