الخميس 20 فبراير 2025
مجتمع

الأمن المغربي في حالة يقظة دائمة لمواجهة ثالوت القرقوبي والكوكايين والعصابات المنظّمة

الأمن المغربي في حالة يقظة دائمة لمواجهة ثالوت القرقوبي والكوكايين والعصابات المنظّمة محمد أحداف، أستاذ علم الإجرام والعلوم الجنائية، جامعة مكناس 
يكشف‭ ‬محمّد‭ ‬أحدّاف،‭ ‬أستاذ‭ ‬علم‭ ‬الإجرام‭ ‬والعلوم‭ ‬الجنائية‭ ‬بجامعة‭ ‬مكناس،‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الإجرام‭ ‬والعلوم‭ ‬الجنائية،‭ ‬المجهود‭ ‬الأمني‭ ‬واليقظة‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬يباشرها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬ثالوث”‭ ‬المخدّرات،‭ ‬الكوكايين،‭ ‬والعصابات‭ ‬المنظّمة‭ ‬عير‭ ‬مسارات‭ ‬التّهريب‭ ‬من‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وعبر‭ ‬مطار‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬عبر‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية”‭.‬‮ ‬
ويؤكّد‭ ‬في‭ ‬حواره‭ ‬مع‭ ‬أسبوعية‭ ‬“الوطن‭ ‬الآن”،‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬فعله‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الثّالوث،‭ ‬وما‭ ‬الرّهان‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬فعله‭ ‬لتعزيز‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومة‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬الأداء‭ ‬الأمنيّ‭ ‬مبنيا‭ ‬بالأساس‭ ‬حول‭ ‬العقيدة‭ ‬الاستباقية‭ ‬قبل‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجريمة‭.‬‮  ‬

ما‭ ‬قراءتك‭ ‬للمجهود‭ ‬الأمني‭ ‬واليقظة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬محاربة‭ ‬الجريمة‭ ‬والعصابات‭ ‬المنظمة‭ ‬خاصة‭ ‬الاتجار‭ ‬في‭ ‬المخدرات‭ ‬والمؤثرات‭ ‬العقلية‭ ‬والتي‭ ‬ترصد‭ ‬المجهود‭ ‬الأمني‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬رصد‭ ‬هذه‭ ‬العصابات‭ ‬المنظمة؟
 فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقراءتي‭ ‬للمجهود‭ ‬الأمني‭ ‬واليقظة‭ ‬الأمنية،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكار‭ ‬حجم‭ ‬المجهود‭ ‬الأمني‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬ليل‭ ‬نهار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬أمن‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭. ‬وهذه‭ ‬حقيقة‭ ‬يعترف‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬العالمية،‭ ‬كالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وألمانيا‭ ‬وإنجلترا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وبلجيكا‭ ‬وفرنسا‭. ‬ويبدو‭ ‬مضمون‭ ‬المجهود‭ ‬الأمني‭ ‬واليقظة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬نوعية‭ ‬الأداء‭ ‬للجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بالأساس‭ ‬بأخطر‭ ‬جوانب‭ ‬العصابات‭ ‬المنظمة،‭ ‬وهي‭ ‬خلايا‭ ‬الإرهاب‭ ‬بحيث‭ ‬يشهد‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬وللجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬بالدور‭ ‬الطلائعي‭ ‬إقليميا‭ ‬وقاريا‭ ‬جهويا‭ ‬ودوليا،‭ ‬وفي‭ ‬مساهمته‭ ‬في‭ ‬تجفيف‭ ‬منابع‭ ‬شبكات‭ ‬العصابات‭ ‬المنظّمة،‭ ‬التي‭ ‬تتبنّى‭ ‬ثقافة‭ ‬العنف‭ ‬والتطرّف‭ ‬وتفكيك‭ ‬هذه‭ ‬الخلايا‭.