الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

حسن شاكر: الجالية ومواقف استفزازية لا تخدم الرفع من الحس الوطني..

حسن شاكر: الجالية ومواقف استفزازية لا تخدم الرفع من الحس الوطني..

هـل هـو استـفـزاز مجانـي أم بأبعـاد عـميقـة..؟ وهـل تغيـر فـينا شيء، أم إننا لـم يـتغيـر..؟

نحمـر خجـلا ونبحث عـبـثـا عـن تبـريـرات لسلوكياتنا كُـلما سمعـنا "مـالـك تـتْـسحاب راسـك لْهـيه..؟".

وكـرد فـعـل أوتـوماتـيكي، فـإنـنا نُجـيب وعــلاش لا..!؟ ونسـرد كـل المنجزات والأوراش عـلها تُـقـنع  المُستـفـز...

عُـيون تـراقب حركات وسكـنات المهاجر عـند مقـامه بـبلده المغـرب، تـتفحص سلوكـه وتُـقـارن بيـن حـال عـمـر أو زيــد قـبل وبعـد الهجـرة ولا نـشك في حجـم الـتهكـم أو السخـرية والتي قـد تـتخـذ شكـل نـميمة  مثـلا أو رد فعـل على سلـوك معين للمهاجـر..

حكـايـات كـثيرة تـشبه حكـايـة الأعـرابي الـذي هــاجر للمدينة وبعـد عـودتـه يسخـر أصحاب الـقـرية من طباعـه الجديدة.. صورة طبـق الأصل لما يحصل للمهاجر في بلـده حيث تُـوضع سلوكـياته في الميزان....

"وراك في المغرب أولْــدِي"،وغيرها من عبارات استفـزازية أصبحت مألـوفـة لـدى المهاجريـن خـاصة في تعـاملهـم المـباشر مع الإدارات حيث المهاجـر تعـوًد على نــوع مـن الخـدمات الإدارية تـتسـم بالسـرعة وغـياب البيـروقـراطية والشفـافية وأيضا المــرونة.. وهــو قــد ينـسى أو يتنـاسى هـذا لحظة وقــوفـه أمام شبـابيك الإدارة المغربية مُحاولا تحـقيق نـفـس الخدمة بـنفس المواصفات في بلـده.. فـيتـم تذكيـره بأنـه في المغرب إما مـن طرف الـمُوظف نـفسه أو من المواطنين، لـيتـم تــرحيله مـن حالــة الـنشـوة والأماني إلى لُـغـة الـحقـيقـة.. وهـذا لا يُــلغي جهـود الإدارة المغربية فـي تسهـيـل المعاملات الإدارية ووجـود خلـية للمهاجرين في الكثير من الإدارات المغربية.. لكـن الصدمة هـي  تـذكيـرنـا أننا في المغرب من طرف الموظف حتى في وجـود تعليمات بتسهيل معاملات المهاجرين الإدارية...

.. لا نُسامـح كُـل الأفـراد الـذين يُحاوِلــون خـدش تـلك الـصورة العفـويـة الـتي يتعامل بها المهاجر في بـلـده.. لأنه لا يـضع معـطف سلـوكه الـجديد على الحدود لـيعـود للـباسـه عـند مغادرته الـوطـن... بـل العـفـوية فـي السلـوك كـاحتـرام الطابـور مثلا أو الاحتفـاظ بعُـلبة السجائـر فـارغة بجـيـبه إلى أن يجـد  سلـة الأزبال (وكثيرا لا يجدها..!!)، وغيــر ذلك من السلوكيات العفوية التي تُحرج المهاجـر مـرات عديدة، وكأنهـم يُـطالبـونـه بقـذف الأزبال في الشارع العام حتى ينال رضاهـم.. ودابا راك مغربـي...

لن نهتـم بهـذه الـفـئة الـقـليلة ســواء من مـوظـفي بعـض الإدارات أو موظفي الأبنـاك أو... لــكـن وفي أوقــات كـثيرة يُصبح استفـزازهـم حـقـيقة مُـرة... ســواء في المستشفيات حيث يتــرواح حــق الصحة بـين الــوجود والـعـدم.. بـيـن غـياب أو انعـدام الـتجهيزات في القطاع العـام... وبيـن مـصحات خصوصية مصنفـة كالـفـنادق في حيـن أن المجتمعات الغربية تعمل على تحـقيق خـدمـة الصحة للجميع وبنفس المواصفات بضميـر مهني وإنسـاني لا يُــوصف....

الاستفـزاز نجـده أيضا فـي الطـريق العـام حيث شـرطي الـمرور كـثيرا ما يحلـو لـه إيـقاف السيارات المرقـمة بالخـارج (وخاصة الإيطالية).. فـهـل للـترحيب به؟ أم  للـسـلام عليـه، أم...

