Friday 20 June 2025
كتاب الرأي

سعيد عاتيق: القصارة على جراح فلسطين المغدورة 

سعيد عاتيق: القصارة على جراح فلسطين المغدورة  سعيد عاتيق
فلسطين لا تحتاج إلى المزيد من الخطب، بل إلى الصدق، فلسطين لا تطلب منا البكاء بل أن نكف عن المتاجرة بجراحها.
نعم ،كل المبادرات التي تروم نصرة القضية الفلسطينية تبقى محمودة، وكل من يساند تحرر الشعب الفلسطيني  من أفراد أو جهات، فهو مشكور. لكن بشرط واحد: أن يكون الدافع صادقًا  نابعًا من محبة حقيقية  لا من رغبة في التلميع أو تسجيل النقاط على حساب جرح نازف منذ أكثر من عقود طال أمدها وتمططت آلامها وتعفنت جراحها. 
نحن نؤمن بأن القضية يجب أن تبقى حاضرة  شاهدة على ظلم تاريخي مستمر وعلى صمت دولي مخزٍ  وعلى سيل من التنديدات الجوفاء وتكرار جبال من الكلام "الخاوي" 
كلنا مع فلسطين نعم، 
لكننا – في حقيقة الأمر – نقف عاجزين أمام حجم المأساة وهول الفواجع نمدّ أعناقنا نحو السراب  ونواسي أنفسنا بخطابات لا تسمن ولا تغني من حرية.
إننا أبطال المبادرات و الخذلان هكذا ينطق واقعنا الذي صار يتبرأ منا ...
اطلعت مؤخرًا على تقرير صادر عن مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج يعرض مبادرة وُصفت بـ"النوعية" لدعم فلسطين. حفلات خطابية، استحضار بطولات صلاح الدين الأيوبي ، واستعراض للجهود بعبارات تكررت كثيرًا: "فعلنا... أنجزنا... نظمنا...".
لكن رغم اللغة الجميلة، انتهى التقرير بجملة تقول:
"غير كافٍ وإن كان ذا جدوى، فلسطين جريحة وتنتظر الكثير... الله يكون في عونهم."
وقد علّقت بدوري على التقرير، مثمنًا المبادرة، لكنني أكدت أن فلسطين تحتاج إلى ما هو أكثر من "الكلام المنمق". فكان الرد عليّ من أحد المعلقين:
"وما الذي قدمته أنت من هذا الكثير؟"
هذا التعليق، رغم بساطته كشف لي مأساة أعمق: كثيرون لا يقرؤون بوعي، لا يلتقطون الرسائل، لا يغوصون خلف المعاني. بل يحوّلون كل رأي إلى هجوم، وكل نقد إلى شخصنة هكذا تُدار النقاشات وهكذا نضيّع البوصلة.
فوجدت نفسي مضطرا لأجدد دعوتي :
دعوا  فلسطين وشأنها !!!!
قلتها سابقًا، وأكررها لاحقا ،
فلسطين تطالبنا اليوم بشيء واحد فقط: أن نكف عن المتاجرة باسمها، عن التحدث نيابة عنها، عن تحويلها إلى واجهة نغطي بها فشلنا وتخاذلنا.
لأن فلسطين ورغم قساوة الظروف وتكالب تقلبات العالم فهي أبية صنديدة مناضلة شريفة ولسان حالها يصدح في العالم المتآمر المتخاذل :
"أنا معكم بالله والشرع، 
هااا العااار إلى مااا ديروووو شي حاجة لأنفسكم اولا ..
 إمنحوني السكينة و شبر ديااال التيقار...
 اتركوني وشأني. لا تزيدوا من جراحي بخطبكم. لا ترفعوا صوري وأنتم غارقون في مستنقعاتكم الضحلة "
نحن – العرب، المسلمون، كل من ينتمي إلى "نحن" الكبرى – غارقون في همومنا، في حروبنا الداخلية، في أزماتنا اللامتناهية. لا نملك لا السلاح، ولا القرار، ولا الإرادة. فكيف سندافع عن فلسطين؟
فلسطين للفلسطينيين و بس ....
إن الحقيقة الصادمة التي يجب الاعتراف بها، هي أن الفلسطينيين وحدهم من يحملون عبء المقاومة والصمود.
يقومون بواجب "فرض الكفاية" نيابة عن أمة بأكملها.
ينوبون على المسلمين كما المسيحيين ...
فلا أحد، لا نظام، ولا مؤسسة، ولا مبادرة، قادرة على تحرير فلسطين إن لم تكن فلسطين هي الفاعل الأول.
لكِ الله يا فلسطين...
أما نحن، فمعذورون فقط إن التزمنا الصمت الشريف، 
لا التزوير البلاغي والسيلفياااات في الزناقي
سعيد عاتيق، فاعل حقوقي