أمام ممثلي أزيد من 80 بلدا من التحالف الدولي ضد داعش، قال وزير الخارجية ناصر بوريطة، قبل 3 سنوات (ماي 2022) بمراكش، إن «التواطؤ على سيادة واستقرار الدول، بالإضافة إلى تضافر الوسائل المالية والتكتيكية والعملية، يفضي إلى إفراز تحالف موضوعي بين الجماعات الإرهابية ونظيرتها الانفصالية». مؤكدا أن «من يمول ويأوي ويدعم ويسلح الانفصالية يساهم، في الواقع، في انتشار الإرهاب ويقوض السلم والأمن الإقليميين».
وفي أبريل 2025، أعلن النائب الجمهوري، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي، جون ويلسون، أنه سيقدم مشروع قانون لتصنيف جبهة البوليساريو «منظمة إرهابية» متهما روسيا وإيران باستغلال الجبهة لإيجاد موطئ قدم بأفريقيا.
وكتب النائب عن الحزب الجمهوري جو ويلسون وعضو لجنة الشؤون الخارجية ولجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي في تغريدة على «إكس»، «سأقدم مشروع قانون يصنف البوليساريو كمنظمة إرهابية».
وفي أبريل 2025، طالب بيير هنري دومون، النائب السابق في الجمعية الوطنية الفرنسية، بلاده بتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية. منبها إلى إلى أن «البوليساريو يشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن في المنطقة». واعتمد السياسي الفرنسي على تقرير لـ «معهد هيودسون» الأمريكي الذي أكد أن «البوليساريو تبرز كفاعل خطير يهدد بشكل مباشر مصالح الأمن القومي الأمريكي، ليس بسبب مزاعمها السياسية، بل نتيجة ارتباطها الوثيق بالإرهاب، وضلوعها في شبكات تهريب الأسلحة، ودورها كأداة تنفيذية تخدم الأجندات الإيرانية والروسية والصينية في القارة الإفريقية».
ومن جانبه، طالب مركز الأبحاث الأمريكي المرموق «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» (FDD)، في تقرير حديث له، الإدارة الأمريكية باتخاذ خطوة حاسمة في التعاطي مع البوليساريو، من خلال تصنيفه «منظمةً إرهابيةً»، وذلك على خلفية ارتباطاته المشبوهة مع قوى إقليمية متطرفة، تهدد أمن شمال إفريقيا ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
وأورد المركز، المعروف بنفوذه داخل الأوساط السياسية والأمنية في واشنطن، أن «البوليساريو لم تعد مجرد حركة انفصالية كما كانت تقدم سابقا، بل تحولت، بفعل تحالفاتها، إلى أداة تخريبية في يد النظام الجزائري، توظف لخدمة أجندات إيرانية وحسابات مرتبطة بحزب الله، ما يجعل من الجبهة تهديدا مباشرا للاستقرار في المنطقة، وذراعا غير مباشر لطهران في شمال القارة السمراء».
وحذرت المؤسسة من خطورة غض الطرف عن هذه التحالفات، خاصة في ظل تزايد التعاون العسكري واللوجستي بين البوليساريو والجهات المتطرفة سالفة الذكر، معتبرة أن هذا التطور يفرض على واشنطن مراجعة سياساتها تجاه هذا الكيان، وتفعيل آليات التصنيف الإرهابي ضده، انسجاما مع الأهداف المعلنة لمحاربة الإرهاب وحماية الحلفاء الاستراتيجيين، وعلى رأسهم المملكة المغربية".
الملاحظ، إذن، أن هناك انتباها دوليا متصاعدا للتهديدات الإرهابية التي يمثلها ترك الحبل على الغارب لعصابة مسلحة يحاول النظام العسكري الجزائري بكل ما أوتي من حقد زرعها شوكةً في خاصرة المغرب، من خلال دعم أنشطتها غير المشروعة وتشبيك علاقاتها المشبوهة في الساحل والصحراء الكبرى، والدفع بها إلى التنسيق العملياتي مع حزب لله وباقي الميليشيات الوظيفية الإيرانية، فضلا عن الجماعات الإرهابية الموالية لداعش والقاعدة النشيطة في المنطقة، مثل القاعدة وداعش.. إلخ. وهو ما يؤكد أن البوليساريو يمثل تهديدا للأمن في المنطقة ينبغي قطع دابره والتعامل مع داعميه ورُعاته خارج معادلة الحفاظ على «التوازنات الإقليمية»، الأمر الذي اقتنع به قطاع واسع من الفاعلين السياسيين في العالم أجمع، وبشكل خاص في واشنطن والعديد من العواصم الأوروبية، وذلك بعد تجميع العديد من المعطيات التي وفرتها دوائر استخباراتية وتقارير دولية موثوقة.
وقد دأب المغرب، منذ 2018، على إثارة انتباه حلفائه في كل المنتديات الدولية، إلى ارتماء البوليساريو في أحضان الدول والجماعات والأحزاب الراعية للإرهاب، وتقديم كل الأدلة القاطعة على تورط البوليساريو في محاولة المساس باستقرار المنطقة، والتنصل من التزاماتها الدولية بخصوص اتفاق وقف النار الساري منذ 1991، وهو ما استحقت معه عن جدارة تصنيفا دوليا رسميا كـ «تنظيما إرهابيا. لقد قدم المغرب ملفا معززا بأدلة موثقة على تورط حزب لله في تدريب عناصر من البوليساريو، وعلى تزويدها بصواريخ "سام-9" و"سام-11" عبر السفارة الإيرانية في الجزائر، وأطلع دولا حليفة «أمريكا، فرنسا، دول الخليج»، على محتوى الملف. الأمر الذي أدى بالرباط إلى قطع علاقاتها الديبلوماسية مع طهران. كما أدى بالدول الخليجية «السعودية، الإمارات، البحرين» إلى إدانة «تدخل إيران» في ملف الصراع بين المغرب والبوليساريو، بينما أعلنت واشنطن أنها أخذت علما بالأمر وتتعامل معه بكل جدية. فيما اكتفى الاتحاد الأوروبي، على مستوى مؤسساته، بالإقامة في موقف الحياد».
