Thursday 22 May 2025
سياسة

التواصل.. إدارة الأمن ترسخ جسور الثقة مع المواطن

التواصل.. إدارة الأمن ترسخ جسور الثقة مع المواطن مديرية الأمن تعمل على ترسيخ الثقة مع المواطنين عبر تعزيز قنوات التواصل
للتمييز‭ ‬بين‭ ‬مرحلتين‭ ‬عاشتهما‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الطرح‭ ‬الأساسي‭ ‬هو‭ ‬إنشاء‭ ‬«الخط‭ ‬المفتوح»‭ ‬بين‭ ‬الإدارة‭ ‬المنتجة‭ ‬للأمن‭ ‬والمواطن‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬تلبية‭ ‬وتحقيق‭ ‬حاجياته‭ ‬الأمنية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وضع‭ ‬أمني‭ ‬عام‭ ‬يتسم‭ ‬بتزايد‭ ‬التحديات‭ ‬وتعقّد‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬الأمنية‭ ‬والمجتمعات‭.‬
 
لقد‭ ‬اختارت‭ ‬المديرية‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬بالمغرب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الإصغاء،‭ ‬ووضع‭ ‬عناصر‭ ‬«إصلاح‭ ‬تواصلي»‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬«ثورة»‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والإدارة‭ ‬الأمنية،‭ ‬وذلك‭ ‬تمهيدا‭ ‬للحظة‭ ‬التطبيع‭ ‬الحاسم‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬هناك‭ ‬حدود‭ ‬فاصلة‭ ‬وقاطعة‭ ‬بينهما،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬السابق‭.‬
 
فمنذ‭ ‬تعيين‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الحموشي‭ ‬مديرا‭ ‬عاما‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني،‭ ‬في‭ ‬ماي‭ ‬2015‭ ‬(بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مسؤوليته‭ ‬كمدير‭ ‬لجهاز‭ ‬«الديستي»)،‭ ‬شهدت‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬تحولًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬استراتيجياتها‭ ‬التواصلية،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬وطني‭ ‬يتسم‭ ‬بتعاظم‭ ‬التحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمحاربة‭ ‬الجريمة‭ ‬وحماية‭ ‬الاستقرار،‭ ‬حيث‭ ‬اهتمت‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬بإعادة‭ ‬رسم‭ ‬صورتها‭ ‬لدى‭ ‬المواطن:‭ ‬ليست‭ ‬سلطة‭ ‬غامضة‭ ‬أو‭ ‬قمعية‭ ‬أو‭ ‬ضبطية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬مكونا‭ ‬مدنيا‭ ‬فاعلا‭ ‬وحاضرا‭ ‬ومستعدا‭ ‬للتفاعل‭ ‬والتواصل‭ ‬ومد‭ ‬الجسور،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬المتتبع‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬أخرى‭ ‬للنظر‭ ‬والتقييم،‭ ‬تتصل‭ ‬كلها‭ ‬بالمتغير‭ ‬الأمني‭ ‬وبروز‭ ‬الفاعل‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬الوظائف‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬يؤديها‭.‬
 
تأسيسا‭ ‬على‭ ‬الطفرة‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم،‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬أدوات‭ ‬جديدة‭ ‬للتواصل،‭ ‬بما‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬مفهوم‭ ‬«الأمن‭ ‬المواطن»‭ ‬وضرورات‭ ‬الحكامة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة‭. ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬أصبح‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬باتت‭ ‬تُدرك‭ ‬أهمية‭ ‬الحضور‭ ‬الرمزي‭ ‬والمعرفي‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العمومي‭ ‬الرقمي،‭ ‬عبر‭ ‬خطاب‭ ‬يُراهن‭ ‬على‭ ‬المصداقية؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تترجمه‭ ‬الصفحة‭ ‬الرسمية‭ ‬للمديرية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬أداة‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬بث‭ ‬الفيديوهات‭ ‬والتصريحات،‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬حضور‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمي‭ ‬بلغة‭ ‬موجهة‭ ‬لكافة‭ ‬الفئات،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭  ‬الأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬(التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مجرد‭ ‬«معلومة‭ ‬مغلوطة»،‭ ‬بل‭ ‬تُستخدم‭ ‬أحيانًا‭ ‬أداة‭ ‬للضغط‭ ‬أو‭ ‬الابتزاز)‭ ‬تعتبر‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬اعتماد‭ ‬مقاربة‭ ‬تواصلية‭ ‬مضادة،‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬الأحداث،‭ ‬بل‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬سردية‭ ‬أمنية‭ ‬استباقية،‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬السرعة‭ ‬والشفافية‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وذلك‭ ‬للتوضيح‭ ‬وكشف‭ ‬الحقائق،‭ ‬والتدخل‭ ‬الفوري‭ ‬لدحض‭ ‬الإشاعات،‭ ‬وتمحيص‭ ‬المعلومات،‭ ‬نفيا‭ ‬وتأكيدا،‭ ‬كلما‭ ‬ارتبط‭ ‬الأمر‭ ‬بأخبار‭ ‬تتعلق‭ ‬بقضايا‭ ‬زائفة‭ ‬يشكل‭ ‬نشرها‭ ‬وترويجها‭ ‬خطرا‭ ‬أمنيا‭ ‬عاما:‭ ‬«جرائم،‭ ‬اعتقالات،‭ ‬حالات‭ ‬تعذيب‭ ‬مزعومة،‭ ‬أو‭ ‬تحركات‭ ‬إرهابية»‭. ‬
 
