السبت 19 إبريل 2025
سياسة

العميد البحيري: هذه مستجدات القضية الوطنية وتداعيات تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية من طرف الكونغرس الأمريكي

العميد البحيري: هذه مستجدات القضية الوطنية وتداعيات تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية من طرف الكونغرس الأمريكي العميد يوسف البحيري أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق، جامعة القاضي عياض بمراكش
تعرف القضية الوطنية مجموعة من التطورات والمستجدات الهامة، تتجلى في تقديم السيناتور الجمهوري Joe Wilson، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، مشروع قانون، يروم تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية بدعم عسكري وسياسي من طرف  ايران. كما قدم المبعوث الشخصي للأمين العام Staffan de Mistura   ‏إحاطة في إطار مشاورات مجلس الأمن‏ المنعقدة بنيويورك يوم الإثنين 14 أبريل 2025. ومن جانب آخر، تثير العديد من التقارير الدولية قيام البوليساريو بالتجنيد العسكري للأطفال مع تدني وتدهور الوضعية غير الإنسانية للمدنيين المحتجزين بتندوف، والتي تستعملها البوليساريو كورقة ابتزاز للحصول على المساعدة الانسانية من طرف المجتمع الدولي. 
لتقريب القراء من هذه الأحداث، تستضيف "أنفاس بريس" العميد يوسف البحيري أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق، جامعة القاضي عياض بمراكش، لتقديم قراءة قانونية في هذا الموضوع.

 
هل يمكن تفسير تواتر هذه المستجدات التي تعرفها القضية الوطنية على أنها تعبير من المجتمع الدولي عن التسوية النهائية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية في اطار السيادة الوطنية؟

أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، هذا الاسبوع عن مناصرة الموقف المغربي وتجديد اعترافها الواضح والثابت بالوحدة الاقليمية والسيادة الوطنية للمغرب على الاقاليم الصحراوية من طرف ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب، سواء في شخص كاتب الدولة الأمريكي، ماركو روبيو، وكذلك ليزا كينا ممثلة وزارة الخارجية الامريكية في اللقاء مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء المغربية. وذلك على خلفية مجموعة من الاعتبارات منها التوسع الروسي في منطقة الساحل وابرام الصفقات العسكرية والاقتصادية من طرف ميليشيات فاغنر الروسية والبوادر الجديدة للحلف الثلاثي الجزائري الايراني مع روسيا.                            
دون إغفال الموقف الفرنسي داخل مجلس الأمن، الذي احتضن الموقف المغربي العادل منذ  جلسة اعتماد القرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، ومن خلال الاعتراف بالسيادة المغربية على الاقاليم الجنوبية والدعم التاريخي والدائم لفرنسا للمقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي، كحل سياسي وحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وهو ما تجسد في التقارب مع  المغرب باعتباره الحليف التاريخي والاستراتيجي لفرنسا. ودفع بالجزائر الى خلق الأزمة السياسية والتوتر الدبلوماسي غير المسبوقين مع فرنسا انتهى بطرد البعثات الدبلوماسية واستدعاء السفراء للتشاور.

فالقرار 2703 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يحدد بشكل دقيق مسؤولية الجزائر كطرف مباشر في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، هو بمثابة اعلان نهائي للأكاذيب والمناورات التي تختبئ وراءها الاطروحة الجزائرية التي ترددها بأنه ليست لها أطماع اقتصادية وأهداف جيواستراتيجية  في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية وأن ما يهمها في الأمر هو الدفاع عن تقرير المصير الذي انتهى العمل به في السبعينات من القرن الماضي مع تصفية الاستعمار الاوروبي. فتقرير المصير يحمل طابعا ايديولوجيا خاصا، فهو يشكل ورقة تستغلها الجماعات الانفصالية لتهديد الاستقرار والوحدة السياسية للدول، لأن تطبيقه قد يشكل مساسا بسيادة وسلامة أقاليم الدول الأطراف.  

