يفكّك محمد بوزنكاض، وهو أستاذ جامعي في التاريخ بجامعة ابن زهر، دلالات فتح طريق السمارة أمكالة التي تعزز نجاح المبادرات الوطنية نحو القارّة، خاصّة مبادرة الأطلسي، وعلى اعتبار أن السّمارة من أقرب المجالات الصّحراوية لمجال السّاحل عموما، خاصّة موريتانيا ومالي، وهي خطوة من شأنها تعزيز الثّقة في نجاح هذه المبادرة وواقعيتها”.
ويؤكّد الجامعي بونكاض، في حوار مع أسبوعية “الوطن الآن”، أن “مبادرات المغرب نحو إفريقيا مسألة وقت لإقامة أسس نموذج تنموي قاري قائم على التعاون جنوب جنوب”.
وفي ما يلي نص الحوار:
ويؤكّد الجامعي بونكاض، في حوار مع أسبوعية “الوطن الآن”، أن “مبادرات المغرب نحو إفريقيا مسألة وقت لإقامة أسس نموذج تنموي قاري قائم على التعاون جنوب جنوب”.
وفي ما يلي نص الحوار:
ما دلالات الطريق الجديدة التي سيتم فتحها بين السمارة عبر أمكالة نحو موريتانيا لتشكّل طريقا ثانية بعد طريق الداخلة عبر معبر الكركارات؟
يشكل حدث فتح طريق بري يربط المغرب بموريتانيا عبر أمكالة بإقليم السمارة خطوة شديدة الأهمية تقيم الدليل على أن التوجه المغربي نحو إفريقيا جنوب الصحراء يشكل قناعة راسخة، كما تمثل هذه الطريق لبنة من شأنها الرفع من ضمانات نجاح المبادرات الوطنية نحو القارة خاصة مبادرة الأطلسي، وتؤكد جدوى هذه المبادرة وواقعيتها، باعتبار السمارة من أقرب المجالات الصحراوية لمجال الساحل عموما خاصة موريتانيا ومالي، وهي خطوة من شأنها تعزيز الثقة في نجاح هذه المبادرة وواقعيتها، وذلك بالنظر للمردودية الاقتصادية لهذه الطريق وضعف تكلفة التنقل عبرها، كما أن تنويع الطرق (الكركرات-أمكالة) يساهم في ضمان استمرارية الدينامية الاقتصادية بين المغرب ودول جنوب الصحراء وصمودها أمام كل التحديات.
كما تتكامل هذه الطريق مع باقي المبادرات مثل ميناء الأطلسي بالداخلة وخط اكادير دكار..، على مستوى وضع المشاريع المهيكلة التي أصبح معها تحقق المبادرات الملكية نحو افريقيا قناعة ثابتة حتى لدى الخصوم الذين شككوا في البداية في إمكانية تحقق هذه المبادرات العملاقة (مبادرة الأطلسي ومبادرة أنبوب غاز المغرب-نيجيريا).
إن مركزية المحيط الأطلسي وأهمية التجارة البحرية في العلاقات الاقتصادية، لا يمكن أن تلغي مكانة الطرق البرية خاصة في حالة مجال الساحل، حيث إن معظم الدول غير ساحلية، مما يجعل من النقل البري وسيلة أساسية لتعزيز الإندماج المجالي لدول افريقيا، كما تشكل مبادرة استثنائية لتنمية المدن المغربية الصحراوية الداخلية وتساهم في خلق أفق واضح لبلورة النموذج التنموي المخصص للمدن الداخلية مثل السمارة التي ستعرف بفضل هذه الطريق دينامية اقتصادية كبيرة وستتشكل لديها هوية اقتصادية وتنموية جديدة تعزز موقعها داخل النسيج الاقتصادي الوطني والقاري.