وتمثل‭ ‬البلاغات‭ ‬الأمنية‭ ‬الموجهة‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬طفرة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬سحب‭ ‬المعلومة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الالتباس،‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬تتم‭ ‬بصيغة‭ ‬رسمية‭ ‬واضحة‭ ‬وسريعة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬اتسامها‭ ‬بنبرة‭ ‬مهنية‭ ‬تقدم‭ ‬المعطى‭ ‬الأمني‭ ‬الدقيق‭ ‬دون‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬قد‭ ‬تضر‭ ‬بالتحقيقات‭ ‬الجارية‭. ‬وتعمم‭ ‬تلك‭ ‬البلاغات‭ ‬على‭ ‬الصحافة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وعلى‭ ‬وكالة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬للأنباء،‭ ‬في‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الإعلام‭ ‬الذاتي‭ ‬والإعلام‭ ‬الشريك‭. ‬كما‭ ‬يلعب‭ ‬حساب‭ ‬المديرية‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬فيسبوك‭ ‬دورا‭ ‬مباشرا‭ ‬وحاسما‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬الإشاعات‭ ‬والأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬أو‭ ‬المغرضة‭ ‬أو‭ ‬المضللة،‭ ‬إما‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬تلك‭ ‬البلاغات،‭ ‬وإما‭ ‬بنشر‭ ‬نصوص‭ ‬قصيرة‭ ‬وفيديوهات‭ ‬موجهة‭ ‬لعموم‭ ‬المواطنين،‭ ‬بلغة‭ ‬بسيطة‭ ‬ومقنعة‭ ‬تروم‭  ‬استباق‭ ‬الإشاعة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنتشر،‭ ‬كما‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬علاقة‭ ‬ثقة‭ ‬مع‭ ‬المواطن،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإشكالات‭ ‬المرتبطة‭ ‬باتساع‭ ‬استعمال‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬تلقي‭ ‬الخبر،‭  ‬وخاصة‭ ‬عبر‭ ‬منصتي‭ ‬«واتساب»‭ ‬أو‭ ‬«تيك‭ ‬توك»،‭ ‬مما‭ ‬يقلص‭ ‬مساحة‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬بين‭ ‬الإشاعة‭ ‬البسيطة‭ ‬والحرب‭ ‬الإعلامية‭ ‬الموجهة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمنية‭  ‬الاشتغال‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬دائم‭ ‬داخل‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمي،‭ ‬مدافعًا‭ ‬عن‭ ‬شرعيته‭ ‬ومهنيته،‭ ‬ومواكبا‭ ‬للتحولات‭ ‬الرقمية‭ ‬المتسارعة‭. ‬كما‭ ‬فرض‭ ‬عليها‭ ‬العمل‭ ‬بنظام‭ ‬«الناطق‭ ‬الرسمي»‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬القاعدة‭ ‬العامة‭ ‬لفلسفة‭ ‬عمل‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬هي‭ ‬التواصل‭ ‬المباشر،‭ ‬والاستثناء‭ ‬هو‭ ‬«تقييدات‭ ‬النشر»‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسرية‭ ‬الأبحاث،‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬الحميمية،‭ ‬وحماية‭ ‬المعطيات‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الشخصي،‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك،‭ ‬تفعيلا‭ ‬لمبدأ‭ ‬أن‭ ‬«الأصل‭ ‬هو‭ ‬التواصل»،‭ ‬وأن‭ ‬الأصل‭ ‬هو‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬«الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة»‭.‬
 
إن‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬والمواطن‭ ‬يشكل‭ ‬الآن‭ ‬ثقافة‭ ‬عضوية‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬نسق‭ ‬متكامل‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬والأفكار‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬تبادر،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2017،‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬«الأبواب‭ ‬المفتوحة»‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمني‭ ‬من‭ ‬مجال‭ ‬فرعوني‭ ‬مغلق‭ ‬ومحاط‭ ‬بهالة‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬عمومي‭ ‬غايته‭ ‬خدمة‭ ‬المواطنين‭. ‬
 