‬‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الوطني،‭ ‬لكن‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بعلاقتنا‭ ‬مع‭ ‬شركائنا‭ ‬وحلفائنا‭ ‬الأقربين‭ ‬كإسبانيا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬وفي‭ ‬قراءة‭ ‬للمجهود‭ ‬الأمني‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز‭ ‬أمّن‭ ‬بطريقة‭ ‬فعّالة‭ ‬كبريات‭ ‬التّظاهرات‭ ‬العالمية‭. ‬ونخّص‭ ‬بالذكر‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬2024‭ ‬وكأس‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬2022‭. ‬وهذه‭ ‬شهادة‭ ‬كفاءة‭ ‬عالمية‭ ‬تؤكّد‭ ‬الباع‭ ‬الطّويل‭ ‬للجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬دون‭ ‬نسيان‭ ‬دور‭ ‬السّيد‭ ‬عبد‭ ‬اللّطيف‭ ‬الحمّوشي‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬ببناء‭ ‬أواصر‭ ‬تحالف‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الأمنيّة‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬مع‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الصّديقة،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬استقبل‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬واستقبل‭ ‬هنا‭ ‬بالرّباط‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬عن‭ ‬الوكالات‭ ‬الفيدرالية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كما‭ ‬استقبل‭ ‬في‭ ‬كبريات‭ ‬العواصم‭ ‬العالمية‭ ‬بألمانيا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وبلجيكا‭ ‬وفرنسا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمنيين‭ ‬لهذه‭ ‬البلدان‭ ‬تنقّلوا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭.‬
‮ ‬
كيف‭ ‬تنظر‭ ‬للمقاربة‭ ‬المعتمدة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬رصد‭ ‬العصابات‭ ‬المنظمة‭ ‬والجريمة‭ ‬الكبرى؟‭.‬
لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬المجهود‭ ‬الأمني‭ ‬الذي‭ ‬يبدل‭ ‬وطنيا‭ ‬وقاريا‭ ‬وجهويا‭ ‬ودوليا،‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬المجهود‭ ‬النّوعي‭ ‬الذي‭ ‬يبذله‭ ‬المكتب‭ ‬المركزي‭ ‬للتّحقيق‭ ‬القضائيBSIG‮ ‬،‭ ‬والذي‭ ‬يشهد‭ ‬له‭ ‬بالكفاءة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالعمل‭ ‬الاستباقي‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬الخلايا‭ ‬الإرهابية‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظّمة،‭ ‬الوارد‭ ‬“كإشادة“‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬2023‭ ‬الصّادر‭ ‬عن‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتعلّق‭ ‬بمجهود‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب‭.‬
المشكل‭ ‬الذي‭ ‬يرتبط‭ ‬بهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬يتعلّق‭ ‬برصد‭ ‬العصابات‭ ‬الاجرامية،‭ ‬لأنّنا‭ ‬نجيب‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬المجهود‭ ‬الأمنيّ‭. ‬صحيح‭ ‬أنّنا‭ ‬لا‭ ‬ننكر‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬مجهودا‭ ‬أمنيا،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬المملكة‭ ‬المغربيّة‭ ‬تنعم‭ ‬بهذا‭ ‬الأمان‭. ‬والدّليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الرّقم‭ ‬القياسي‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السّياح،‭ ‬بحيث‭ ‬تجاوزنا‭ ‬لأول‭ ‬مرّة‭ ‬المنافسين‭ ‬التّقليديين‭ ‬كجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ومصر،‭ ‬بحيث‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬وجهة‭ ‬سياحية‭ ‬آمنة،‭ ‬وهذا‭ ‬تشهد‭ ‬به‭ ‬وكالات‭ ‬الأسفار‭ ‬الدولية‭ ‬وأيضا‭ ‬ترتيب‭ ‬الدّول‭ ‬الآمنة‭ ‬على‭ ‬الصّعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬مقاربة‭ ‬رصد‭ ‬العصابات‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬نظرنا‭ ‬يطرح‭ ‬مشكلتين‭ ‬أساسيتين:
