الأربعاء 16 إبريل 2025
اقتصاد

علي الغنبوري.. اختراق أنظمة CNSS الفضيحة الحقيقية ليست في الأجور.. بل في القرصنة

علي الغنبوري.. اختراق أنظمة CNSS الفضيحة الحقيقية ليست في الأجور.. بل في القرصنة علي الغنبوري، رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي
في خضم الجدل الدائر حول اختراق أنظمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، وما رافقه من تسريبات لأجور موظفين في القطاع الخاص، يرى الخبير الاقتصادي علي الغنبوري أن النقاش العمومي انحرف عن جوهر الأزمة الحقيقية، ليغرق في تفاصيل سطحية لا تمس جوهر المشكلة.

الغنبوري يعتبر أن أي عملية اختراق لمعطيات مؤسسة عمومية تمثل فضيحة معلوماتية وأمنية من العيار الثقيل، تثير تساؤلات عميقة حول مدى جاهزية المغرب في ما يتعلق بـ الأمن السيبراني، وحول هشاشة البنيات الرقمية التي من المفترض أن تكون محصنة ضد الاختراقات. فهل نحن لقمة سائغة لكل من “هبّ ودبّ”، على حد تعبيره؟

ويُصرّ الغنبوري، في تدوينته الفايسبوكية على التمييز بين طبيعة البيانات المُسربة، مُعتبراً أن التسريبات لا تمس المال العام، وإنما تتعلق بأجور موظفين في القطاع الخاص. وبالتالي، فإن محاسبة المقاولات على الرواتب التي تقدمها لمستخدميها لا معنى له، لأن ذلك يدخل ضمن منطق السوق، والربح والخسارة، ولا يتعارض مع أي قانون ما دام الأجر لا يقل عن الحد الأدنى القانوني الذي حدده المشرّع، دون أن يحدد سقفاً أعلى.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض أن الأجور المرتفعة تشكل “فضيحة أخلاقية” أو "انحرافاً عن مبدأ العدالة"، يؤكد الغنبوري أن النقاش يجب أن ينصب على تسريب المعطيات الشخصية، التي من المفترض أنها مؤمّنة، لا على المبالغ التي يتقاضاها أفراد لا علاقة لرواتبهم بالمال العام.

صحيح أن الـ CNSS مؤسسة عمومية، يضيف الغنبوري، لكنها لا تتلقى أي تمويل من الدولة، بل تعتمد كلياً على مساهمات عمال ومشغّلي القطاع الخاص. ومن ثم، فإن الأجور المُسربة تعكس فقط ما يتقاضاه بعض العاملين في هذا القطاع، الذي يختلف من حيث البنية والأجور عن نظيره العمومي.

وما يزيد الوضع تعقيداً – بحسب الغنبوري – هو الطابع الانتقائي للتسريبات، حيث تم التركيز على أسماء بعينها دون غيرها، مما يطرح تساؤلات حول الخلفيات السياسية المحتملة للعملية. بل ويذهب أبعد من ذلك باتهامه صراحة للجزائر بالوقوف خلف هذه العملية، في سياق حرب سيبرانية موجهة تستهدف المغرب.

وفي ختام موقفه، يدعو الغنبوري إلى التمييز بين القطاع العام والخاص، مذكّراً أن المهندسين، مثلاً، يتقاضون في القطاع الخاص أجوراً مضاعفة مقارنة بما يحصلون عليه في الوظيفة العمومية، ورغم ذلك، يفضل الكثيرون الالتحاق بالقطاع العام بحثاً عن الأمان الوظيفي.

أما “الفضيحة” الوحيدة التي يمكن الحديث عنها بجدية – حسب  تدوينة الغنبوري – فهي إذا ثبت أن هناك من يتقاضى أجراً مرتفعاً ولا يصرّح به، أو يتملّص من أداء مساهماته الضريبية أو الاشتراكات الاجتماعية. غير ذلك، فإن إثارة الموضوع تحت عنوان “المال العام” لا يعدو أن يكون تشويشاً سياسياً ومعرفياً، لا يخدم النقاش العمومي السليم.