في خطوة استراتيجية تندرج ضمن رؤية المغرب لتحديث وتعزيز قدراته الدفاعية، استلمت القوات المسلحة الملكية الدفعة الأولى من الطائرات بدون طيار التركية "بيرقدار أكينجي" (Bayraktar Akıncı)، المصنعة من قبل شركة "بايكار" (Baykar) التركية، والتي من المرتقب أن تدخل الخدمة الفعلية خلال الأسابيع القادمة.
ويأتي هذا التطور في إطار الشراكة العسكرية المتنامية بين المملكة المغربية والجمهورية التركية، والتي شهدت في السنوات الأخيرة زخماً ملحوظاً على مستوى التبادل التكنولوجي والتعاون الدفاعي. وتعد طائرة "أكنجي" من الطائرات المسيرة الهجومية الأحدث في ترسانة "بايكار"، حيث تتميز بقدرات عالية في التحليق والتسليح والاستطلاع.
تعتبر طائرة "أكنجي" نقلة نوعية في مجال الطائرات بدون طيار، نظراً لما تتمتع به من مميزات تقنية متقدمة. فهي قادرة على التحليق على ارتفاعات شاهقة تصل إلى 12 ألف متر، وبمدى عملي يتجاوز 6000 كيلومتر. كما تستطيع التحليق المتواصل لمدة تصل إلى 24 ساعة، ما يمنحها قدرة كبيرة على مراقبة الحدود وتأمين الأجواء الوطنية بكفاءة عالية.
وتتميز هذه الطائرة بقدرتها على حمل أنواع متعددة من الذخائر، سواء الذخائر التقليدية أو الذكية، إضافة إلى إمكانية تنفيذ ضربات دقيقة، وتوفير دعم جوي مباشر، وهو ما يجعلها أداة فعالة ضمن منظومة الردع والدفاع الجوي للمملكة.
يدخل هذا التحديث في إطار استراتيجية متكاملة تنفذها المملكة المغربية بإشراف القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، الملك محمد السادس، الرامية إلى عصرنة الجيش المغربي وتطوير بنياته العملياتية والتقنية، بما يواكب التحديات الإقليمية والدولية، ويؤمن استقرار وسيادة المملكة في محيط مضطرب.
وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من الصفقات النوعية التي عقدها المغرب في السنوات الأخيرة مع عدد من الشركاء الدوليين، لتزويد جيشه بمعدات عسكرية متطورة، خاصة في مجال الطيران والذكاء الاصطناعي والدفاع السيبراني.
يرى محللون عسكريون أن دخول طائرات "أكنجي" إلى الخدمة من شأنه أن يغير ميزان القوى الإقليمي، خصوصاً في منطقة الساحل وشمال إفريقيا، التي تشهد اضطرابات أمنية متزايدة. كما يعزز من قدرة المغرب على مراقبة حدوده البرية والبحرية الواسعة، ويساهم في التصدي للتهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
إضافة إلى ذلك، يؤشر هذا التطور إلى تحول نوعي في طبيعة القوات المسلحة الملكية، من قوات تعتمد بالأساس على المعدات التقليدية إلى أخرى موجهة نحو التكنولوجيا والأنظمة الذكية، في إطار ما أصبح يُعرف بـ"رقمنة الدفاع".