وتهدف‭ ‬الأبواب‭ ‬المفتوحة،‭ ‬في‭ ‬جوهر‭ ‬فلسفتها،‭ ‬إلى‭ ‬تقريب‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬الشرطة،‭ ‬وإبراز‭ ‬المجهودات‭ ‬المبذولة‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن،‭ ‬وتقديم‭ ‬صورة‭ ‬شفافة‭ ‬عن‭ ‬المؤسسة‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين،‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المناطق‭ ‬المغربية،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬«تنقلها‭ ‬الجغرافي»‭ ‬لها‭ ‬عبر‭ ‬مدن‭ ‬مختلفة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعكس‭ ‬رغبة‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬الانفتاح‭ ‬المتوازن‭ ‬واللامركزي،‭ ‬ويطرح‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬مضمرات‭ ‬اختيار‭ ‬كل‭ ‬مدينة‭. ‬فمن‭ ‬البيضاء‭ ‬إلى‭ ‬مراكش،‭ ‬ثم‭ ‬طنجة‭ ‬وفاس‭ ‬وأكادير،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬الرباط،‭ ‬ثم‭ ‬الجديدة،‭ ‬حرصت‭ ‬المديرية‭ ‬على‭ ‬توزيع‭ ‬الثقة،‭ ‬ودمقرطة‭ ‬الحضور‭ ‬الأمني،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الاختيار‭ ‬الجغرافي‭ ‬للمدن‭ ‬المستضيفة‭ ‬للأبواب‭ ‬المفتوحة‭ ‬ليس‭ ‬اعتباطيًا،‭ ‬بل‭ ‬يعكس‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬المركز‭ ‬إلى‭ ‬الهامش،‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬وتمثيلها‭ ‬الجهات‭ ‬«الجنوب،‭ ‬الشمال،‭ ‬الوسط،‭ ‬الداخل»،‭ ‬وإدماج‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬والمجتمعي،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأثر‭ ‬للحضور‭ ‬المباشر‭ ‬لرجال‭ ‬ونساء‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العمومي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التربية‭ ‬على‭ ‬المواطنة‭ ‬الأمنية‭. ‬ففي‭ ‬طنجة،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬برز‭ ‬البُعد‭ ‬الحدودي‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬أوروبا؛‭ ‬وفي‭ ‬فاس،‭ ‬تجسدت‭ ‬رمزية‭ ‬العاصمة‭ ‬العلمية‭ ‬والتقليدية؛‭ ‬أما‭ ‬أكادير،‭ ‬فمثلت‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬الجنوب‭ ‬المغربي،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالمجالات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬خارج‭ ‬دوائر‭ ‬المبادرات‭ ‬الأمنية‭ ‬الرمزية؛‭ ‬كما‭ ‬مثلت‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬رهانا‭ ‬أمنيا‭ ‬متحركا‭ ‬يقتضي‭ ‬بلورة‭ ‬مخطط‭ ‬متكامل‭ ‬وعمل‭ ‬نظامي‭ ‬شامل‭ ‬لأنها‭ ‬الوجه‭ ‬«الاقتصادي»‭ ‬للمغرب‭ ‬والحاضنة‭ ‬لأكبر‭ ‬تجمع‭ ‬ديمغرافي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬
 
لاشك،‭ ‬إذن،‭ ‬أن‭ ‬«الأبواب‭ ‬المفتوحة»‭ ‬تمثل‭ ‬خطوة‭ ‬جديدة‭ ‬جريئة‭ ‬وغير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬والمواطن‭ ‬اللذين‭ ‬كانت‭ ‬علاقتها‭ ‬محكومة‭ ‬بمسافة‭ ‬أملاها‭ ‬الصراع‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬كما‭ ‬تمثل‭ ‬نهاية‭ ‬للانحصار‭ ‬والتأزم‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بينهما،‭ ‬مما‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬«جهازا‭ ‬أبكم»،‭ ‬بل‭ ‬فاعلا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬ومؤسساتيا‭ ‬ومواطنا‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العمومي،‭ ‬وفي‭ ‬الحوار‭ ‬المدني‭. ‬كما‭ ‬أثبت‭ ‬انتظامها‭ ‬وانتقالها‭ ‬الجغرافي‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬حدث‭ ‬للترويج‭ ‬المؤسسي‭ ‬أو‭ ‬استعراضا‭ ‬عابرا‭ ‬للعضلات،‭ ‬بل‭ ‬تحوّلت‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬مواطني‭ ‬بامتياز،‭ ‬يتيح‭ ‬للناس‭ ‬معاينة‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬عن‭ ‬قرب،‭ ‬وفهم‭ ‬أدوارها‭ ‬المتعددة‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقود‭ ‬تدريجيا‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬السلبية‭ ‬المتوارثة،‭ ‬ويعيد‭ ‬رسم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والمؤسسات‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬«العناق‭ ‬بذراعين‭ ‬مفتوحتين»‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬منطق‭ ‬الريبة‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سائدا‭.‬