‮ ‬
أولا‭:‬‭ ‬مشكلة‭ ‬التّدويل‭ ‬وعولمة‭ ‬الجريمة،‭ ‬بحيث‭ ‬أنّ‭ ‬بعض‭ ‬أجزائها‭ ‬ترتكب‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬دولتين‭ ‬أو‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬وبعض‭ ‬أجزائها‭ ‬يختتم‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭. ‬وهنا‭ ‬نتحدّث‭ ‬عن‭ ‬ظاهرة‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬أنماط‭ ‬الجريمة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭. ‬وهذه‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬أكبر‭ ‬المعضلات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬المجتمع‭ ‬الدّولي‭ ‬والتي‭ ‬يتعيّن‭ ‬أن‭ ‬تتّخذ‭ ‬تدابير‭ ‬ضرورية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواجهتها،‭ ‬بحيث‭ ‬يستحيل‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬بمفردها‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬الجريمة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظّمة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فهذه‭ ‬المشكلة‭ ‬تستلزم‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬تطوير‭ ‬الكفاءة‭ ‬الوطنية‭. ‬وهنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬المجهود‭ ‬الأمني‭ ‬واليقظة‭ ‬الأمنية‭ ‬وطنيا،‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬يستلزم‭ ‬هذا‭ ‬بناء‭ ‬شراكات‭ ‬للتّعاون‭ ‬الأمني‭ ‬والاستخباراتي‭ ‬مع‭ ‬حلفاء‭ ‬المغرب‭ ‬وأصدقائه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومة‭ ‬الأمنية‭. ‬وقد‭ ‬ظهرت‭ ‬النّتائج‭ ‬الإيجابية‭ ‬ونظيرتها‭ ‬الطّيبة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬تفكيك‭ ‬الخلايا‭ ‬الإرهابية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعمل‭ ‬الاستباقي‭ ‬لهذا‭ ‬الّتفكيك‭ ‬قبل‭ ‬المرور‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬ارتكاب‭ ‬العمل‭ ‬الإرهابي‭. ‬وآخرها‭ ‬ما‭ ‬تمّ‭ ‬تفكيكه‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬وكذا‭ ‬ما‭ ‬تمّ‭ ‬تفكيكه‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وأمريكا،‭ ‬وما‭ ‬تمّ‭ ‬تفكيكه‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبلجيكا‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحطّات‭ ‬التي‭ ‬أبانت‭ ‬عن‭ ‬علوّ‭ ‬كعب‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬وريّادته‭ ‬واحترافيته‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭.‬
والمشكلة‭ ‬الثّانية‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬كون‭ ‬أنماط‭ ‬الجريمة‭ ‬المعاصرة‭ ‬أصبحت‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬فالأمر‭ ‬الذي‭ ‬يستلزم‭ ‬بالضّرورة‭ ‬بناء‭ ‬نظام‭ ‬للتّعاون‭ ‬الأمني‭ ‬والاستخباراتي‭ ‬على‭ ‬الصّعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬والجهوي‭ ‬والدولي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬محاصرة‭ ‬امتدادات‭ ‬العصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬وخلايا‭ ‬الإرهاب‭. ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتّحوّل‭ ‬التّقليدي‭ ‬لأنماط‭ ‬الجريمة‭ ‬من‭ ‬أنماط‭ ‬كانت‭ ‬ترتكب‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الحقيقي،‭ ‬أي‭ ‬العالم‭ ‬الواقعي،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الآن‭ ‬ترتكب‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬الأزرق،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحوّلاً‭ ‬في‭ ‬أنماط‭ ‬الجريمة،‭ ‬ممّا‭ ‬يستلزم‭ ‬تكوين‭ ‬كوادر‭ ‬أمنية‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬وتمكينها‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬الضّرورية‭ ‬لمواجهة‭ ‬طبيعة‭ ‬وخصوصية‭ ‬الجريمة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‮ ‬‭ ‬نظرا‭ ‬للمقاربة‭ ‬الأمنيّة‭ ‬ورصد‭ ‬الجريمة‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬والعصابات‭ ‬الإجرامية،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬مسرح‭ ‬رحى‭ ‬حرب‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬والعصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬هو‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬وعالم‭ ‬الأنترنت‮ ‬‭.‬
 
 هل‭ ‬تظن‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوجه؟
 ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬ماض‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬لأن‭ ‬كفاءة‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬قدراته‭ ‬لمواجهة‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي،‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬المجال‭ ‬الأفضل‭ ‬أو‭ ‬المفضّل‭ ‬للعصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظّمة،‭ ‬اقتضى‭ ‬من‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬بناء‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬حلفائنا‭ ‬وأصدقائنا‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتّحدة‭ ‬الأمريكية‮ ‬‭ ‬التي‭ ‬تحملت‭ ‬تكوين‭ ‬الكوادر‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬الـ‮ ‬FBI‮  ‬الشرطة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬الأمريكية،‮ ‬‭ ‬دونما‭ ‬نسيان‭ ‬تمكين‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬المغربّي‭ ‬من‭ ‬مختبرات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬ورقمية‭ ‬عالية‭ ‬الدّقة،‭ ‬لكشف‭ ‬الجريمة‭ ‬وكلّ‭ ‬ما‭ ‬تخلفه‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬أو‭ ‬أدلة،‭ ‬ورصد‭ ‬الجريمة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭.‬
 
ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬والعابرة‭ ‬للحدود‭ ‬وخلايا‭ ‬الإرهاب،‭ ‬تمتاز‭ ‬بكونها‭ ‬عوالم‭ ‬مغلقة،‭ ‬بسبب‭ ‬محدودية‭ ‬أعضائها،‭ ‬وصعوبة‭ ‬انكشاف‭ ‬أسرارها‭.‬وهنا‭ ‬نلاحظ‭ ‬أنّ‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬التّجديدات‭ ‬لأنّ‭ ‬هناك‭ ‬عراقيل‭ ‬تواجه‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬مسطريا‭ ‬وإجرائيا‭ ‬و‭ ‬قانونيا،‭ ‬وحتّى‭ ‬عمل‭ ‬جهاز‭ ‬النّيابة‭ ‬العامة‭. ‬وقد‭ ‬أضفنا‭ ‬إلى‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية‭ ‬مسطرة‭ ‬التّسليم‭ ‬المراقب‭ ‬الذي‭ ‬يتيح‭ ‬لنا‭ ‬أو‭ ‬أتاح‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المرّات‭ ‬للجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬بتتبع‭ ‬شحن‭ ‬من‭ ‬المخدّرات‭ ‬قادمة‭ ‬مثلا‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬السينغال‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬موريتانيا‭ ‬ونتعقبها‭ ‬مرورا‭ ‬بالمغرب،‭ ‬ثم‭ ‬نتعقبها‭ ‬إلى‭ ‬إسبانيا،‭ ‬وإلى‭ ‬حدود‭ ‬آخر‭ ‬محطتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اعتقال‭ ‬كلّ‭ ‬المرتكبين‭. ‬وهذا‭ ‬يتمّ‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مسطرة‭ ‬التسليم‭ ‬المراقب،‭ ‬وقد‭ ‬ظلّت‭ ‬المطالب‭ ‬وطنيا‭ ‬ومطالب‭ ‬بعض‭ ‬أصدقائنا‭ ‬دوليا‭ ‬تطالب‭ ‬بملحاحية‭ ‬تضمين‭ ‬قانون‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية‭ ‬مسطرة‭ ‬الاختراق‮ ‬‭.‬
 