فالمجتمع الدولي يدعو الجزائر الى الدخول المباشر والواضح في المفاوضات السياسية و يحملها المسؤولية السياسية والأخلاقية في هذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية،  والذي يعطل المسيرة التنموية والاقلاع الاقتصادي لمنطقة جنوب البحر الابيض المتوسط.  خصوصا وان الجزائر تحت سيطرة النظام العسكري تعيش عزلة اقليميا ودوليا نتيجة افتعالها للازمات والابتزاز السياسي وصناعة الخصوم مع دول الجوار ومنطقة الساحل.  
فالإجماع الدولي والإقليمي داخل هيئة الامم المتحدة حول مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يشكل ضربة موجعة للأطروحة الانفصالية وتصدعا قويا في بنيان الجزائر وجبهة البوليساريو التي تتاجر بالوضعية غير الانسانية للمدنيين المحتجزين بتندوف كورقة ابتزاز للحصول على المساعدة الانسانية من طرف المجتمع الدولي.
 
كما أبانت أشغال مجلس الأمن عن التشبث بمشروعية الاقتراح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي كحل سياسي لقضية الصحراء المغربية في إطار السيادة المغربية، والذي يندرج في سياقات الحلول السلمية وبمبادئ الامم المتحدة قصد تحقيق الاستقرار في المنطقة. وهو ما قد يفسر على أن مجلس الأمن يسير في اتجاه الطي النهائي لملف الصحراء المغربية من خلال التأكيد على أن مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل النهائي وفق مبادئ القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة. 
 
ماهي قراءتكم القانونية للنقاش الدائر حاليا داخل الكونغرس الامريكي والعديد من المحافل الدولية حول تصنيف البوليساريو منظمة ارهابية من خلال القيام حجز المدنيين وتجنيد الأطفال؟
سبق للبوليساريو القيام بالعديد من الاعتداءات الارهابية التي تتجلى في الانفجارات داخل الاحياء الاهلة بالسكان في سمارة، بواسطة المقذوفات المتفجرة التي تسببت في وفاة الضحايا والإصابة بجروح متفاوتة الخطورة. فهذا العمل الإرهابي الإجرامي الذي يستهدف زهق أرواح المواطنين  بمدينة سمارة وغيرها يتنافى مع مقتضيات المواثيق الدولية لحقوق الانسان.

ومن هذا المنطلق،  فتصنيف البوليساريو كمنظمة ارهابية يتلاءم مع المعايير الدولية  ذات الصلة،  فعلى سبيل المثال  إن الجرائم الإرهابية  المرتكبة من طرف البوليساريو في مدينة سمارة تبحث عن تحقيق أهداف محددة تندرج في إستراتيجية الرعب، أولها قتل الافراد سواء المواطنين العزل  بهدف إجهاض  الحق في الحياة والاعتداء على النفس الإنسانية والسلامة الجسدية من أجل خلق حالة عدم الاستقرار وعدم القدرة على العيش في اطمئنان وزعزعة مقومات السلم الاجتماعي، وثانيا إلحاق الضرر  بالتنمية الإقتصادية والاجتماعية في الاقاليم الجنوبية، وثالثا تسعى العملية الارهابية  تعطيل المسار الديموقراطي للمملكة المغربية، فالبوليساريو  التي تقف وراء تخطيط وتدبير وتنفيذ  العمل الإرهابي الإجرامي بسمارة، تتوفر على أجندة محددة  تستهدف عرقلة مسار البناء الديموقراطي. 

كما ان إدانة هيئة الأمم المتحدة في الدورة العادية للجنة الـرابعة والعشرون المنعقدة بنيويورك هي تكريس للعديد من تقارير المنظمات الدولية التي أكدت على قيام ميليشيات البوليساريو الانفصالية بالتجنيد العسكري للأطفال المحتجزين بمخيمات تندوف، حيث عاينت هذه المنظمات الدولية  إجبار الأطفال المحتجزين للانضمام للقوات الانفصالية بواسطة القوة. 

وتضيف هذه التقارير الدولية أن التجنيد العسكري للأطفال المحتجزين بمخيمات تندوف، أضحى يشكل جريمة ضد الإنسانية خلال السنوات الأخيرة، حيث يتم إجبار أطفال مخيمات بتندوف على  حمل السلاح والمشاركة في القتال واستخدامهم لأداء أدوار داعمة مثل حمل الإمدادات،، وهو ما يشكل جريمة دولية متكاملة الاركان وفق مقتضيات النظام الاساسي لروما تعاقب عليها المحكمة الجنائية الدولية كما يتم إلحاق الأطفال المحتجزين بمخيمات تندوف بالثكنات العسكرية وغسل أدمغتهم وتلقينهم إيديولوجية الكراهية والعنف. 

