استقبل الجمهور المراكشي الوافد على القاعة الصغرى بمديرية الثقافة الداوديات عرضا مسرحيا تضافرت جهود ثلة من الفنانين والفنانات من أجل إنجازه، وتقديمه صرخة مدوية، تدين القهر وتشجب الحيف وتندد بالاستغلال الممارس من قبل من يملكون المال والجاه، فيستولون على السلط التي تقدرهم على أن يصوغوا أقدارا مأساوية يفرضونها عابثين على من لا يملكون سوى تجرع الآلام رغم تمسكهم بخيوط الآمال.
ففي نص مسرحي مونودرامي أنجز كتابته بلغته العربية المغربية، هذه اللغة الفصيحة حد الانجراح، والبليغة بلاغة التجذر في تربة هذا الوطن المغربي الأثيل، الكاتب الدرامي المبدع عبد الحق الصقلي٠ واختار له عنوانين يفيدان الدلالة على واقع البؤس والقهر والضياع، هما:١) مسرحية شامة بنت طامو الدربوكة وعباس الكنبري. أو٢) نيني يا مومو. وقام بإخراجه المخرج المسرحي الفنان عبد العزيز أوشنوك، وتكفلت بأدائه على الركح بقوة الإحساس وبراعة الإنجاز الفنانة المسرحية المراكشية نادية مسناوي. وإذا كان المؤلف الدرامي عبد الحق الصقلي قد أفلح في نسج قصة المرأة المستغلة جنسيا واقتصاديا، وكشف كيف يتم تضييعها في ما ينبغي أن تستفيد منه حقوقا إنسانية رئيسة وأساسية، فقد تمكن المخرج عبد العزيز أوشنوك من تحويل كلمات وعبارات الشخصية الرئيسة (شامة) إلى واقع مادي انجدل فيه المرئي مع المسموع، من خلال ما قدمته جسدا وروحا، صراخا وضحكا السيدة المشخصة نادية مسناوي، فجعلت الجمهور الحاضر ينشد إلى نبضها واختلاجات جسمها مع توثبات روحها تفاعلا تجسد صمتا مهيبا يفصح عن التتبع والتأثر بما يتم عرضه كما تجلى عبر التصفيق في لحظات درامية، انكشفت فيها الذات الجماعية المتشكلة من صناع العرض وجمهورهم الحاضر والمتابع انفعالا وتفاعلا.
ولقد وظف صانعو العرض منذ دخول الجمهور إلى القاعة تقنيات مستمدة من النظرية البريختية، وبخاصة اعتمادهم تكسير الحدود بين القاعة والركح، وتوظيف تقنية السينما في المسرح، ثم تتويج ذلك بنزول الشخصية المسرحية إلى حيث يجلس الجمهور، مع توجيه خطبة لتحمل مسؤولية هذا الواقع الجاري في الحياة اليومية، والمفضي بأفراده إلى معاناة (الضر الخايب) داخل بنية مجتمع لا يوفر لهم سوى (الكذب) عليهم منذ الطفولة وحتى الشيخوخة، ولا يعلمهم سوى ترداد أنشودة: (نيني يا مومو! حتى يطيب عشانا. ويلا ما طاب اعشانا، إيطيب اعشى جيرانا... ؤفلخر كيبات كلشي أمعشي بكذبة).
أكيد أن المسرح يبقى أبا للفنون جميعها، وهو ما تجلى في الاختيار الجامع بين التعبير بالصوت والجسد من طرف المشخصة نادية مسناوي التي مثلت ورقصت، وبين التعبير بالموسيقى والغناء الذي قدمته السيدة الفنانة نزهة الجعيدي، علاوة على توظيف التصوير الفوتوغرافي والسينماتوغرافي المنجز من قبل الفنانين المساهمين في صنع وإبداع هذا العمل المسرحي الممتع والجميل بقيادة المخرج أوشنوك ومساعده الفنان المبدع رشيد بيديد.
ورقة تقنية:
فرقة السلام المسرحي مراكش
مسرحية: نيني يا مومو
تشخيص: نادية المسناوي
تأليف: عبد الحق الصقلي
إخراج: عبد العزيز أوشنوك
إدارة الفرقة ومساعدة المخرج، وإدارة الممثل: رشيد بيديد
السينوغرافيا والملابس مع الإكسسوار: مبارك المحمودي
الإضاءة: أنس فتح
ماكياج: فراح أبو الصواب
الغناء: نزهة الجعيدي
مسرحية: نيني يا مومو
تشخيص: نادية المسناوي
تأليف: عبد الحق الصقلي
إخراج: عبد العزيز أوشنوك
إدارة الفرقة ومساعدة المخرج، وإدارة الممثل: رشيد بيديد
السينوغرافيا والملابس مع الإكسسوار: مبارك المحمودي
الإضاءة: أنس فتح
ماكياج: فراح أبو الصواب
الغناء: نزهة الجعيدي
تركيب مقاطع الفيديو: ياسين تابعي