الاستفـزاز في أماكــن إداريـة مُحددة يـرتـادهـا المهاجر بالمغرب كالـمحاكم والمحافظة العقـارية وإشكـالـية مساطـر التحفيظ والتسجيل والرسوم.. وهل وجــود الموثـق والعــدول والـوكالات العقـارية كـقنـوات، هي ضمانة ضـد الـتـدليس عـليه في العقـود..؟ ودون نسيان الأبنـاك حيث لا نفهم كيف أن بعض الملفات يضرب بها المثل في سرعـة الإنجاز وملفات تبقى حـبيسة أدراج الـبنك في انـتظـار كــرامات الأوليــاء الصالحين.. حيث كثيـرا ما ضاعـت أحلام بعض المهاجرين باقـتناء قبـر الحياة لأنه مـا فْهـامْـشْ راسُــو...

ولـذلك فالكثيـر من المهاجرين يعملون على جلب الأموال من بنكهـم بالمهجر في شفـافية تــامة وبلُغـة بسيطة ومـرونة كـافية تجعلـه مُطمـئن عـلى عـدم  تحـويل الملف إلى المحاكـم  والـبيع بالمزاد العلني للعقار لأن مُهلة الإخطـار كـافية وإمكـانية تحديد الخدمات بالنسبة لكل ملف أكـيدة..

ولأننـا ".. أولاد  دابــا" فـلماذا لا يُـثــار موضوع أرقــام الــنداء المستعجل الخاصة بالمستعجلات والشرطـة ورجال المطافئ. فرغم تعـدد الـفاعلين في مجال الاتصال وتحقيقـهم أرقـام أرباح خـيالية سنـويا، فإننا ما زلـنا نـطمـح بتحسينها سـواء مــن حـيث الجـودة وما يـتطلب ذلك من السرعة أو من حـيث الـعمل بأن الأصل في الاتصال هــو التـبلـيغ أو طلـب الـنجدة والـكف  بالاحتجاج بكـون العـديد يـتصل لتـضييع الـوقـت وما شـابـه ذلك مـن الحجج...

فكـثيـر من المهاجـرين  وفي حـالات  خاصة تـتطلب الاتصال بهـذه الـخدمة المجانية أصلا، يُـفاجـأون بمشاكـل  تـتعلـق إمـا بعـدم الإجـابة أصلا أو الانـتظـار المُـبالغ فـيه أو يـتلقى إجـابات استفـزازية حيث يـمكنـه أن يـفهـم منها أن لا يـتصل مُجـددا بهـذه الـخدمة ويـبحثلـه عـن الــبـديـل، ليُـصاب بعـد ذلك بحالــة مـن الإحبـاط نــاتـج عـن مُـقـارنتـه لمـثل هـذه الـخدمة ببـلـد هجـرتـه، حيث كـثيرا ما كـانت حيـاة أُنــاس بـين الـموت والحياة وأُسعِـفـت وبِـدايــات حـرائــق الـغابات وأُخـمـِدت... ولــذلك فـقـد أصبح هــذا سلوكا عـاديا عنـد المهاجر الـذي  قـد يُـفاجـأ أيضا عنـد رغـبته في تـفعيلـه بتـذكيره مـن طـرف العارفـين أنه في المغرب وضروري أن يكــون.. الــدم بــاشْ يِـجـيــو... وهــذا أيضا استفـزاز.. أما أن الاتصال بالأرقـام المستعجلة يـتـطلب رصيدا كـافيا بالهـاتف فـأخبــرونا بعـد التجربة...

نـذكر فقط أن المرسوم رقم 2.00.1333 الصادر بتاريخ 9 أكتوبر2000 والخاص بالموافـقة على دفـتر التحملات لاتصالات المغرب في الفقرة 6 من المادة 10 تطرق إلى نـداءات الاستعـجال وأقــر تمريـرها بالـمجان إلى الهيـآت العمومية المكلفــة...

مـواقف استفـزازية كـثيرة تجعـل بعض المهاجرين يحـلفـون بأيْــمان غـليـظة بعــدم الـعـودة للمغـرب... لــكـنهم يـنسون ويــرجعون مــرة ومرات أخرى.. لأنـه لـيس لهم أرض أخــرى يـفتخـرون بالانـتماء إلـيها، وليـس لهـم وطــن آخــر يُــقـدمون لــه الـولاء غــيره... ويحــنون إلـى" أولاد الـدرب "في عـــلاقة جــدلـية بالـمكان...

ولأصحاب الـتـيئـيس نــقـول إن"مغرب دابـا"ورش كبيــر للإصلاح وفي كل المجالات تجعـلنا نتطلع إلى مُستـقبل يُمكـنـنا مـن مجــابهة المستفــزين ونـفتخــر بانــتمائنــا لـــوطــن اسمــه المغــرب... ودُمْـتُــمْ...