الاثنين 21 إبريل 2025
مجتمع

الصويرة تحتضن الدورة الثامنة من الملتقى الأورومتوسطي للقادة الشباب

الصويرة تحتضن الدورة الثامنة من الملتقى الأورومتوسطي للقادة الشباب جوانب من الملتقى الأورومتوسطي للقادة الشباب

احتضنت مدينة الصويرة،  الدورة الثامنة من الملتقى الأورومتوسطي للقادة الشباب، الذي نظم على مدى ثلاثة أيام الجمعة والسبت والاحد 20 أبريل 2025، تحت شعار "بحر نتشاركه"، بمشاركة واسعة لنخبة من صناع القرار والخبراء والباحثين، إلى جانب 120 من الشباب الطموحين المنحدرين من ضفتي البحر الأبيض المتوسط.

ويأتي هذا الملتقى، الذي نظمته سفارة فرنسا والمعهد الفرنسي بالمغرب، بشراكة مع جمعية الصويرة موكادور، وجمعية "مغاربة متعددون"، ومؤسسة "السقاط"، و"إيناكتوس المغرب"، في إطار المبادرات الرامية إلى تعزيز الحوار بين الثقافات، وبناء فضاءات مشتركة للتفكير في التحديات التي تواجه شباب المنطقة، وعلى رأسها التغيرات المناخية، والأزمات الاقتصادية، والرهانات البيئية والاجتماعية.

 

منصة فكرية للحوار والتبادل

جسد الملتقى منصة للتفكير والتبادل بين أجيال مختلفة من القيادات الشابة والخبراء وصناع القرار، الذين اجتمعوا حول طاولة واحدة لمناقشة آفاق التعاون المتوسطي، وتعزيز التقارب الثقافي والاقتصادي والبيئي بين الشعوب.

 وقد انطلقت أشغال الملتقى بحفل افتتاح رسمي، تميز بحضور اندري ازولاي مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور، و كريستوف لوكورتيي سفير فرنسا بالمغرب، بالإضافة إلى شخصيات وازنة من مجالات متعددة.

 

المتوسط ليس حدودا بل إرث مشترك

في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، شدد أزولاي على أهمية اعتماد مقاربة تضامنية وموحدة من أجل مواجهة التحديات المتزايدة في حوض البحر الأبيض المتوسط. وقال إن "المتوسط ليس بحرا فحسب، بل هو ملتقى حي للثقافات والحضارات، وعلينا أن نتعامل معه على هذا الأساس"، وأضاف أن المنطقة تشكل اليوم إحدى أبرز واجهات التحديات البيئية، مشيرا إلى أن حماية البحر المتوسط يجب أن تكون أولوية قصوى في ظل التغيرات المناخية واستنزاف الموارد الطبيعية.

وتابع قائلا "البحر اليوم أكثر من أي وقت مضى، مجال رئيسي للابتكار في مجالات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا الحيوية، والبحث العلمي، والطب، ومن الضروري أن نستعد لرفع هذه التحديات عبر مقاربات شاملة يشارك فيها الجميع".

 

الشباب في صلب الرؤية

وأبرز  أزولاي الدور المحوري للشباب في بناء مستقبل مستدام ومندمج، مؤكدا أن هذا الملتقى يتيح الفرصة أمام الجيل الجديد ليسمع صوته، ويطرح رؤاه ومقترحاته حول مستقبل المنطقة. وقال إن "طاقة الشباب وإبداعهم وقدرتهم على تجاوز الحدود الجغرافية تشكل مؤهلات جوهرية من أجل بناء فضاء متوسطي أكثر احتراماً للبيئة والإنسان".

وختم كلمته بالتأكيد على رمزية الصويرة، المدينة التي وصفها بـ"نموذج التعايش والتنوع الثقافي"، والتي تشكل الإطار المثالي لتجسيد هذا الطموح المشترك ببناء مستقبل متوسطي متضامن ومندمج.

 

فرنسا والمغرب شراكة من أجل الاستدامة

من جانبه، عبر كريستوف لوكورتيي، عن اعتزازه بحضور هذا الحدث الذي وصفه بـ"اللحظة الفريدة"، مبرزا أهمية إشراك الشباب في صياغة حلول لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وأكد أن المغرب وفرنسا، كشريكين تاريخيين، يلعبان دورا محوريا في دعم الانتقال نحو اقتصاد أخضر، وتوفير حلول مبتكرة لتحديات المنطقة.

