انتقد يوسف الإدريسي الحسني، رئيس الجمعية الفرنسية المغربية لحقوق الإنسان سحب الأطفال من أحضان مئات الأسر المغاربية تحت غطاء ما يعرف بحماية الطفولة Protection de l’enfance من طرف هيئة المساعدة الاجتماعية للطفولة، وهو ما يعرضها لصدمات قانونية واجتماعية عميقة، إثر قرارات سحب حضانة أطفالها القاصرين.
وبينما يفترض أن الهدف من هذه التدخلات هو حماية القاصرين من الخطر، فإن الواقع بحسب الإدريسي يكشف عن ممارسات قد تلامس التمييز المؤسسي، وتمس بحقوق الأسر وكرامة الطفل وهويته الثقافية.
وأوضح في تصريح لجريدة "أنفاس بريس" أن قرارات السحب تستند غالبا إلى مبررات قانونية مثل وجود " خطر أو احتمال خطر على الطفل " وهي عبارة فضفاضة قانونيا، تفسر بمرونة مفرطة، وتفتح الباب أمام تأويلات ذات طابع ثقافي أو سوسيولوجي، خاصة حين يتعلق الأمر بأسر مهاجرة تنتمي إلى مرجعيات تربوية ودينية مختلفة عن النموذج الفرنسي السائد.
وأشار استنادا الى شهادات متعددة أن عددا من هذه القرارات تستند إلى تقارير صادرة عن الأخصائيين الاجتماعيين، مبنية أحيانا على مؤشرات سطحية، مثل تأخر الطفل في المدرسة، أو التوتر داخل الأسرة، أو حتى اللجوء إلى أساليب تأديبية تعتبر عادية في بلدان الأصل، وتتم إحالة الملف إلى قاضي الأطفال، الذي قد يقرر وضع الطفل تحت الحضانة المؤقتة أو القضائية داخل مركز إيواء أو لدى عائلة مضيفة، ومن هنا تبدأ معاناة حقيقية: يفصل الطفل عن والديه وأخوته، ويمنع في حالات كثيرة من التحدث بلغته الأم، أو ممارسة شعائره الدينية بحرية.
وذكر في حديثه لجريدة "أنفاس بريس" أن الجمعية الفرنسية المغربية لحقوق الإنسان- باريس، استقبلت مئات الحالات خلال السنوات الأخيرة، مشيرا بأن هذا الملف لم يعد مجرد مسألة اجتماعية، بل أصبح قضية حقوقية بامتياز، حيث اتضح للجمعية أن العديد من قرارات السحب تتم بناء على تصورات نمطية عن العائلات المغاربية، ويتم التعامل مع الخصوصيات الثقافية والدينية لهذه الجاليات على أنها انحرافات تربوية.
وواصل حديثه بالقول : " نحن لا ندافع عن العنف داخل الأسر، لكننا نرفض أن يستخدم القانون كأداة لطمس الهوية وتشويه الروابط العائلية.." مضيفا بأن هناك خللا بنيويا في آليات الحماية المعتمدة، حيث تفضل السلطات أحيانا نزع الطفل بدلا من تقديم دعم تربوي أو اجتماعي موجه للأسرة، وهو ما يخالف مبدأ " الحفاظ على الروابط الأسرية كلما أمكن" المنصوص عليه في الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل.
وطالب الإدريسي في الأخير بفتح تحقيقات مستقلة في قرارات السحب المتكررة داخل الجاليات المغاربية، ووضع آلية مراقبة قضائية مستقلة تضمن التوازن بين مصلحة الطفل وحقوق الأبوين، وتكوين الأخصائيين الاجتماعيين على المقاربات متعددة الثقافات وإنشاء لجنة برلمانية مختلطة لدراسة حالات " الإيداع غير المبرر " علما أن القضية لا تتعلق فقط بممارسات قانونية شكلية، بل بمصير أجيال كاملة تفصل عن جذورها، وتعاد برمجتها ثقافيا واجتماعيا في بيئات لا تمت بصلة لهويتها الأصلية.