نخلد في هذه الأيام المباركة ذكرى معركة أمغالا المجيدة إلى جوار ذكرى إجلاء آخر جندي للمستعمر الاسباني عن جميع ثغور مملكتنا المغربية. ولقد فتحت الباب على هذه الذكرى وهي تصادف أياما لا كغيرها و موسما كريما مملوءا بالرحمة والفرحة الممزوجة بالتعاطف مع اخواننا في غزة الابية، في ظل فرحة المغاربة قاطبة بتفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بحفظه ورعايته بإلغاء شعيرة عيد الأضحي رفقا بالمواطنين، وبالأخص الفقراء منهم. وكأن أمير المؤمنين يرمي إلى ضرب كل أشكال المضاربة والاحتكار في أفق تخفيض الاسعار وتلطيف لهيبها على المواطنين البسطاء . إجراء جاء قبل ثلاثة أشهر قبل عيد الأضحى في أيام مباركة تصادف شهر الغفران والرحمة كما زاد تساقط الأمطار من فرحة المغاربة قاطبة. هذا ما صادفته هذه الذكرى، أما الحديث عنها فلا يكفيه بحر مداد.
وقبل الخوض في معركة أمغالا لا ضير في العودة إلى سنة 1963 بعد نشوب حرب الرمال بين المغرب والجارة الجزائر، هذه الحرب التي تركت آثارا وجروحا غائرة في ذاكرة ووجدان الجيش الجزائري حيث قال بسببها الرئيس الجزائري بومدين "المغاربة حكرونا". و لا لزوم لإثارة هذه العبارة التاريخية فالأمر لا يعدو كونه نتيجة حرب أو معركة.
وسبب نشوب هذه الحرب هو تعنت الجزائر في استرداد أجزاء من الأراضي المغربية التي اقتطعتها فرنسا إبان استعمارها الاستيطاني للجزائر.
وهنا سأغوص في التاريخ السياسي للمغرب، فبعد حصولنا على الاستقلال- و أعي ما اقول ـ غرر ببعض الخونة آنذاك وهم الذين لم ينالوا ما خطر ببالهم و عملوا بمعية أعداء الوطن آنذاك بالتشويش وتشويه ما حققته مقاومتنا الباسلة في الذود عن حياض الوطن وأطلقوا العنان لألسنتهم بخطابهم العدمي والحديث عن أكاذيب وترهات في غياب فقههم لمنطق السياسة بتنازلاتها وتوافقاتها والتزام الدول بمواثيقها ومعاهداتها خلال حرب ثلاتة أيام بقيادة الجنرال ادريس بنعمرو الذي كان على مشارف تيندوف لولا امر صاحب الجلالة تلك اللحظة بالتراجع لدرء الفتنة وحقن الدماء.
ومن بين طرائف هذه المعركة أن الرئيس المصري حسني مبارك كان آنذاك عنصرا بالجيش المصري و تاهت به مروحيته و حطت بالتراب المغربي وكان بإمكان ملك البلاد أن يأسره، الا أن الحسن الثاني رحمه الله بحكمته وتبصره، راعى تدخل جمال عبد الناصر في هذه النازلة.
وبعد نشوب الحرب سنة 1976 بين المغرب والجزائر بتكليف المنظمة الإرهابية البوليساريو التي كانت انذاك تتكلم عن مشروع جمهورية وهمية، وفي يناير من نفس السنة نفذت قوى الجيش الجزائري الغادرة هجوما مباغتا في منطقة أمغالا على الجيش المغربي، وطبعا الغدر سمة العصابات والميلشيات وهو ما ينطبق على الجيش الجزائري لأنه لم يعرف النور هو ودولته الا بعد سنة 1960 عندما تحررت البلاد من استعمار دام لأكثر من ثلاثة قرون. وهذه المعركة خلفت هي الأخرى جرحا عميقا وآثارا نفسية كبيرة في نفس شنقريحة الذي لو لا تدخل أنور السادات آنذاك لكان قضى هذا العجوز المختل سنين عددا بسجون المملكة.
وللتاريخ لا بد من التذكير بتحالف بومدين مع رئيس الانقلاب ضد نطام السنوسي بليبيا. و لا زال العالم يتذكر عتاب الملك الحسن الثاني لمعمر القذافي على مجيئه لحضور أشغال المنظمة العربية بالمغرب دون استدعاء حيث عمل ملكنا على وضع معمر القذافي في حجمه الحقيقي أمام رؤساء وملوك الدول العربية، وهي غصة انضافت إلى سابقاتها لتظل عالقة في حلق النظام الجزائري وتذكي حفيظته بعد غصة حرب الرمال ومعركة امغالا والفشل في السعي لاستغلال خلاف القذافي مع الحسن الثاني طيب الله ثراه.