Tuesday 16 September 2025
مجتمع

سوء تدبير يولد غضبا واحتقانا بسبب نتائج الحركة الانتقالية الوطنية لأطر هيئة التفتيش

سوء تدبير يولد غضبا واحتقانا بسبب نتائج الحركة الانتقالية الوطنية لأطر هيئة التفتيش وزير التربية الوطنية سعد برادة

العشوائية والارتجال يطبعان الحركة الانتقالية لهيئة التأطير والمراقبة والتفتيش لسنة 2025، حيث أثار الإعلان عن نتائج هذه الحركة موجة استياء عارمة في صفوف عدد من أطر الهيئة، بعدما شابت هذه العملية خروقات وصفها المتضررون بالخطيرة وغير المسبوقة، في ظل ما اعتبروه تدبيراً عشوائياً من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.

وفي هذا الصدد، عبر الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لمفتشات ومفتشي التعليم بالمغرب المنضوية تحت الجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل، عادل بهوش، عن استنكاره الشديد للاختلالات التي شابت نتائج الحركة الانتقالية. وأعرب بهوش في تصريح خاص عن "مساندة النقابة الوطنية لمفتشات ومفتشي التعليم بالمغرب لكل ضحايا الحركة الانتقالية العرجاء" و"امتعاضه من استمرار إرضاء بعض الأطراف النقابية ضدا على الاستحقاق والموضوعية والمساواة"، مشدداً على ضرورة "إنصاف الطعون المقدمة قبل تعيين الخريجين الجدد وقبل إجراء الحركات الانتقالية الجهوية".

هذا الموقف لم يكن مفاجئاً، إذ سبق للنقابة أن عبرت عن مواقف مماثلة في بيانها الصادر بمناسبة الحركة الانتقالية للسنة الفارط، حيث أعربت عن:

- "امتعاضها من الاختلالات التي شابت تدبير ملف الحركة الانتقالية الخاصة بهيئة التأطير والتفتيش والمراقبة والتقييم بمختلف تخصصاتها ومجالاتها، في تغييب تام لمبادئ المساواة والعدل والإنصاف والموضوعية والشفافية، مقابل سيادة الغموض وانتقائية المعايير وعشوائية التدبير"

- "استنكارها الشديد للنتائج الهزيلة التي أسفرت عنها الحركة الانتقالية خاصة ما تعلق منها بمفتشي الشؤون المالية ومفتشي التوجيه والتخطيط التربويين"

- "تحذيرها من إمكانية التلاعب بالمناصب الشاغرة التي لم تتم الاستجابة إلى طلبات أصحابها وذلك بحجزها مسبقا لفئات أخرى عبر طرق ملتوية".

وأضاف القيادي النقابي أنه من مظاهر سوء التسيير ان يعمد المسؤول عن تدبير الحركة بالوزارة إلى خلق الخصاص في بعض المديريات مقابل فائض غير مبرر في أخرى بينما لا يتم تلبية بعض الطلبات دون سبب وجيه رغم كونها تسد خصاصا واضحا للعيان.

مرة أخرى، وجد أطر الهيئة أنفسهم ضحايا سياسة عشوائية وارتجالية في تدبير الحركة الانتقالية لسنة 2025، حيث أقدمت الوزارة على إعلان نتائج مطبوعة بالخروقات والتجاوزات الصارخة، متجاهلة المقتضيات الواضحة للمذكرة الوزارية ذات الصلة. وقد تفاقم الاستياء بسبب التأخير الكبير في الإعلان عن النتائج، مما سبب قلقاً وإرباكاً للمترشحين الذين ظلوا ينتظرون تحديد مصيرهم الوظيفي لفترة طويلة.

ومن بين أبرز مظاهر الاختلالات التي تم رصدها، تجاهل الوزارة لمبدأ أولوية إسناد المناصب لطلبات الالتحاق بالأزواج، وهو ما نصت عليه المذكرة الوزارية بشكل صريح. وبدلاً من ذلك، تمت تلبية طلبات عادية على حساب حقوق أصحاب الملفات العائلية والاجتماعية، في تجاهل تام للظروف الإنسانية والاستقرار الأسري.

كما شابت العملية أخطاء جسيمة في احتساب النقط، حيث تمتع البعض من فئة مفتشي الشؤون المالية المكلفين بالتسيير المادي والمالي بنقط أقدمية لا تعكس واقع وضعيتهم المهنية، نظراً لأن هذه الفئة لم يسبق لها ممارسة مهام التفتيش بالمناطق التربوية. وقد مثل هذا الاحتساب المخالف خرقاً سافراً لقواعد الشفافية وتكافؤ الفرص، وزاد من غموض معايير الترشيح والاختيار الذي طبع العملية برمتها.

وكشفت النتائج أيضاً عن فضيحة غير مسبوقة تمثلت في الاستفادة المزدوجة لبعض الأطر من حركتين انتقاليتين مختلفتين في الوقت نفسه، حيث ظهرت أسماء بعض المفتشين في نتائج حركة مسيري المصالح المادية والمالية ثم ظهرت مرة أخرى في حركة هيئة التفتيش والتأطير والمراقبة، مما أثار تساؤلات حول نزاهة النتائج وموضوعية آلية التقييم.

ولم تقتصر الاختلالات على ذلك، بل عانت المنصة الإلكترونية من مشاكل تقنية أعاقت عملية التسجيل والتقديم، حيث واجه العديد من المستخدمين صعوبات في تحميل الوثائق أو الوصول إلى النظام، مما أثر على فرص بعض المترشحين بشكل مباشر.

وأمام هذه الممارسات، بادر العديد من المتضررين إلى تقديم طعون رسمية، معتبرين أن ما جرى يمثل ضرباً صارخاً لمصداقية الحركة الانتقالية. وقد عبرت النقابة الوطنية لمفتشات ومفتشي التعليم بالمغرب عن استيائها من هذه الاختلالات وطالبت بمراجعة عاجلة للنتائج واستعدادها الاحتجاج ضد استمرار هذا الظلم البين، بينما نشر العديد من الأطر شكاويهم على منصات التواصل الاجتماعي مطالبين بالعدالة والشفافية.

ويرى متتبعون أن ما حدث هذا العام يكشف عن غياب الحكامة الجيدة ومنطق الاستحقاق داخل منظومة الحركات الانتقالية، ما يهدد الثقة في المؤسسات ويفتح الباب أمام الإحباط وفقدان الثقة. ويؤكد هؤلاء أن تجاوز هذه الاختلالات يقتضي إصلاحاً شاملاً لآليات تدبير الحركة الانتقالية، بما يضمن حقوق نساء ورجال التعليم ويحميهم من مظاهر العشوائية والارتجال، مع ضرورة التعاطي مع التظلمات بروح من الشفافية والإنصاف والجدية لاستعادة الثقة في النظام التربوي.