على مدى التاريخ كانت للمغرب طريق القوافل التجارية نحو دول الساحل، وهو ما يعكس اليوم وغدا توجّه المغرب نحو عمقه الاستراتيجي الإفريقي واستعادة جزء من تاريخه ومده العريق. كيف تقرأ ذلك؟
يشكّل المعطى التاريخي أحد أبرز العوامل التي تعطي للطريق المار عبر السمارة لمنطقة الساحل أهميتها، وتشكل ضمانة لنجاحها، ونحن كباحثون بتاريخ الصحراء وافريقيا طالبنا منذ مدة طويلة بضرورة إحياء طرق التجارة الصحراوية، واعتبرنا أن السياق الذي تعيشه المملكة في علاقتها بإفريقيا يجب أن يتم استلهامه، ذلك أن إحياء هذه الطرق سيضمن للصحراء المغربية أن تستعيد أدوارها في ربط المغرب بعمقه الإفريقي. وإقليم السمارة هو ممر تجاري إجباري بالنسبة لطرق التجارة الصحراوية، منذ بداية الفترة الوسيطية، ومعالم هذه الطرق توثقها الكتب خاصة كتب الجغرافيا والرحلات وتحتفظ الذاكرة ببعض معالم هذه المسالك (الطرق) التي تربط المغرب بمالي عبر موريتانيا. والجدير بالذكر أن اختيار هذه الطرق كان يتم على أسس جغرافية أهمها عامل القرب من هذه البلدان وسهولة تضاريسها. والأكيد أن هذه البداية ستؤسس لمسار لا يزال يعد بالكثير من المكاسب الحضارية والاقتصادية التي تمر عبر بعث هذه الطرق التي تغطي معظم صحراء المغرب شرقها وغربها من تافيلالت إلى أوسرد، وهي تجربة سبقتنا إليها الصين عبر بعث طريق الحرير، وتظل معطى حضاري وجغرافي لا يتحقق إلا لقوى محدودة في العالم من بينها المغرب.
ما الذي سيتيحه فتح معبر أمكالة من فرص ومغانم بأبعادها التنموية والاقتصادية والعمرانية والتجارية على المغرب عموما وعلى إقليم السمارة خصوصا؟
لقد كانت دول الساحل؛ موريتانيا وبوركينافاصو والنيجر ومالي وتشاد، مكونا أصيلا من مكونات المجال المتوسطي بفضل المغرب و أدوار التجارة الصحراوية التي تمر عبر المغرب وترسو بموانئه المتوسطية، إلا أن هذا الانتماء انقطع بعد انحسار التجارة الصحراوية. وتكرس مع الفترة الاستعمارية، فأنتج ذلك عزلة جغرافية وجيواستراتيجية عانت منها هذه الدول وشعوبها، مما جعلها خارج دورة اقتصاد العالم الرأسمالي، خاصة وأن المبادلات التجارية تتم في معظمها داخل المجال البحري. وفي هذا السياق فإن مبادرة الأطلسي تتيح السماح لمبادلات هذه الدول بالوصول للموانئ المغربية وتضع إمكانيات البلاد اللوجستية في خدمة هذه الدول. بل صرفت مبالغ كبيرة في وضع البنيات المهيكلة والكفيلة بتنزيل هذه المبادرة، وهو معطى سيمكن هذه الدول من تجاوز عزلتها ويتيح لها تنفيذ معاملاتها التجارية، ويرفع من جاذبية أسواق هذه الدول أمام الاستثمارات الخارجية، وهو تحوّل اقتصادي ضخم سيكون له- بالضرورة - وقع على التنمية الاجتماعية لشعوب هذه الدول، كما ستفك هذه الطرق والبنيات التحتية العزلة عن عدد من المدن والمناطق، وتحقق شروط تشكل نهضة اقتصادية وعمرانية في هذه المجالات الصحراوية، كما تقدم نموذجا حقيقيا لتنمية افريقيا وتمكنها من تجاوز مشاكلها البنيوية ومن بينها الإرهاب، حيث أصبح من المتواضع في شأنه أن التنمية هي الجواب الأمثل لأزمة دول الساحل وعموم إفريقيا.
لقد رفع المغرب تحديا كبيرا لدرجة استعصى على من لا يعرف قوة إرادة المغرب ملكا وشعبا تقبل الأمر، غير أن وتيرة الإنجاز والمبادرات المتتالية، والتي آخرها الطريق البري السمارة - موريتانيا. تقيم الدليل على أن اكتمال تحقق مبادرات المغرب نحو افريقيا مسألة وقت ليس إلا، وتثبت انسجام المغرب مع ما يصرح ويدافع عنه من التطلع لإقامة أسس نموذج تنموي قاري قائم على التعاون جنوب جنوب. وهي للإشارة مبادرات متكاملة يجب أن لا تتوقف عند المستوى الاقتصادي وتستوجب انخراط كل الفاعلين سياسيا وعلميا ومدنيا. لأن من شأن هذه المبادرات أن تعزز ريادة المغرب قاريا وموقعه الجيوستراتيجي عالميا.