وتأسيسا على كل ذلك، يلزم المغرب الانتقال إلى السرعة الثانية من أجل استغلال الشرعية المتآكلة للبوليساريو، وخاصة مع توالي انفراط عقد المعترفين بالبولساريو، وفي سياق الدعم الدولي لمغربية الصحراء «الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وإسبانيا»، والانتصار لواقعية مقترح الحكم الذاتي المغربي (الولايات المتحدة، إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، وهولندا، وغيرها بدأت تعلن صراحة دعمها للمبادرة المغربية بوصفها «جادة وذات مصداقية»، وهو ما يمثل بالفعل خطوة سياسية واستراتيجية نحو توسيع عزل البوليساريو دوليًا، مما قد يُمهّد بشكل غير مباشر أو تدريجي نحو تصنيف الصنيعة الجزائرية «تنظيما إرهابيا»، وذلك عبر مجموعة من الإجراءات، منها توثيق تهديد البوليسارسو بهجمات مسلحة خارج الإطار القانوني، فضلا عن تقديم أدلة دامغة لارتباطها بجماعات إرهابية في الساحل «عبر التمويل، التدريب، أو التهريب»، واستُخدامها السلاح ضد مدنيين أو منشآت اقتصادية «مثلاً الطرق التجارية نحو موريتانيا ودول الساحل»، إضافة إلى إثبات أعمال العبودية والسخرة والتعذيب والاغتصاب والاتجار في البشر والمخدرات والسلاح، وسرقة المساعدات الإنسانية، والصلة بجماعات متطرفة، وتجنيد الأطفال.. إلخ. وهذا يقتضي بناء ملف قانوني وأمني يوثّق لكل هذه الأعمال غير المشروعة، والعمل على بناء تحالف دبلوماسي منسّق لدفع هذا التصنيف داخل كيانات مثل الاتحاد الأوروبي أو حتى مجلس الأمن، خاصة أن المغرب يتوفر على حليفين بارزين في مجلس الأمن. ومن بناء الملف المتكامل أن يتضمن شهادات حية، وصور أقمار صناعية، وثائق استخباراتية، واعترافات معتقلين. كما يتعين على الملف أن يكشف بكل الأدلة الممكنة أن أفعال البوليساريو ممنهجة ومدروسة وتخضع لخطط واستراتيجيات ممأسسة، وليست مجرد حوادث معزولة أو عابرة أو مرتبطة بأشخاص. ناهيك عن الانخراط بلا هوادة في تحرك دبلوماسي منسق وموجه داخل المؤسسات الدولية «الاتحاد الأوروبي، الكونغرس الأمريكي، مجلس الأمن، المجموعات الإقليمية، مجلس الأمن والسلم.. إلخ»، فضلا عن ضرورة خلق زخم إعلامي وقانوني، عبر تشبيك مراكز الأبحاث التي اشتغلت على ملف «البوليساريو تنظيما إرهابيا»، وتمويل إنجاز التقارير الاستقصائية حول هذا الملف.
لقد تحولت «البوليساريو» تدريجيا، على يد عصابة الجزائر، إلى «فزاعة» ينصبها عملاء مأجورون في الحقل الإقليمي من أجل تنفيذ أجندات العسكر الجزائري الحالم بالتوسع على حساب جيرانه، فضلا عن القيام بـ «أعمال المناولة» لصالح تسهيل ولوج قوى دولية أخرى، مثل إيران، إلى شمال إفريقيا، وذلك وفق ما يتقاطع مع الأهداف الجزائرية لتكسير عظام المغرب ومعاكسة مصالح دول غرب إفريقيا؛ من خلال الإمعان في محاولات إشعال حرب إقليمية كبرى تهدد السلام في الواجهة الأطلسية لإفريقيا. وهو ما يقتضي التعامل بكل جدية مع قضية "إدراج «البوليساريو في لائحة التنظيمات الإرهابية»، خاصة مع تكاثر الأدلة الاستخباراتية على تورطها منذ نشأتها في الإرهاب، ولها تاريخٌ طويلٌ في الهجوم على المغرب وموريتانيا، وفي اختطاف المدنيين واستهداف منشآت اقتصادية حيوية، وتفجير المركبات الحاملة للبضائع، وإقامة الصلة مع عصايات الاتجار بالأسلحة والمخدرات والبشر.
إن النجاح في تكبيل البوليساريو بصفة «الإرهاب» قد يساهم في تسريع تقويض شرعية البوليساريو أمام المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهذا من شأنه أيضا أن يعزز عزلة البوليساريو، ويفرض قيودا صارمة على مصادر تمويلها ودعمها اللوجستي والعسكري، وخاصة من طرف دولة العصابة. كما من شأن ذلك أن يشكل نقطة تحول حاسمة في حل نزاع حول الصحراء لصالح الانتصار لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مما يجعلنا أمام واقع إقليمي جديد عنوانه الأكبر: نهاية نزاع الصحراء.. نهاية 50 سنة من العدوان الجزائري على المغرب!