Monday 16 June 2025
مجتمع

في لقاء جهوي لهيئة الوقاية من الرشوة.. توصيات بتحفيز الالتزام والمواطنة الفاعلة لتعزيز الشفافية

في لقاء جهوي لهيئة الوقاية من الرشوة.. توصيات بتحفيز الالتزام والمواطنة الفاعلة لتعزيز الشفافية جانب من اللقاء
نظمت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بشراكة مع جمعية "من أجل الشباب"، اللقاء الجهوي الثاني حول موضوع تحفيز الالتزام المواطن والمواطنة الفاعلة لتعزيز الشفافية، يوم السبت 14 يونيو 2025 بمدينة القنيطرة.

أوصى المشاركون بضرورة التركيز على فئة الأطفال والشباب وتوفير ورشات تكوينية للتوعية بأخلاقيات المواطنة والنزاهة، مواكبة هؤلاء الشباب ودعم انخراطهم الفعلي نظرا لدورهم كقوة اقتراحية في التغيير وذلك بتفعيل آليات الديموقراطية التشاركية، بالإضافة إلى إيلاء اهتمام خاص للعالم القروي نظرا لتفشي الفساد والنقص في التكوين والوعي في هذه المناطق، والتركيز على دور المؤسسات التربوية في نشر قيم النزاهة والشفافية خاصة في ظل التحولات التي يشهدها العالم بشكل عام والمتسمة بتراجع القيم الإيجابية.

المشاركون في هذه اللقاء أكدوا أيضا على ضرورة تجنب التعميم في الأحكام نظرا لوجود أفراد نزيهين في المجتمع، ومؤسسات تخدم بالفعل المصلحة العامة وتسعى للتغيير الإيجابي، لأن من شأن هذا التعميم إحباط المبادرات الإيجابية وتعميق أزمة الثقة، وشددوا على أهمية مراعاة الكفاءة في اختيار أعضاء الهيئات الاستشارية في الجماعات الترابية لضمان تحقيق الأهداف المنشودة في تعزيز الشفافية وتوفير الخدمات ضمن سياق يتسم بالفعالية والنزاهة.

وفي كلمة للأمين العام للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أحمد العمومري، أبرز هذا الأخير أهمية الالتزام المواطن في محاربة الفساد وتوفير المناخ الملائم للتنمية المستدامة. وتحدث كذلك على انفتاح الهيئة على المجتمع المدني وكافة الفاعلين على الصعيدين الوطني المحلي للتعاون وتبادل الخبرات وتوفير إجابات للتحديات التي يطرحها الفساد في تدبير الشأن العام، كما أكد على أن مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة والشفافية عملٌ يحتاج إلى كل الطاقات التي يزخر بها المجتمع سواء تعلق الأمر بالمؤسسات العمومية أو المجتمع المدني أو القطاع الخاص أو الصحافة وأيضا عموم المواطنين.

وتناول رئيس جمعية "من أجل الشباب" بدوره أهمية الالتزام المواطن ودوره في محاربة الفساد، بالإضافة إلى تقديم نظرة وافية على برامج ومشاريع الجمعية التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والنزاهة وكذا ثقافة المواطنة الفاعلة، وذلك من أجل تحفيز الذكاء الجماعي وتسخيره لتحقيق التنمية.

خلال هذه الجلسة استعرض ممثل الهيئة الوطنية للنزاهة الأدوار والمهام المنوطة بالهيئة وذلك من خلال مقتضيات القانون 46.19، وأهم الأوراش التي اشتغلت عليها خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا على أن الهيئة حلقة أساسية ضمن المنظومة المؤسساتية لمكافحة الفساد بالنظر إلى للاختصاصات الممنوحة لها بمقتضى الفصلين 36 و167 من الدستور، كما بسط رؤية الهيئة لتعزيز التزام المواطن بالإضافة إلى الدعائم والشروط اللازمة لتفعيله. وفي هذا السياق تم إبراز أن تحقيق حكامة فعالة يتطلب انخراطًا فعليًا للمواطن، باعتباره شريكا أساسيا في صياغة السياسات وتتبع تنفيذها، لا مجرد متلق للخدمة العمومية.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن انخراط المواطنين في ورش مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية يتطلب جملة من الدعامات والمحفزات التي تعزز الثقة بين المواطن والمؤسسات العمومية، وأن هذه الدعامات والمحفزات تتوقف على تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالحكامة والديموقراطية التشاركية وتجويد الخدمات العمومية وأيضا بالأدوار المنوطة بالفاعل السياسي في تأطير المواطنين، كما سلط ممثل جمعية "من أجل الشباب" الضوء على الدور الحيوِي الذي يلعبه الشباب في تعزيز الالتزام المواطن ومحاربة الفساد، من خلال التوعية، والرقابة المجتمعية، والمبادرات المدنية. كما أبرز أشكال المشاركة، خصوصا الرقمية والمؤسساتية، التي تمكن الشباب من التأثير في السياسات العمومية. بالإضافة إلى ذلك، ناقش التحديات التي تحد من انخراطهم، مثل ضعف الوعي، الصعوبات المسطرية لتأسيس الجمعيات أحيانا، وغياب القنوات المؤسسية للحوار. وفي هذا السياق، قدم مقترحات عملية لتجاوز هذه التحديات، بما في ذلك الاستثمار في التربية المدنية والرقمنة، كما عرض لمبادرات جمعية "من أجل الشباب" كنماذج ميدانية تعکس التزام الشباب بالتغيير الإيجابي.

