Monday 28 April 2025
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: قرصان الديمقراطية

إدريس المغلشي: قرصان الديمقراطية إدريس المغلشي
الديمقراطية في المغرب لاتشبه الباقي، فهي تتمتع بخصوصية قلما نجد لها مثيل . هي اخضاع المفهوم لعملية ترويض خارج معاييره، بمعنى عدم احترام آلياته ومواصفاته(الكولسة المغرزة المتقونة). لكن ضحاياها فعلا من يعتقدون أنها تطبق بحذافرها وكل تفاصيلها، وهو أمر نسبي، لكن لانقبل أن تعطى لها أحكام مطلقة. صحيح قد يكون بعضها أفضل طريقة وسط مجموعة نماذج سيئة، وبالتالي يمكن القول أن الأسوأ ضمن  الحالات السيئة ليس دائما أجود. بل هو الأخر سيء، لكن بدرجة أقل . لن يكون جيدا مهما غلفناه بكثير من الماكياج وفن الكلام المدجج بالأسانيد .
 
الديمقراطية كمفهوم واضح أصبح في الوقت الراهن ملتبسا أو أريد له أن يكون كذلك. ففي الوضوح يصعب التلاعب، لكون آليات التدبير تفضحه. وفي غموضه يمكن، بل يصبح مشروعا،  وهناك من يسعون لجعله كذلك. إنهم سراق للديمقراطية وحق تأويلها ، لأنهم يبيعون أولا الوهم للناس بشعارات كذابة لاتنسجم مع واقع التنزيل ،ثانيا يسعون للوصول إلى الكراسي بطرق غير ديمقراطية. من أجل تمرير العملية نحتاج إلى مهرة يتقنون فن المناورة ويبدعون في سيناريو الإخراج ويجعلون من حالة غش وتدليس صورة جديرة بالتقدير والاحترام رغم كونها لاتستحق. يحتكرون سلطة القراءة والتأويل لكل النصوص المدبرة لها من أجل الوصول إلى الكرسي. كل شيء قانوني ومبرر في اعتقادهم .
 
من يجعلون من الجو الإحتفالي في مقاربة كمية للإستدلال على وجود ديمقراطية هم يمارسون تغليطا للرأي العام. ومن يرتكزون في وحدة صفهم على موجة تصفيق عابرة. هم بالضرورة مارسوا مهرجانا كرنفاليا لتشويه الديمقراطية ومن يسعون للرد على الخارج في تصفية حساباتهم مع الداخل. هم كذلك لصوص إرادة وقطاع طرق انتخاباويين'، لايمارسون السياسة، ولايتحلون بأخلاقها، بل يقتلونها في صمت وتواطؤ مكشوف وعلى رؤوس الأشهاد .
 
لكن دعونا نتساءل ماحاجتنا للديمقراطية في الهيئات المدنية، الأحزاب نموذجا،  إن لم تكن حريصة على عنصرين أساسين في اعتقادي، الأول أن يصل من يستحق للمسؤولية الرجل المناسب في المكان المناسب بلا تجييش ولا محاصرة ولامصادرة. الأمر الثاني، تفرز كنتيجة حتمية من ينفذ تصورات الحزب المتقاطعة مع هموم الناس لا أن يتنكر لها ويخدم أجندة مخزنية تلتف على مطالبهم،  وعوض أن يكون خادما للمواطن،  يصبح عونا  للمخزن عليه من يعتقد ذلك فسياسته وديمقراطيته إلى مزبلة التاريخ.
 
في هذا السياق وانسجاما مع هذه الأرضية لابد من طرح سؤال مهم،  إذا لم تكن الديمقراطية عاملا أساسيا وآلية ضرورية لتجديد النخب ومحاربة تأبيد الزعامات وإعادة تدوير الفاعل السياسي، بما يجدد النخب، ففي ماذا ستنفع وماهي جدواها ؟ مايميز العمل السياسي في ظل وضع مقلق من حيث العزوف ونسبه المرتفعة في أوساط شبابية غير مقتنعة بمفعولها وغير منخرطة فيه، وكيف أصبحت الأحزاب فعلا دكاكين سياسية تعج بتجار الأزمات، أغلبهم متابع في قضايا الفساد والذمة المالية وبعضهم قابع في السجن متابع في ملفات أخلاقية  والهيئات التي زكته لا تمتلك ذرة خجل لتعتذر للمواطن، بعدما وفرت له ظلا سياسيا لكي يدخل غمار مجال تدبره الكفاءة والأخلاق أكثر من المال والجاه . الأفضع من كل ماسبق أن تصرف ميزانيات على مؤتمرات صورية المرشح الفائز فيها معلوم قبل إجراء الانتخابات. ألا يعد هذا تبذيرا وتسفيها لإرادة الناخبين وشهادة زور لأنها تلتف على الحقيقة ؟
 
مؤتمر العدالة والتنمية حسم أمر قيادته قبل عقد مجرياته فالأزمي الذي أصبح كثير الظهور هذه الأيام وبعدما صرح أمينه العام في إحدى قفشاته بفاس وهو يستدل على قوة معارضة فريقه رغم قلة عددهم كونها لاتقارن لا مع الباقي منها ولا مع الأغلبية وبرئاسة بوانو.. ليبتسم هذا الأخير ويعقب بن كيران على الفور  "تسنى النوبة ديالك راه هاد المرة ديال الأزمي" التلميذ النجيب الذي لن يضيف جديدا أمام إرث ثقيل لأستاذه والذي دشن عملية قتل رحيمة لكل ماهو اجتماعي وسهل مأمورية من جاء بعده أخنوش، ليتمم المهمة بنجاح، فعن أي ديمقراطية وفن العمل  السياسي تتحدثون ؟ 

إنها الشعبوية والعشوائية في أبهى تجلياتها.