الأربعاء 19 فبراير 2025
اقتصاد

عواطف حيار: انخفاض الإنتاجية الاقتصادية للأسرة يؤثر في انتشار البطالة والجريمة ويهدد استقرارها

عواطف حيار: انخفاض الإنتاجية الاقتصادية للأسرة يؤثر في انتشار البطالة والجريمة ويهدد استقرارها عواطف حيار
أكدت عواطف حيار، خبيرة في السياسات الاجتماعية وفي المدن الذكية الاجتماعية، والمستدامة والناجعة، والوزيرة السابقة لوزارة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة أن الدولة تعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية، والاقتصادية للأسرة بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها، مشددة على ضرورة الاهتمام بالأسرة، وحمايتها من الظواهر الاجتماعية السلبية مثل التفكك الأسري، البطالة، الجريمة، والعنف التي تشكل تحديات خطيرة أمام التنمية المستدامة، حيث تؤدي إلى إنتاج وضعيات صحية، واجتماعية متدهورة، وإلى انتاج الهشاشة والتفكك الأسري، والعنف مما يثقل ميزانية الدولة.

وأكدت عواطف حيار على أن انخفاض الإنتاجية الاقتصادية للأسرة يؤثر في انتشار البطالة، والجريمة، ويهدد استقرار المجتمعات، ويسبب انتشار ظواهر اجتماعية سلبية تتطلب جهودًا، وموارد مالية إضافية للتصدي لها مثل بناء مؤسسات الرعاية الاجتماعية، والسجون، وتوفير برامج إعادة التأهيل.

جاء ذلك ضمن مداخلة لها تحت عنوان "الترابط بين الاجتهاد في فهم الدين وتخليق الفكر الحداثي الذي تنبني عليه الدولة الحديثة وذلك من منظور تكامل وازع السلطان (أي الدولة مع وازع القرآن أي الدين لتعزيز صمود الأسرة وتوازنها ومساهمتها في التنمية"، بمناسبة اللقاء التواصلي الذي نظمه المجلس العلمي الأعلى للاستماع إلى الخبراء في التنمية حول مشروع خطة "تسديد التبليغ" الأسبوع الماضي .

وأكدت المتحدثة ذاتها على أنه للحديث عن التنمية، وخاصة التنمية البشرية في المغرب، لابد من الرجوع إلى الخطب الملكية المؤسسة للدولة الاجتماعية والتنمية البشرية، حيث أكد الملك محمد السادس، ومنذ السنوات الأولى من اعتلائه العرش على أهمية انخراط الجميع في عملية التنمية حيث قال الملك في خطاب العرش سنة 2003 "لقد انصب حرصنا الأول منذ اعتلينا العرش على إعطاء روح جديدة للدولة المغربية الحديثة التي أرسى أركانها العتيدة والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله روحه. وفي هذا الصدد أولينا البعد الاجتماعي والاقتصادي مكانة الصدارة في السياسات العمومية" .

وتوقفت عواطف حيار عند إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في 2005 من طرف الملك محمد السادس، كما أشارت إلى ما نص عليه دستور المملكة 2011 في تصديره على "أن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة"، كما تشير أهداف التنمية المستدامة الى دور الأسرة المحوري في تحقيقها، حيث تعد أهداف التنمية المستدامة (SDG)، التي تبنتها الأمم المتحدة عام 2015 ضمن أجندة 2030، خريطة طريق لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع. تشمل هذه الأهداف مجالات متعددة مثل القضاء على الفقر، تحسين الصحة والتعليم، تعزيز المساواة بين الجنسين مكافحة تغير المناخ، وتحقيق السلام والعدالة. في هذا السياق، تلعب الأسرة دورا محوريا باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع القادرة على التأثير في أجيال الحاضر والمستقبل.

وحول أهمية الأسرة، أوضحت عواطف حيار أن التوجيهات الملكية تؤكد في عدة خطب ملكية على ذلك وما جاء في خطاب تعيين اللجنة الملكية الاستشارية المكلفة بإعداد مشروع مراجعة مدونة الأحوال الشخصية يوم 27 أبريل 2001، على أهمية الأسرة داخل المجتمع المغربي حيث قال الملك: "واعتبارا لكون الشريعة الإسلامية قائمة على الوسطية والاعتدال وتحري مقاصد الإصلاحالاجتماعي، فإننا حريصون على ضمان حقوق النساء والرجال على حد سواء، غايتنا في ذلك تماسك الأسرة وتضامن أفرادها وتثبيت التقاليد المغربية الأصيلة القائمة على روح المودة والوئام والتكافل الاجتماعي الذي نحن مؤتمنون على استمراره، لا سيما في نواته الأساسية المتمثلة في الأسرة".

كما أكد الملك على أهمية الأسرة، ومحوريتها في النموذج الاجتماعي، والتنموي لبلادنا في خطاب افتتاح الدورة التشريعية الخريفية في 13 أكتوبر 2023 حيث قال الملك " إن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، حسب الدستور، لذا نحرص على توفير أسباب تماسكها.

وفي حديثها عن نتائج الدراسات حول الكلفة التي تتكبدها الدولة المعالجة الظواهر السلبية، أفادت عواطف حيار أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أشار في تقريره لعام 2023 إلى أن التكلفة الاقتصادية للظواهر الاجتماعية السلبية في المغرب قد تصل إلى 7-10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أشار تقرير البنك الدولي لعام 2022 حول الظواهر الاجتماعية السلبية في دول شمال إفريقيا إلى أن المغرب ينفق أكثر من 6 مليارات درهم سنويا لمواجهة آثار هذه الظواهر.

وشددت على أن الكلفة المادية للظواهر الاجتماعية السلبية في المغرب ليست مجرد أرقام، بل هي موارد تهدر، كان من الممكن استثمارها في التنمية، والتعليم، والصحة لمعالجة هذه القضايا، يجب التركيز على الوقاية من خلال تعزيز التعليم، توفير فرص العمل، ودعم الأسرة باعتبارها نواة المجتمع عبر تبني سياسات شاملة ومستدامة يمكن أن يحد من هذه الظواهر ويخلق بيئة أكثر استقرارا وازدهارا، هذا بالاضافة إلى مشكل البطالة لدى الشباب (NEET) الذي يهم ازيد من 21 في المائة، ونسبة الأمية أزيد من 24 في المائة، حسب ارقام الاحصاء العام لسنة 2024 للمندوبية السامية للتخطيط.