السبت 15 فبراير 2025
مجتمع

إدريس لشكر يدعو إلى ضرورة القطع مع سرديات البكائيات في ملف ضحايا سجون تندوف (مع فيديو)

إدريس لشكر يدعو إلى ضرورة القطع مع سرديات البكائيات في ملف ضحايا سجون تندوف (مع فيديو) ادريس لشكر (يمينا) إلى جانب بعض ضحايا سجون البوليساريو
قال إدريس لشكَر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الاجتماع مع ضحايا سجون مخيمات تندوف من المفروض أن يشكل منعطفا حاسما في مقاربة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بسجن الرشيد على الأراضي الجزائرية، "قاطعين مع سرديات البكائيات، ومتجاوزين لعتبات الرصد نحو أفق ترافعي ونضالي مندمج، لا تنفصل فيه مناصرة حقوق الضحايا عن النضال الوطني والحزبي من أجل قضية الوحدة الترابية، وذلك على هدي التوجيه الملكي الداعي إلى الانتقال في التعامل مع القضية الوطنية من التدبير إلى التغيير".

وأضاف لشكر متحدثا في ندوة حول "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بسجون البوليساريو بتندوف"، احتضنها المقر المركزي للحزب بالرباط، الجمعة 14 فبراير 2025، أن سجن الرشيد بمخيمات تندوف بالأراضي الجزائرية يحضر في مخيلة المناضلات والمناضلين كعنوان لبنية قسرية متسلطة تعتمد مأسسة الممارسات المتنافية مع المواثيق الدولية وتمعن في ابتكار نسخة غير مسبوقة من أساليب التعذيب الجسدي والنفسي، كما هو مثبت بالتوثيقات المتراكمة والشهادات المتعددة على البعد الممنهج للتجاوزات، وكما ترصده التقارير الدولية. فإذا كانت تندوف فضاء احتجاز وقهر كبير، فإن سجن الرشيد هو فضاء لتصفية كل الأصوات المعارضة والضمائر الحية التي توقظ همة المحتجزين وتزيل عن عيونهم غشاوة التضليل الانفصالي الذي يعلن إفلاسه يوما بعد يوم.

واعتبر لشكر أن فداحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سجن الرشيد، تضع المنتظم الدولي والأممي أمام مسؤولية ذات بعدين:

البعد الأول يتمثل في المسؤولية القانونية: حيث يعتبر القانون الدولي لحقوق الإنسان أن كل أشكال الاحتجاز غير القانوني والمعاملة اللاإنسانية والإخفاء القسري انتهاكات جسيمة تستوجب محاسبة مرتكبيها المباشرين وغير المباشرين تنفيذا وتواطؤا وصمتا وتسترا عليها.

البعد الثاني يتمثل في المسؤولية السياسية: حيث تتحمل الزمرة المتغلبة في الجزائر، مسؤولية احتضان هذه الممارسات القروسطية داخل أراضيها، وهو ما يقتضي ضرورة التحرك الدولي بما يضمن مساءلة هذا الضلوع الجزائري الصريح وفقًا للآليات الحقوقية المتاحة.

علاوة على ذلك، فإن الزمرة المتغلبة في الجزائر تضع نفسها ومعها المنظمات الدولية في تناقض أخلاقي ومنهجي فاضح، حينما تعتبر الصحراويين في مخيمات العار بمثابة لاجئين، ثم تتواطأ في تشييد سجون لتعذيب اللاجئين على أراضيها، وهي حالة فريدة دوليا لبنية قهرية في حق اللاجئين، على الأقل حسب التوصيف الجزائري.

وأكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سجن الرشيد لم تكن مجرد حالات فردية، بل هي عمل إجرامي منظم برعاية جزائرية مكشوفة، وبآثار نفسية واجتماعية تلازم الضحايا وأسرهم، وهي الجراح التي تخترق الذاكرة الجماعية كمغاربة بعد أن أدمت قلوب أسر المختطفين ومجهولي المصير من ضحايا سجن الرشيد.

وفي خضم الترافع عن هذا الملف بشكل قوي، يعيد توطين مناصرة حقوق الضحايا اقترح إدريس لشكر المداخل النضالية الآتية:

أولا، مدخل الدبلوماسية الحقوقية: من خلال تفعيل آليات الدبلوماسية الحقوقية التي تجعل من العدالة محورًا في العلاقات الدولية وفي بناء الطرح الترافعي أمام آليات حقوق الإنسان وفي محافل الحركات السياسية ذات التوجه الديمقراطي والتقدمي، ومن جملتها الأممية الاشتراكية بكون الحزب عضو فاعل فيها، وذلك بما يسمح بإعادة ضبط بوصلة النقاش الحقوقي حول انتهاكات سجن الرشيد نحو اتجاهات أممية أكثر تأثيرا، بما يجعلها هي نفسها في طليعة المترافعين.

ثانيا، مدخل التربية والثقافة والإعلام: استثمار كل ممكنات العمل التربوي والثقافي والإعلامي، من أجل التملك المجتمعي للقضية وفي أفق نقل قصص سجن الرشيد إلى محكي جمالي ملتزم، مع استثمار ذكي للعرض الرقمي القادر على تعريف الجمهور الواسع بهذه الانتهاكات الجسيمة، وعلى تدويلها كسلطة رقمية ناعمة تكشف زيف روايات المشككين والمتقولين بغير علم عبر تسخير الخوارزميات من أجل عدالة عابرة للحدود.

ثالثا، مدخل البحث العلمي التاريخي: ذلك أن الشهادات والتوثيقات وغيرها من الحجج التاريخية على فداحة الجرم المشهود بتواطؤ الزمرة المتغلبة في الجزائر، تتطلب من الباحثين في التاريخ أن يعيروها ما تستحق من دراسة وتوثيق، حتى يتم إخراجها من دائرة خطاب الذاكرة الموسومة بكونها جزئية ومتحيزة إلى خطاب التاريخ لأنه عادل ومنصف ولا يقبل النسيان.