Sunday 25 May 2025
سياسة

مشاركة مغربية قوية في نقاشات هلسنكي حول التعاون جنوب-جنوب

مشاركة مغربية قوية في نقاشات هلسنكي حول التعاون جنوب-جنوب دعا المتحدثون إلى بناء شراكات اقتصادية قائمة على المعاملة بالمثل

أكد المتحدثون في حلقة نقاش مستديرة في هلسنكي أهمية التعاون بين بلدان الجنوب، الذي لا يُعدّ مبدأً دبلوماسيًا فحسب، بل ركيزة أساسية في الرؤية الدولية والقارية للمغرب.

نظّمت سفارة المملكة المغربية في هلسنكي، بالتعاون مع مؤسسة AFAES، يوم الجمعة 23 ماي 2025، حلقة نقاش ثرية بعنوان: "الربط بين الجنوب والشمال: أهمية التعاون بين بلدان الجنوب في السياسة الخارجية المغربية"، بحضور مختصين وطلاب وأكاديميين وصحفيين.

وركّز المشاركون في الحلقة على التعاون جنوب-جنوب في العلاقات الدولية، مع تسليط الضوء على ريادة المغرب في هذا المجال على المستويين القاري ومتعدد الأطراف.

افتتح السفير المغربي في هلسنكي، محمد أشكالو، اللقاء مذكّرًا بأن هذا الشكل من التعاون ينبع من "رغبة سيادية في إقامة شراكات متوازنة، تحترم الهويات وتتجه نحو الارتقاء الجماعي". وأوضح أن هذا النهج يجد ترسيخه في الدستور المغربي، الذي يُكرّس "التضامن جنوب-جنوب كمبدأ هيكلي في السياسة الخارجية".

وقدّم الدبلوماسي مثالاً رئيسيًا على هذا التوجّه، وهو مبادرة أفريقيا الأطلسية (IRAA)، التي أُطلقت عام 2023، مؤكدًا أن "هذه الرؤية، التي تهدف إلى تمكين دول الساحل من الوصول الدائم إلى المحيط الأطلسي، تتجاوز نماذج التعاون التقليدية، من خلال التأكيد على مبدأ التنمية القائمة على المسؤولية المشتركة والازدهار المتقاسم".

وأضاف أن الأبعاد الثقافية والأكاديمية للتعاون تم التأكيد عليها بقوة، لا سيما من خلال دعم الفنون، وتعزيز الحوار بين الثقافات، وتوسيع التبادل الإنساني.

وأيّد الدكتور توماس بابيلا ساما، أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة هلسنكي، هذا الطرح، مشيدًا بـ"جهود المغرب المستمرة لبناء جسور قوية بين المجتمعات الإفريقية والأوروبية عبر التعليم والثقافة والحوار".

كما تناولت النقاشات التحديات التي تواجه آليات حل الأزمات المتعددة الأطراف، حيث عبّرت تينا كوكاما باه، المستشارة البارزة لدول الساحل في مؤسسة مارتي أهتيساري، عن أسفها لـ"ضعف دور الأمم المتحدة في مواجهة تصاعد استخدام القوة وتفكك أطر الوساطة". ورد السفير قائلاً: "السلام لا يمكن أن يكون حقيقياً إلا إذا كان متجذراً في السيادة، والاعتراف بالحقوق الأساسية، وحرية الشعوب"، مضيفًا: "لا وجود لحرب جيدة، كما لا وجود لسلام سيئ. وحده الحل السلمي للنزاعات، القائم على الحرية واحترام الحقوق الأساسية، والاعتراف الكامل بسيادة الدول وسلامة أراضيها، هو ما يضمن التنمية المستدامة، والسلام الحقيقي، والأمن الدائم".

ظاهرة الهجرة

ودعا السفير المغربي أيضًا إلى معالجة قضية الهجرة من منظور الكرامة المشتركة، والوضوح الجيوسياسي، والتضامن النشط، قائلاً: "إن التنقّل البشري حقيقة عالمية وبنيوية ولا رجعة فيها؛ وتتطلب استجابة إنسانية، وجماعية، عادلة، وعملية، ترتكز على التضامن الدولي، والمسؤولية المشتركة، وتعزيز الكرامة الإنسانية".

وفي الختام، دعا المتحدثون إلى بناء شراكات اقتصادية قائمة على المعاملة بالمثل، وإعطاء مكانة مركزية للقطاع الخاص، وتشجيع ظهور بيئة قانونية ومالية مواتية للاستثمار.

كما سلّطت الطاولة المستديرة الضوء على أهمية تعزيز تدفقات رؤوس الأموال بين دول الجنوب، وبين دول الشمال والجنوب، لا سيما من خلال القروض والاستثمار الأجنبي المباشر، وتهيئة بيئة آمنة ومحفّزة لنمو ريادة الأعمال.