 

التعليم والثقافة ركيزتان لبناء المستقبل

أما أنييس أومروزيان، مستشارة التعاون والعمل الثقافي والمديرة العامة للمعهد الفرنسي بالمغرب، فقد سلطت الضوء على الدور الجوهري الذي يلعبه التعليم في ترسيخ قيم التضامن وبناء فضاء متوسطي مستدام. وأعربت عن فخر المعهد الفرنسي بالمغرب بدعم مثل هذه المبادرات التي تسهم في مد جسور التواصل بين شعوب حوض المتوسط، وتعزيز الروابط الثقافية والعلمية.

 

نقاشات معمقة وورشات تطبيقية

تميز الملتقى بتنظيم موائد مستديرة تناولت محاور هامة ومتنوعة، من ضمنها "حكامة وتدبير مستدام وصون البحار والمحيطات: أي دور للشباب؟"، و "هل يجب علينا حماية البحر الأبيض المتوسط؟"، و"التواصل وشبكات التواصل الاجتماعي" و"البحر: خير مشترك للانسانية"، وساهم عدد من الأكاديميين والخبراء والفاعلين المدنيين في إغناء هذه النقاشات، من خلال عرض تجاربهم ومقترحاتهم حول سبل حماية الفضاء البحري من التلوث والاستنزاف.

كما تواصلت أشغال الملتقى بتنظيم سلسلة من الورشات التفاعلية التي تناولت مواضيع آنية، منها "الالتزام والتعبئة: بناء مجتمعات رقمية مؤثرة"، و"مقدمة في ريادة الأعمال الاجتماعية والتفكير التصميمي"، و"من الملاحظة الميدانية إلى الترافع البيئي"، و"فنون الخطاب والتواصل مع الجمهور"، و"فهم وسائل الإعلام والمعلومة".

 

“هاكاثون” من أجل الابتكار

وفي خطوة تهدف إلى تشجيع الابتكار وريادة الأعمال الاجتماعية، تم تنظيم مسابقة “هاكاثون” ضمن فعاليات الملتقى، حيث جرى تحفيز المشاركين على تطوير مشاريع مجتمعية ذات أثر بيئي ملموس، تتناول تحديات مرتبطة بالبحر والمناخ والاقتصاد الأخضر، وشكلت هذه المسابقة لحظة إبداعية جماعية، جسدت فيها روح التعاون والتفكير الجماعي من أجل بناء حلول واقعية قابلة للتنفيذ.

 

نحو مستقبل متوسطي مشترك

اختتم الملتقى بجلسات تفكير مفتوحة، جمعت بين الفاعلين في المجتمع المدني والشباب وممثلي المؤسسات، وخلصت إلى أهمية مواصلة هذا النوع من المبادرات التي تسعى إلى بناء فضاء متوسطي أكثر عدلا واستدامة واندماجا، وقد تم التأكيد على ضرورة تعزيز شبكات التعاون عبر المتوسط، ودعم مشاريع الشباب، وتبني سياسات تشاركية تمكن الأجيال الصاعدة من الانخراط الفعلي في صنع القرار البيئي والاجتماعي.

 

موكادور.. مدينة الرياح تنادي من أجل المتوسط

مرة أخرى، أثبتت مدينة الصويرة أنها فضاء مثالي للحوار والتلاقي والانفتاح، حيث نجح الملتقى في ترسيخ موقع المدينة كمنبر إقليمي ودولي لتلاقي الرؤى حول مستقبل مشترك لمنطقة المتوسط. وفي ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتنامية، حملت الصويرة، بصوت شبابها وضيوفها، رسالة أمل إلى ضفتي المتوسط، مفادها أن التغيير ممكن، وأن التعاون هو السبيل الوحيد لبناء غد أفضل. 

يشار إلى أن الملتقى عرف عدة أنشطة بيئية ورياضية وموسيقية، وتنظيم جولة سيرا على الاقدام بالمدينة العتيقة للصويرة، رفقة اندري ازولاي الذي كان طيلة الجولة يقدم شروحات مستفيضة  للشباب وضيوف الملتقى، حول تاريخ وتراث ومعالم مدينة الصويرة والقيم الإنسانية التي يتمتع بها سكان المدينة.