Tuesday 19 August 2025
اقتصاد

طنجة.. فضاء استراتيجي للهندسة الساحلية والمينائية في الفضاء المتوسطي

 
 
طنجة.. فضاء استراتيجي للهندسة الساحلية والمينائية في الفضاء المتوسطي ميناء طنجة المتوسط
تشكل مدينة طنجة، بحكم موقعها الجغرافي المتميز عند نقطة التقاء المحيط الأطلسي بالبحر الأبيض المتوسط، أكثر من مجرد ميناء يربط قارتين. ففي أكتوبر 2025، ستتحول المدينة إلى منصة دولية للحوار التقني والاستراتيجي، عبر احتضانها الأيام المتوسطية الدولية للهيئة العالمية للملاحة (PIANC)، بتنظيم مشترك بين وزارة التجهيز والماء والجمعية المغربية للهندسة المينائية والبحرية.

 خلفية تنظيم اللقاءات المتوسطية الدولية

منذ تأسيسها سنة 2007 بمبادرة من الفروع الوطنية الإيطالية والإسبانية والفرنسية والبرتغالية للهيئة، لم تكن هذه اللقاءات مجرد فضاء لتبادل الخبرات، بل أضحت مختبرًا فكريًا وتطبيقيًا لصياغة حلول مشتركة لمعضلات كبرى تواجه الفضاء المتوسطي. فهي تسعى إلى بلورة إجابات عملية لأسئلة جوهرية، من بينها:
كيفية تكييف البنيات التحتية الساحلية والمينائية مع التحولات المناخية المتسارعة.
سبل تحقيق التوازن بين تحديث الموانئ وحماية الأنظمة البيئية الهشة.
الدور الممكن للابتكار في جعل التنمية المستدامة واقعًا عمليًا لا يقتصر على الخطاب النظري

 
محاور النقاش الأساسية
البرنامج العلمي والفني للقاءات المقبلة يعكس هذه الطموحات، إذ يركز على:
الهندسة المستدامة للموانئ: تصميم وإنجاز منشآت قوية تقنيًا ومتوافقة مع المتطلبات البيئية.
إدماج الطبيعة في مشاريع البنية التحتية: تحويل البيئة إلى عنصر فاعل في المشروع بدل النظر إليها كإكراه خارجي.
صيانة وإعادة تأهيل البنيات القائمة: من أجل إطالة عمرها وتخفيف بصمتها البيئية، في انسجام مع مقاربة الاقتصاد الدائري.
 
 البعد الرمزي والاستراتيجي
لا تقتصر أهمية هذه التظاهرة على بعدها التقني أو الهندسي، بل تمتد لتشمل بعدًا رمزيًا واستراتيجيًا. فهي تؤكد أن البحر الأبيض المتوسط ليس مجرد مجال جغرافي مغلق، بل فضاء للتفاعل الحضاري، وللتعاون العملي بين الدول، ولإرساء قيم مشتركة قائمة على الحوار بين الثقافات. ومن ثم، فإن حماية التراث الطبيعي والبحري والتاريخي لا يُنظر إليها كعائق أمام التحديث، بل كرصيد استراتيجي يجب الحفاظ عليه وتوظيفه لبناء المستقبل.
 
 طنجة كحاضنة لهذه الدينامية
إن اختيار طنجة لاحتضان هذه اللقاءات ليس اعتباطيًا. فالمدينة، بتاريخها المتوسطي المتعدد الهويات وبموقعها الجيوسياسي، تجسد بالفعل رؤية البحر كعنصر جامع لا كعامل تقسيم، وكفضاء إلهام بدل أن يكون مصدر استنزاف. ومن خلال هذا الحدث، تؤكد طنجة أن التقدم التقني لا ينفصل عن رؤية متوازنة قوامها: بحر مستدام، أجيال مستفيدة، ومجال متوسطي متكامل.