قال عبد القادر أعمارة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن آلية تعديل الكربون على الحدود الأوروبية(MACF)تُعد إحدى الأدوات الرئيسية المعتمدة في إطار الميثاق الأخضر الأوروبي، وقد تم إعدادها في انسجام مع نظام تداول حصص الانبعاثات في مرحلته الأولى(SEQE1- système d'échange européen de quotas d'émission de l'UE)، المعمول به داخل حدود الاتحاد الأوروبي منذ سنة 2005.
وأبرز في كلمة له اليوم الأربعاء 24 شتنبر 2025 خلال اللقاء التواصلي لتقديم مخرجات رأي المجلس حول موضوع:" آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الأوروبي وتأثيرها على الصادرات المغربية "، بأن المغرب انخرط منذ سنوات في تنزيل سياسات طموحة في مجالات البيئة والطاقة والصناعة، تهدف إلى تطوير صناعة منخفضة الكربون، وتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة، من أجل بلوغ الحياد الكربوني في أفق سنة 2050، ويرتكز هذا التوجه، على وجه الخصوص، على الاستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون، في شِقَّيهَا الكَيفي والكَمي، التي تتضمن تدابير استباقية من شأنها مواكبة آلية تعديل الكربون على الحدود الأوروبية، والتخفيف من آثارها على الصناعات المصدّرة. كما تؤكد هذه الاستراتيجية على الإرساء التدريجي لضريبة وطنية على الكربون، وعلى تطوير سوق وطنية للكربون بما يتوافق مع المعايير الدولية.
وبالموازاة مع ذلك، يضيف المتحدث ذاته بأن السلطات العمومية بادرت منذ الإعلان عن هذه الآلية سنة 2023، إلى إطلاق سلسلة من المبادرات والمشاريع الرامية إلى مواكبة الصناعيين في تكييف صادراتهم مع المتطلبات التقنية والبيئية الجديدة.
وأمام أهمية هذه الجهود المبذولة على المستويين الاستراتيجي والإجرائي، يلاحظ، حسب إفادات الفاعلين الذين تم الإنصات إليهم، أنه ما تزالُ هناك تحديات رئيسية، ينبغي رفعها، لضمان تكيف النسيج الصناعي الوطني على النحو الأمثل مع متطلبات هذه الآلية، ذلك أنّ عدداً من الأوراش المُهيكلة المرتبطة بالانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون،من قبيل توسيع نطاق الولوج إلى الكهرباء المولَّدة من مصادر متجددة، لاسيما على مستوى الجهد المتوسط، وتقليص الاعتماد على الطاقات الأحفورية ذات الانبعاثات المرتفعة، لاتزال في حاجة إلى تسريع وتيرة تنفيذها بما ينسجم مع متطلبات التنافسية التي تفرضها الآلية المذكورة.
وشدد على أنّ كلفة تحديث أدوات الإنتاج لدمج حلول منخفضة الكربون، ما تزال مرتفعة حسب الصناعيين الوطنيين، وخاصة بالنسبة إلى المقاولات الصغيرة والمتوسطة، فيما لازالت هناك تحديات متعلقة بالخصاص المسجل في الموارد البشرية والخبرات التقنية المتخصصة في مجال تحديد انبعاثات الغازات الدفيئة وفق المعايير الأوروبية.
وأفاد اعمارة حسب السلطات الأوروبية، تروم هذه الآلية الجديدة،التي ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من يناير 2026،الحدّ من مخاطر تسرب الكربون (fuite de carbone- carbonleakage) ، وضمان تكافؤ شروط المنافسة بين الصناعيين الأوروبيين ونظرائهم في البلدان الشريكة من خارج الاتحاد، بحيث من المقرر أن تستهدف في مرحلة أولىالقطاعات الأكثر إصداراً للانبعاثات، وتشمل أساساً: الصلب، الألومنيوم، الإسمنت، الأسمدة الآزوتية، الهيدروجين، والكهرباء.
وبموجب هذه الآلية، يضيف المتحدث ذاته ستتحمّل الصادرات الموجهة إلى السوق الأوروبية كلفة الانبعاثات الناجمة عن إنتاجها، وذلك على نحو مماثل للتحملات المالية والتقنية التي يخضع لها الصناعيون الأوروبيون في إطار نظام تداول حصص الانبعاثات، وهو ما يعتبره بعض الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي"حاجزاً جمركيا كربونيا"أمام الولوج إلى السوق الأوروبية، أكثر منه أداة بيئية يروم بلوغ الحياد الكربوني.