يشكّل المعطى التاريخي أحد أبرز العوامل التي تعطي للطريق المار عبر السمارة لمنطقة الساحل أهميتها، وتشكل ضمانة لنجاحها، ونحن كباحثون بتاريخ الصحراء وافريقيا طالبنا منذ مدة طويلة بضرورة إحياء طرق التجارة الصحراوية، واعتبرنا أن السياق الذي تعيشه المملكة في علاقتها بإفريقيا يجب أن يتم استلهامه، ذلك أن إحياء هذه الطرق سيضمن للصحراء المغربية أن تستعيد أدوارها في ربط المغرب بعمقه الإفريقي. وإقليم السمارة هو ممر تجاري إجباري بالنسبة لطرق التجارة الصحراوية، منذ بداية الفترة الوسيطية، ومعالم هذه الطرق توثقها الكتب خاصة كتب الجغرافيا والرحلات وتحتفظ الذاكرة ببعض معالم هذه المسالك (الطرق) التي تربط المغرب بمالي عبر موريتانيا. والجدير بالذكر أن اختيار هذه الطرق كان يتم على أسس جغرافية أهمها عامل القرب من هذه البلدان وسهولة تضاريسها. والأكيد أن هذه البداية ستؤسس لمسار لا يزال يعد بالكثير من المكاسب الحضارية والاقتصادية التي تمر عبر بعث هذه الطرق التي تغطي معظم صحراء المغرب شرقها وغربها من تافيلالت إلى أوسرد، وهي تجربة سبقتنا إليها الصين عبر بعث طريق الحرير، وتظل معطى حضاري وجغرافي لا يتحقق إلا لقوى محدودة في العالم من بينها المغرب.
ما الذي سيتيحه فتح معبر أمكالة من فرص ومغانم بأبعادها التنموية والاقتصادية والعمرانية والتجارية على المغرب عموما وعلى إقليم السمارة خصوصا؟
لقد كانت دول الساحل؛ موريتانيا وبوركينافاصو والنيجر ومالي وتشاد، مكونا أصيلا من مكونات المجال المتوسطي بفضل المغرب و أدوار التجارة الصحراوية التي تمر عبر المغرب وترسو بموانئه المتوسطية، إلا أن هذا الانتماء انقطع بعد انحسار التجارة الصحراوية. وتكرس مع الفترة الاستعمارية، فأنتج ذلك عزلة جغرافية وجيواستراتيجية عانت منها هذه الدول وشعوبها، مما جعلها خارج دورة اقتصاد العالم الرأسمالي، خاصة وأن المبادلات التجارية تتم في معظمها داخل المجال البحري. وفي هذا السياق فإن مبادرة الأطلسي تتيح السماح لمبادلات هذه الدول بالوصول للموانئ المغربية وتضع إمكانيات البلاد اللوجستية في خدمة هذه الدول. بل صرفت مبالغ كبيرة في وضع البنيات المهيكلة والكفيلة بتنزيل هذه المبادرة، وهو معطى سيمكن هذه الدول من تجاوز عزلتها ويتيح لها تنفيذ معاملاتها التجارية، ويرفع من جاذبية أسواق هذه الدول أمام الاستثمارات الخارجية، وهو تحوّل اقتصادي ضخم سيكون له- بالضرورة - وقع على التنمية الاجتماعية لشعوب هذه الدول، كما ستفك هذه الطرق والبنيات التحتية العزلة عن عدد من المدن والمناطق، وتحقق شروط تشكل نهضة اقتصادية وعمرانية في هذه المجالات الصحراوية، كما تقدم نموذجا حقيقيا لتنمية افريقيا وتمكنها من تجاوز مشاكلها البنيوية ومن بينها الإرهاب، حيث أصبح من المتواضع في شأنه أن التنمية هي الجواب الأمثل لأزمة دول الساحل وعموم إفريقيا.
لقد رفع المغرب تحديا كبيرا لدرجة استعصى على من لا يعرف قوة إرادة المغرب ملكا وشعبا تقبل الأمر، غير أن وتيرة الإنجاز والمبادرات المتتالية، والتي آخرها الطريق البري السمارة - موريتانيا. تقيم الدليل على أن اكتمال تحقق مبادرات المغرب نحو افريقيا مسألة وقت ليس إلا، وتثبت انسجام المغرب مع ما يصرح ويدافع عنه من التطلع لإقامة أسس نموذج تنموي قاري قائم على التعاون جنوب جنوب. وهي للإشارة مبادرات متكاملة يجب أن لا تتوقف عند المستوى الاقتصادي وتستوجب انخراط كل الفاعلين سياسيا وعلميا ومدنيا. لأن من شأن هذه المبادرات أن تعزز ريادة المغرب قاريا وموقعه الجيوستراتيجي عالميا.