أسدلت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الستار على البرنامج الرسمي لفعاليات رواقها المؤسساتي في المعرض الدولي للنشر والكتاب، يوم الجمعة 25 أبريل 2025، بتنظيم لقائها السنوي الخاص بإحياء الذاكرة الإعلامية وتكريم رواد العمل السمعي البصري العمومي، ترسيخا لثقافة التقدير واعترافا بمساراتهم ومساهماتهم الكبيرة في تطوير أكثر من 90 سنة من البث الإذاعي والتلفزي بالمغرب.
وتأتي هذه المبادرة استمرارا في المحطات المتعلقة بمشروع إحياء الذاكرة الإعلامية للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، انسجاما مع استراتيجية المؤسسة، وتوجيهات فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام، المتصلة باستحضار الموروث الفني والثقافي والإعلامي الوطني عبر تثمين أرشيفه الهام، وتمكين الإعلاميين والفنانين من تجارب رواد القطاع السمعي البصري الوطني، وترسيخ ثقافة التقدير بمساراتهم المتميزة، نظرا لخصوصياتها، وللرسائل النبيلة التي اضطلعوا بها خلال مختلف المحطات التي شهدها المغرب.
وتميزت دورة هذه السنة من الحفل بتكريم كل من ربيعة بناني، الصحافية والمسؤولة السابقة عن مصلحة البرامج الدولية بالإذاعة، و رشيد الصباحي، الصحافي ومعد ومقدم البرامج سابقا بالإذاعة الوطنية؛ بعد تقديم شهادات واستعادة مساراتهم المهنية من طرف عدد من زملائهم ومُجَايليهم.
وفي هذا الإطار، تم تسليط الضوء على المسار الحافل لربيعة بناني، التي تعد من أوائل النساء المغربيات اللواتي التحقن بالإذاعة المغربية، سنة 1960، ضمن الجيل الأول من الأطر والكفاءات التي ساهمت في ترسيخ الإعلام السمعي البصري بالمغرب.
وولدت ربيعة بناني بمدينة طنجة سنة 1936، وترعرعت في حي مرشان، وتابعت دراستها بثانوية رينيو، حيث تقاطع مسارها مع فتيات مغربيات وأجنبيات من أسر استقرت بمدينة البوغاز. وبعد حصولها على شهادة البكالوريا. وبمجرد التحاقها بالإذاعة، أوفدتها الإدارة آنذاك إلى فرنسا لتلقي تكوين متخصص في مجال الصحافة.
وبصمت ربيعة بناني على حضور مميز من خلال تنشيط برامج ثقافية واجتماعية لاقت استحسانا لدى المستمعين المغاربة، كما تولت مسؤولية مصلحة البرامج الدولية، مجسدة انفتاح الإذاعة الوطنية على التعدد والتنوع.
ومن أبرز محطات المحتفى بها، كذلك، مساهمتها في مغربة الإذاعة، إذ كانت من الرعيل الأول الذي انخرط بقوة في إدماج اللغات الوطنية في البث الإذاعي، في لحظة حاسمة من تاريخ المغرب المستقل، ما جعلها من الأصوات التي ساهمت في تأكيد الهوية الثقافية الوطنية. وإلى جانب مسارها الإذاعي المتميز، اهتمت السيدة ربيعة بناني أيضا بالفن التشكيلي، شغفها الثاني، فعرضت أعمالها في ألمانيا وتونس وغيرها من البلدان، بحافز من تنقلاتها المرتبطة بالمسار الدبلوماسي لزوجها.
أما رشيد الصباحي، فقد ولد في 21 أكتوبر 1956، وبدأ مساره المهني بالإذاعة والتلفزة سنة 1979 بالإذاعة الوطنية، ويعتبر من المهنيين الذين ساهموا بشكل لافت في تنشيط الحياة الثقافية والفنية من خلال أمواج الإذاعة الوطنية، علاوة على تأمين المواكبة الإعلامية ووضع المستمعين في قلب مجموعة من الأحداث الوطنية والدولية الكبرى، أبرزها المسيرة الخضراء.
كما تخصص رشيد الصباحي في تقديم وتنشيط البرامج الثقافية والفنية، فكان له حضور بارز في الفترات الصباحية المباشرة، ما جعله من الأصوات المألوفة لدى المستمعين؛ ليتولى أيضا رئاسة قسم البرامج العربية بين 1994 و2000. وبعد مسيرته الطويلة في الإذاعة الوطنية، انتقل الصباحي إلى إدارة الفرع الجهوي لإذاعة خاصة في مراكش بين 2007 و2009، ليعود بعدها إلى العمل مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة كمتعاون معد ومقدم برامج بين 2009 و2013.
وخلال مسيرته المهنية، حصل رشيد الصباحي على عدة تقديرات، أبرزها توشيحه من طرف الملك محمد السادس، بوسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة في 2005، إضافة إلى وسام الكفاءة الفكرية من درجة ضابط في 2007. كما حصل على تقدير من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون في 2004، إضافة إلى العديد من التكريمات، نظير مساره المهني، وإسهاماته المتميزة أيضا في مجال الدفاع عن حقوق المكفوفين.
وتجدر الإشارة إلى أن فعاليات الرواق المؤسساتي للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، خلال هذه السنة، كان مناسبة جددت فيه المؤسسة لقاءها مع فعاليات حقل الثقافة والكتاب، وجمهور باقة قنواتها الإذاعية والتلفزية والرقمية تحت شعار "الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة رافعة للثقافة المغربية"؛ وتميزت ندواته هذه السنة بمقاربة موضوع البرامج الوثائقية وإنجازات قنوات المؤسسة في المجال، في ارتباط بتثمين الثراء الثقافي والتاريخي للمملكة وإشعاعها الدولي.