فجريمة التجنيد العسكري للأطفال المحتجزين بتندوف، تثير مسؤولية قادة البوليساريو قائمة بموجب القانون الجنائي الدولي الذي يلزم الدول الاطراف أن تحيل المتهمين بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب فوق أراضيها الى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بلاهاي أو إلى المحاكم الوطنية للدول الاطراف المصادقة على اتفاقية روما قصد محاكمتهم بعد التوفر على أدلة اتهام كافية لإدانتهم.
 
طالب المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال الدول الداعمة بوقف المساعدات الإنسانية على البوليساريو ما هو تعليقكم عن ذلك؟
وفق ما تتداوله التقارير الدولية فمخيمات تندوف تعيش حالة من الغليان والتمرد، حيث يخوض المئات من الشباب والاطفال والنساء والشيوخ نوعا من العصيان داخل مخيمات بتندوف للتنديد بتهريب المساعدات الانسانية والاستيلاء عليها من طرف عناصر من ميليشيات البوليساريو، ونهج سياسة التجويع التي تمارسها البوليساريو في حقهم، من خلال منعهم من المواد الضرورية للحياة والمتاجرة في المساعدات الانسانية.  بالفعل  لقد رصد مراقبو المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال العديد من المستودعات السرية  بتندوف حيث يتم تخزين المساعدات الانسانية التي يعاد بيعها عوض توزيعها على سكان المخيمات بتندوف. والأدهى من ذلك، يضيف التقرير، أن جزء من المساعدات التي تصل إلى مخيمات تندوف يتم بيعها للسكان عوض توزيعها عليهم بالمجان، مسجلا أن غالبية المساعدات تستخرج من التعليب الذي يشير إلى مصدرها باعتبارها مساعدات إنسانية دولية لتوضع في أكياس وعلب لا تحمل أي علامة بغية بيعها في الأسواق الجزائرية والموريتانية. 

إن تهريب ومنع وصول مواد الإغاثة الإنسانية والدواء والحاجيات الضرورية لحياة المدنيين المحتجزين في مخيمات تندوف يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني، فالمادة 14  من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 تمنع تجويع المدنيين كأسلوب  من أساليب الحرب وتمنع حرمان وصول المواد الضرورية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة مثل المواد الغذائية والأدوية ومواد الإغاثة الأولية. إن اثارة وضعية المدنيين المحتجزين بتندوف والتي تتوفر فيها اركان الجريمة ضد الانسانية،  تستدعي تحريك اليات المتابعة الجنائية الدولية لانتهاكها لمقتضيات القانون الدولي الانساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تمثل مرجعية اساسية لضمان حماية المدنيين المحتجزين بمخيمات تندوف من جرائم البوليساريو، وذلك بتحريم الاعتداء على المدنيين أو مهاجمة أو تدمير المنشآت الضرورية لحياة المدنيين . 

إن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 المتعلقة بالقانون الدولي الانساني تمثل حجر الزاوية لضمان حماية الاطفال المحتجزين بمخيمات تندوف من طرف ميليشيات البوليساريو، وذلك بتحريم التجنيد العسكري للأطفال واستغلالهم في النزاعات المساحة. فالباب الثاني والباب الثالث من الاتفاقية الرابعة لجنيف يشكلان مرجعية اساسية للقانون الدولي الانساني تفرض على البوليساريو والجزائر كأطراف في النزاع على الصحراء المغربية ضمان السلامة الجسدية والأمنية للأطفال المحتجزين بتندوف وتلبية احتياجاتهم في مجال التعليم والرعاية الصحية وعدم اشراكهم في العمليات العسكرية وحمايتهم من جميع أساليب القتل والترهيب والتخويف والأعمال الانتقامية".

ومن أسباب رفض إحصاء السكان المحتجزين في مخيمات تندوف يعود بـ”سياسة استقطاب وتوظيف الرحل  كصحراويين يمثلون قوة بشرية ضد المغرب” و التي نهجتها البوليساريو والجزائر، التركيز على عددهم لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إن قضية ما يسمى ب "اللاجئين الصحراويين" أصبحت في الواقع عبارة عن " مقاولة تجارية عابرة للحدود " يستفيد منها  الجزائر و قادة جبهة " البوليساريو، لقد قدر النائب في البرلمان الاوروبي جيل بارنو، حجم المساعدات التي يتم سرقتها سنويا بـ10 ملايين أورو.