في تدوينة قصيرة تحمل نداء استغاثة، تجلت مأساة الواقع الصحي بالمغرب. الطفلة التي تعرضت للغرق تحتاج إلى دواء بسيط (محلول أو سيروم) وثمنه زهيد (27 درهمًا)، ومع ذلك فإن هذا الدواء غير متوفر في أحد أكبر المستشفيات الجامعية في المغرب، مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء.
تردي الخدمات الصحية: عجز المؤسسات الكبرى
تعد المستشفيات الجامعية في المغرب مؤسسات مرجعية يُفترض أن تكون مجهزة بأحدث التقنيات وتوفر العلاجات الأساسية على الأقل. إلا أن الواقع يكشف عكس ذلك؛ دواء بسيط في متناول الجميع مفقود في مرفق صحي بحجم مستشفى ابن رشد. هذا العجز الفاضح يكشف عن خلل بنيوي يتجاوز مجرد نقص دواء ليصل إلى أزمة إدارة وتخطيط، تتجلى في غياب الاحتياط الاستراتيجي للأدوية الحيوية.
حين تصبح الحياة رهينة نقص المستلزمات
الغرق بحد ذاته مأساة، لكن أن تظل حياة الطفلة معلقة على توفر محلول لا يتجاوز سعره بضعة دراهم، فتلك مأساة مركبة تكشف هشاشة النظام الصحي في التعامل مع الحالات الطارئة. إن غياب الدواء من المستشفيات يجعل من الحق في العلاج مجرد شعار فارغ، ويضع المواطنين في مواجهة واقع صحي لا يرحم، حيث تصبح حياة الإنسان رهينة لمعارف شخصية أو جهود فردية على مواقع التواصل.
من المسؤول؟
تتعدد المسؤوليات في مثل هذه الحالة بين الوزارة الوصية والإدارة الصحية والمستشفى ذاته، لكن النتيجة واحدة: مواطنون يفقدون الثقة في النظام الصحي. فهل يُعقل أن تظل مستشفيات مرجعية تفتقر إلى دواء أساسي؟ وأين هي الرقابة الحكومية لضمان توفر الأدوية الضرورية في المرافق الصحية؟
مأساة إنسانية وصورة قاتمة
تعكس هذه الواقعة، التي قد تبدو بسيطة في تفاصيلها، صورة قاتمة للوضع الصحي في المغرب. حين يصبح دواء أساسي رفاهية وحين تُنتهك كرامة المواطن في أبسط حقوقه: العلاج. لا يكفي تقديم المساعدات الطارئة من أفراد المجتمع؛ المطلوب إصلاحات جذرية تضمن كرامة الإنسان وحقه في العلاج بعيدًا عن المساومات والانتظارات القاتلة.