في يوم استثنائي ينبثق من قلب مخيم الشعلة ببوزنيقة زمن مغربي آخر، أكثر صدقا وأكثر إنسانية إنه زمن يعيد للهوية المغربية بعدها الحي بكل تفاصيله الأصيلة، في اليوم السادس من هذه التجربة التربوية الوطنية، كان الأطفال على موعد مع صورة جميلة تتشكل ملامحها من فسيفساء الإبداع بألوان تراثنا البهي في لحظة من السمو الثقافي المتجلي في تفاصيل الربى والوادي...مع يوم شعبي مغربي، صار فيه الفضاء لوحة فسيفسائية تجسد تعدد المغرب في أبهى صوره.
منذ الصباح، تزين المخيم بألوان الزي التقليدي المغربي، وكأن الروح الجمعية قررت أن تلقي على المكان عباءة التاريخ، لتبدأ رحلة ساحرة في ذاكرة وطن...الأطفال والأطر، نساء ورجالا، شاركوا في إحياء يوم خاص يعيد تشكيل العلاقة بين الأجيال الناشئة وموروثها الثقافي، في لحظة ،فعل تربوي فلسفي يعيد بناء الجسور بين الحاضر والجذور.
في ذلك اليوم، لم يكن اللباس التقليدي مجرد زينة، بل رمزا للانتماء، ومفتاحا للدخول إلى عوالم الرموز والمعاني. كل قطعة لباس تقليدي كانت تنطق بلغة الأجداد، وكل تطريز يحمل في خيوطه حكاية قبيلة أو مدينة أو قرية. برانس الأطلس، ملحفات الصحراء، قفاطين فاس، جبادورات مراكش، جباه الصغار وقد غطتها العمامات البيضاء...جميعها تعبيرات حية عن مغرب يتكلم بعدة لهجات، لكنه يحلم بلغة واحدة: لغة التعدد في الوحدة.
في ذلك اليوم، لم يكن اللباس التقليدي مجرد زينة، بل رمزا للانتماء، ومفتاحا للدخول إلى عوالم الرموز والمعاني. كل قطعة لباس تقليدي كانت تنطق بلغة الأجداد، وكل تطريز يحمل في خيوطه حكاية قبيلة أو مدينة أو قرية. برانس الأطلس، ملحفات الصحراء، قفاطين فاس، جبادورات مراكش، جباه الصغار وقد غطتها العمامات البيضاء...جميعها تعبيرات حية عن مغرب يتكلم بعدة لهجات، لكنه يحلم بلغة واحدة: لغة التعدد في الوحدة.
في لحظات التماهي تحول البرنامج الفولكلوري، إلى مسرح مفتوح للذاكرة حين تحلق الأطفال حول “الحلايقي/الحكواتي”، ينصتون لحكايات من زمن بعيد، يصفقون، يضحكون، ويسألون. بائع الحلوى في ركن السوق الرمزي، صوته ينادي، وطفل يشد جلباب الآخر ليشاركه فرحا بسكرية صغيرة... لكنها كبيرة بما يكفي لتوقظ فيهم نكهة الطفولة الجماعية. ثم يعلو صوت “البراح ليعلن بدء الاحتفاء بالحياة، بالتقاليد، بالجماعة.
رقصات “أحواش”، “الكدرة”، “الركادة”، “العيطة”، “الهيت”، “العلاوي”...تتعاقب بإيقاعاتها، فتتحرك الأجساد الصغيرة بانسجام، لأن الذاكرة الساكنة في الجينات قد استيقظت. في هذا التعدد الرائع، اكتشف الأطفال أنهم مختلفون، لكنهم منسجمون، وأن هذا التمايز الثقافي ليس فرقة بقدر ما يشكل عنوان ثراء.
وتأتي لحظة مسرحية أسطورة إملشيل، كأنها نشيد للإنسان في عمقه. لم تكن مجرد قصة حب مأساوي، بل سردية جماعية عن المصير، عن التضحية، عن قرى الأطلس التي تحتفي كل عام باللقاء، رغم الفراق الأول. جسد الأطفال القصة بكثير من العذوبة، فعاد المخيم إلى لحظة تأسيس رمزية، حيث الجبل لا ينجب فقط الجغرافيا، بل ينجب القيم.
وحين أقبل الليل، أضيئت ساحة العرس المغربي. احتفال كامل الطقوس، كما في قبائل الجنوب والوسط والشمال. عروس على ظهر حصان، عريس فوق ظهر الجمل، شيوخ القبائل يزغردون، نساء يحملن “الدفوف”، وأطفال يركضون حاملين مشاعل الحماس. طقوس الحناء تؤدى بدقة، والغناء الجماعي يلهب القلوب. كانت ساحة العرس وطنا صغيرا، ملونا بالحب، مزركشا بالقيم، مشبعا بالحنين.
وحين أقبل الليل، أضيئت ساحة العرس المغربي. احتفال كامل الطقوس، كما في قبائل الجنوب والوسط والشمال. عروس على ظهر حصان، عريس فوق ظهر الجمل، شيوخ القبائل يزغردون، نساء يحملن “الدفوف”، وأطفال يركضون حاملين مشاعل الحماس. طقوس الحناء تؤدى بدقة، والغناء الجماعي يلهب القلوب. كانت ساحة العرس وطنا صغيرا، ملونا بالحب، مزركشا بالقيم، مشبعا بالحنين.
.png)