من جانبه، قدم منسق اللجنة المحلية لدعم العرائض بالقنيطرة عرضا حول د وتكريس الشفافية والحكامة المحلية. 
وأوضح في مداخلته كيف تمكن العريضة المواطن من الانتقال من دور المتلقي إلى فاعل يشارك في اقتراح السياسات وحل المشكلات، مما يجسد مفهوم المواطنة الفاعلة، مضيفا أن تفتح العرائض هي قنوات للتواصل بين المواطن والمؤسسات، بما يعزز الشفافية والمساءلة، عدا عن كونها وسيلة لإشراك المجتمع في اتخاذ القرار المحلي، وتقوية الحوار والتعاون بين مختلف الفاعلين، ورغم هذه الأدوار الحيوية، أشار المتدخل إلى أن هذه الآلية تواجه تحديات متنوعة، مثل ضعف الوعي، وتعقيد الإجراءات، وقلة تجاوب بعض المؤسسات.

وهمّت المداخلة الرابعة في هذه الجلسة، التي قدمها منسق اللجنة المحلية لتفعيل التشاور العمومي بالقنيطرة، تفعيل آليات التشاور العموم، حيث أكد أنها ليست فقط إطارا قانونيا، بل أداة حيوية لتعزيز الديمقراطية التشاركية وبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات عبر إشراكه في صنع القرار وتحويله من متلقٍ إلى فاعل. وبتنويع هذه الآليات (بين رقمية، ميدانية، مؤسساتية) ومأسستها، يصبح التشاور رافعة للتنزيل الفعلي للسياسات الواقعية ويعزز التماسك الاجتماعي.

خلال هذه الجلسة ألقت رئيسة جماعة القنيطرة كلمة عبرت فيها عن أهمية هذا اللقاء باعتباره فرصة للحوار بين مكونات المجتمع المدني ومدبري الشأن المحلي بالمدينة بحضور الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مؤكدة على أنها تبقى منفتحة على النقد البناء الذي يساهم في تجويد أداء الجماعة وخدمة المواطن، ومشيرة إلى أن محاربة الفساد وتكريس الشفافية أمران أساسيان للتنمية المستدامة التي يتطلع إليها المغرب، وهو ما يتطلب انخراط المواطنين في هذه الدينامية.

وقدم ممثل الجماعة عرضا حول الإجراءات التي قامت بها الجماعة في سياق محاربة الفساد وتوفير الخدمات في إطار يتسم بالشفافية والنزاهة، خاصة عبر الرقمنة وتوفير الخدمات الالكترونية التي تستهدف كلا من أعضاء المجلس الجماعي والموظفين بالإضافة إلى المواطنين وممثلي وسائل الإعلام، وذلك من أجل توفير الخدمات عن بعد وتقليص الاحتكاك بين الموظفين والمرتفقين.
 
وشدد على أن الرقمنة وتوفير هذه الخدمات عبر الإنترنت يحدان من مخاطر الفساد بالإضافة إلى سهولة الولوج إليها، مشيرا إلى أن الجماعة تستعد لتنظيم أيام الأبواب المفتوحة للتعريف بهذه الخدمات وتقديم شروح حول كيفية استخدامها وتوفير المساعدة للمواطنين، مؤكدا أن ل هذه التدابير تسهم في محاربة الفساد وتبسيط الإجراءات وتوفير الوقت وتقريب الإدارة من المواطن.

وتمحورت مداخلة ممثل هيئة تكافؤ الفرص والمساواة لدى جماعة القنيطرة حول دور الهيئة في ترسيخ مبدأ المشاركة المواطنة على صعيد الجماعة بالإضافة إلى التحديات التي تواجه عملها الهيئة في هذا السياق، كما أكد أن دور الهيئة يظل دورا استشاريا وقوة اقتراحية، مشيرا إلى أن إحداث هذه الهيئات جاءت في سياق دينامية إشراك المواطنين في تحقيق التنمية من خلال تعزيز مقاربة النوع في السياسات والمشاريع العمومية، ومن خلال توسيع الحوار والنقاش بين الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني على الصعيد المحلي.

الكاتب العام لجمعية من أجل الشباب وعضو لجنة إشراف برنامج انفتاح جماعة القنيطرة وعضو لجنة الإشراف للحكومة المنفتحة في المغرب، سلط الضوء في كلمته على أهمية انخراط الجماعات الترابية في ترسيخ مبادئ الانفتاح، عبر تعزيز الشفافية، وإعمال الحق في الوصول إلى المعلومات، وإشراك المواطنات والمواطنين في صياغة السياسات العمومية. كما أبرز تجربة جماعة القنيطرة في تفعيل آليات المشاركة، بفضل انخراطها في شبكة الجماعات المنفتحة ومأسستها لممارسات الحوار التشاركي. كما تطرق إلى أدوار الفاعلين المحليين، بما في ذلك المجتمع المدني والشباب، في تتبع وتقييم السياسات. وأكد على ضرورة الانتقال من التفاعل الرمزي إلى التمكين الحقيقي للمواطنين في اتخاذ القرارات.