تقع صخرة إيموران على شاطئ يبعد حوالي أربعة عشر كيلومترا شمال أكادير، بمحاذاة بلدة تمراغت، وهي كتلة صخرية بارزة داخل البحر، يتجاوز طولها خمسين مترا، وتعرف محليا بكونها مكانا يرتبط بمعتقدات قديمة تتعلق بالزواج والحظ.
وفق زيارة للموقع، يروي السكان أن العازبات يتوجهن إليها منذ عقود طويلة في طقس سنوي متوارث، أملا في أن تفتح لهن أبواب النصيب.
تُمارس عند الصخرة طقوس يطلق عليها الأهالي اسم "التلقيف"، حيث تدخل الفتيات إلى الكهف الصخري المعروف محليا بـ"تامسوفت"، وينتظرن أن تتلقفهن سبع موجات متتالية. هذا الاعتقاد السائد أن من تصيبها هذه الأمواج تُرزق بخطّاب أو زواج قريب، بعضهن يكتفين بالاغتسال بماء البحر أو بالطواف حول الصخرة، فيما تضع أخريات خيوطاً أو حجارة صغيرة كنذور رمزية.
خلال أيام الموسم مع خلول شدبداية شتنبر 2025، يتحول المكان إلى فضاء شعبي يجتمع فيه المئات، حيث تقام أسواق صغيرة، وتنتعش حركة البيع والشراء، إلى جانب أجواء فرجوية.
في شهادات نساء من المنطقة، تقول فاطمة، وهي سيدة خمسينية من بلدة تمراغت، إنها زارت الصخرة وهي شابة رفقة قريباتها، مضيفة: "كنّا نؤمن أن البحر يسمع دعاءنا عند الصخرة، حتى لو لم يتحقق الزواج سريعاً كان ذلك يعطينا أملا".
وتؤكد جليلة، وهي شابة من أكادير أن زيارتها للمكان في السنوات الأخيرة كانت بدافع الفضول أكثر من الإيمان، معتبرة أن الطقس أصبح تجربة ثقافية واحتفاء بالذاكرة الجماعية أكثر من كونه معتقدا روحيا صرفا.
يروي الباحثون في التراث الأمازيغي أن هذه الممارسة ليست غريبة عن تقاليد سوس، حيث ارتبطت المعالم الطبيعية قديما بالخصوبة وبالرزق. ويشير بعضهم إلى أن البحر والصخور كانا دائما رمزين للقوة والحياة، وهو ما يفسر استمرار الاعتقاد في بركة صخرة إيموران.
وفي هذا الصدد يقر الباحث احمد أزضوض، إلى أن حضور النساء القوي في هذا الطقس يعكس الجانب الاجتماعي والرمزي، إذ يشكل مناسبة للتضامن والتلاقي، وفرصة للتخفيف من الضغط الاجتماعي المرتبط بالزواج.
ولا تقتصر شهرة الصخرة على بعدها الأسطوري، بل صارت أيضا وجهة سياحية وفضاء مفضلا لراكبي الأمواج الذين يعرفونها باسم "صخرة الشيطان". ففي أيام الموسم تختلط الزائرات الباحثات عن الحظ بالسياح والمصورين والمتفرجين، ليتحوّل المكان إلى نقطة التقاء بين التراث والأنشطة الحديثة. كما توجد في محيط الصخرة بقايا أثرية يُعتقد أنها تعود إلى حصون قديمة ربما بناها البرتغاليون في القرن السادس عشر، مما يضيف طبقة تاريخية إلى بعدها الأسطوري.
بين من يعتبر الطقوس ضربا من الخرافة التي لم تعد تناسب زمن الحداثة، ومن يراها جزءا من الهوية الثقافية اللامادية، تواصل صخرة إيموران جذب الزوار كل عام. فهي بالنسبة للبعض مجرّد منظر طبيعي أخّاذ على ضفاف الأطلسي، وبالنسبة لآخرين مكان مُحمّل بالبركة والأمل. وبين هذين التصورين، تستمر الحكاية في العيش داخل ذاكرة سوس كرمز لتقاطع البحر بالأسطورة، والطبيعة بالمعتقد الشعبي.