الآن‭ ‬يتمّ‭ ‬تنظيمها‭ ‬وأعتقد‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬الخطوة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اختراق‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظّمة،‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المدّعي‭ ‬العام‮ ‬‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬رودولف‭ ‬جولياني‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الثّمانينات‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬عناصر‭ ‬المافيا‭ ‬بنيويورك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مسطرة‭ ‬الاختراق‭.‬
 
وأعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬الأمر‭ ‬بالمغرب‭ ‬الآن‭ ‬سيأخذ‭ ‬منعطفا‭ ‬هامّا‭ ‬وتحوّلا‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأهمّية،‭ ‬حينما‭ ‬تتاح‭ ‬لضبّاط‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬اختراق‭ ‬بهويات‭ ‬مزوّرة‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬وخلايا‭ ‬الإرهاب‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كشفها‭ ‬قبل‭ ‬مرورها‭ ‬إلى‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجريمة‮ ‬‭.‬
 
من‭ ‬القضايا‭ ‬المقلقة‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬هي‭ ‬محاولة‭ ‬إغراق‭ ‬المغرب‭ ‬بالقرقوبي‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬لماذا‭ ‬في‭ ‬نظرك؟
‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بلاغاتها‭ ‬تشعر‭ ‬الرّأي‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬حجز‭ ‬10‭ ‬ألف‭ ‬حبة‭ ‬قرقوبي‭ ‬في‭ ‬مرّة‭ ‬واحدة،‭ ‬أو‭ ‬80‭ ‬ألف‭ ‬حبة‭ ‬قرقوبي‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬أو‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬حبة‭  ‬قرقوبي،‭ ‬غير‮ ‬‭ ‬التّحوّل‭ ‬الواقعي‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يتمّ‭ ‬إغراق‭ ‬المغرب‭ ‬شرقا‭ ‬من‭ ‬وجدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جارة‭ ‬السّوء،‭ ‬والآن‭ ‬تحوّل‭ ‬الكارتيلات‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬التي‭ ‬اتخذت‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬الإسباني‭ ‬من‭ ‬“مالاكا“‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬“قادس“‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬اتخذت‭ ‬عاصمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إغراق‭ ‬الأسواق‭ ‬الإفريقية،‭ ‬المغرب‭ ‬أولا‭ ‬ثم‭ ‬موريتانيا‭ ‬وغرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬بملايين‭ ‬الحبوب‭ ‬المهلوسة‭. ‬لكن‭ ‬الخطير‭ ‬أن‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنيّة‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بهذا‭ ‬أن‭ ‬التّطور‭ ‬أو‭ ‬النّقلة‭ ‬النّوعية‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬هذه‭ ‬العصابات‭ ‬والكارتيلات‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬الإسباني‭ ‬بمالاكا‭ ‬وبقادس‭ ‬وأحيانا‭ ‬قليلا‭ ‬بغراندا‭ ‬وهولندا،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الكارتيلات‭ ‬في‭ ‬التفاف‭ ‬حول‭ ‬المجهودات‭ ‬الأمنية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تصدّر‭ ‬حبوب‭ ‬الهلوسة‭. ‬كاملة‭ ‬التّصنيع‭ ‬جاهزة‭ ‬للاستهلاك،‭ ‬بل‭ ‬أصبحوا‭ ‬في‭ ‬تطوّر‭ ‬نوعي‭ ‬“وآمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ضبّاط‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربيّة‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بهذا‭ ‬-‮ ‬‭ ‬يصدّرون‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬مكوّنات‭ ‬صناعة‭ ‬حبوب‭ ‬الهلوسة‭ ‬متفرّقة،‭ ‬تأتي‭ ‬شحنة‭ ‬فيها‭ ‬مادة‭ ‬معيّنة‭ ‬وهي‭ ‬غير‭ ‬ممنوعة‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬من‭ ‬التّصدير‭ ‬وتلج‭ ‬إلى‭ ‬التّراب‭ ‬الوطني‭ ‬أمام‭ ‬أعين‭ ‬الجمارك‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية،‭ ‬ثمّ‭ ‬تأتي‭ ‬لاحقا‭ ‬شحنة‭ ‬أخرى‭ ‬فيها‭ ‬مادّة‭ ‬ثانية،‭ ‬ثم‭ ‬مادّة‭ ‬ثالثة،‭ ‬ثمّ‭ ‬مادّة‭ ‬رابعة‭ ‬وتجمع‭ ‬في‭ ‬معامل‭ ‬سرّية‭ ‬وتخلط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صناعة‭ ‬الحبوب‭ ‬التي‭ ‬تتّخذ‭ ‬الشّكل‭ ‬النهائي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستهلاك‮ ‬‭.‬
 
هذا‭ ‬التّحوّل‭ ‬النّوعي‭ ‬يقتضي‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬اليقظة‭ ‬الأمنيّة‭ ‬“لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بهذا‭ ‬الموضوع“‭ ‬وهذه‭ ‬حرب‭ ‬تدور‭ ‬رحاها‭ ‬بين‭ ‬العصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬وخلايا‭ ‬الإرهاب،‭ ‬بحيث‭ ‬يجب‭ ‬ان‮ ‬‭ ‬يتحمّل‭ ‬المواطن‭ ‬مسؤوليته‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬واجب‭ ‬التّبليغ‭ ‬عن‭ ‬كلّ‭ ‬الشّكوك‭ ‬التي‭ ‬تراوده‭ ‬فيما‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالمخدّرات‭ ‬أو‭ ‬بالجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬أو‭ ‬بخلايا‭ ‬الإرهاب‭.‬
 
علينا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬مواطنين‭ ‬إيجابيين‭ ‬وأن‭ ‬نبلّغ‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬بكل‭ ‬شكوكنا‭ ‬ولها‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بما‭ ‬تراه‭ ‬ملائما‭. ‬لكن‭ ‬أنا‭ ‬لازلت‭ ‬مقتنعا‭ ‬بأنّ‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬التّطوير‭ ‬المستمرّ‭ ‬والمستمرّ‭ ‬للجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬وتكثيف‭ ‬التّداريب‭ ‬ونوعيتها‭ ‬وتطوير‭ ‬مضمون‭ ‬هذه‭ ‬التّدابير‮ ‬‭ ‬والتّداريب‭ ‬على‭ ‬الصّعيد‭ ‬الوطني،‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬الأجهزة‭ ‬المشهودة‭ ‬لها‭ ‬دوليا‭ ‬بالاحترافية‭ ‬والكفاءة‭. ‬وأخصّ‭ ‬بالذّكر‭ ‬الشّرطة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والوكالة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمحاربة‭ ‬المخدرات‭ ‬وهو‭ ‬جهاز‭ ‬يشهد‭ ‬له‭ ‬وطنيا‭ ‬بأمريكا‭ ‬ودوليا‭ ‬بكفاءة‭ ‬ضبّاطه‭ ‬في‭ ‬تعقب‭ ‬مسارات‭ ‬العصابات‭ ‬التي‭ ‬تهرّب‭ ‬المخدّرات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬
‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬متطلّبات‭ ‬إنجاح‭ ‬رحى‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬بين‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الوطنية‭ ‬وبين‭ ‬العصابات‭ ‬وخلايا‭ ‬الإرهاب‭ ‬أنه‭ ‬يتعيّن‭ ‬علينا‭ ‬تمكين‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬كلّ‭ ‬الوسائل‭ ‬التّكنولوجية‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬شرطا‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬لربح‭ ‬المعركة‭.‬
 
لكن،‭ ‬لماذا‭ ‬المغرب‭ ‬مستهدف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الثالوث:‭ ‬القرقوبي،‭ ‬الكوكايين،‭ ‬والعصابات‭ ‬المنظّمة‭ ‬عير‭ ‬مسارات‭ ‬التهريب‭ ‬من‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وعبر‭ ‬مطار‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬عبر‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية؟ 
 ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬مستهدف‭ ‬في‭ ‬ثالوث:‭ ‬القرقوبي‭ ‬الكوكايين‭ ‬والعصابات‭ ‬المنظّمة،‭ ‬عبر‭ ‬مسارات‭ ‬التّهريب‭ ‬وغرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ومطار‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬مستهدف‭ ‬ظاهريا،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬أعين‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬وعصابات‭ ‬تهريب‭ ‬المخدّرات‭ ‬على‭ ‬الصّعيد‭ ‬الدولي‭ ‬مجرّد‭ ‬محطّة‭. ‬صحيح‭ ‬أنّه‭ ‬يتمّ‭ ‬تصريف‭ ‬جزء‭ ‬ممّا‭ ‬يهرّب‭ ‬في‭ ‬السّوق‭ ‬الوطني‭ ‬للمستهلكين،‭ ‬لكن‭ ‬المغرب‭ ‬يعتبر‭ ‬مجرّد‭ ‬محطّة‭.‬
 
علينا‭ ‬أن‭ ‬نتأمّل‭ ‬في‭ ‬المفارقة‭ ‬التّالية:‭ ‬مطار‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬التّهريب‭ ‬الدّولي‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭. ‬أوّلا‭ ‬الالتفاف‭ ‬على‭ ‬مسارات‭ ‬الرّحلات‭ ‬الجوّية‭ ‬الدّولية،‭ ‬بحيث‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬البرازيل‭ ‬أو‭ ‬الأرجنتين‭ ‬وغالبا‭ ‬من‭ ‬البرازيل‭ ‬والمكسيك‭ ‬وكولومبيا‭ ‬وتحطّ‭ ‬الرّحال‭ ‬في‭ ‬غانا‭ ‬أو‭ ‬نيجيريا‭ ‬بالأساس،‭ ‬ثمّ‭ ‬يتمّ‭ ‬برمجة‭ ‬الرّحلة‭ ‬الدولية‭ ‬الموالية‭ ‬إلى‭ ‬مدريد‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬باريس‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬موسكو،‭ ‬عبر‭ ‬مطار‭ ‬محمّد‭ ‬الخامس،‭ ‬لكي‭ ‬يتمّ‭ ‬تشتيت‭ ‬انتباه‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية،‭ ‬لأنّ‭ ‬الرحلة‭ ‬قادمة‭ ‬إما‭ ‬من‭ ‬لاغوس‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬غانا،‭ ‬فإذن‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بأمريكا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وأيضا‭ ‬يتمّ‭ ‬تشتيت‭. ‬انتباه‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنيّة‭ ‬ويقظة‮ ‬‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنيّة‭ ‬وانتباهها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الوصول‭ ‬النّهائي‭ ‬مدريد،‭ ‬أو‭ ‬برشلونة،‭ ‬أو‭ ‬باريس،‭ ‬أو‭ ‬أمستردام،‭ ‬بلجيكا‭ ‬أو‭ ‬موسكو‭ ‬أو‭ ‬روسيا،‭ ‬حيث‭ ‬يتمّ‭ ‬تحويل‭ ‬الرّحلة‭ ‬الأصلية‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬البرازيل‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬المكسيك‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬كولومبيا‭. ‬وبالتالي‭ ‬فمطار‭ ‬محمّد‭ ‬الخامس‭ ‬يعتبر‭ ‬مجرّد‭ ‬مرحلة‭ ‬تكتيكية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التّهريب‭ ‬الدّولي‭ ‬للمخدّرات‭.‬
‮ ‬
أولا‭:‬‭ ‬إنّ‭ ‬العصابات‭ ‬الإجراميّة‭ ‬والعصابات‭ ‬أو‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬والتي‭ ‬تحترف‭ ‬التّهريب‭ ‬الدّولي‭ ‬للمخدرات‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬أضعف‭ ‬النّقاط‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭ ‬في‭ ‬شبكات‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنيّة،‭ ‬وأضعفها‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬كغانا،‭ ‬والطوغو،‭ ‬ونيجيريا،‭ ‬وداكار‭ ‬بالسينغال‭ ‬أو‭ ‬بالكوت‭ ‬ديفوار،‭ ‬وبالتّالي‭ ‬حينما‭ ‬تصل‭ ‬الرّحلة‭ ‬الدّولية‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية‭ ‬إلى‭ ‬الموانئ‭ ‬الجوّية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدّول‭ ‬يسهل‭ ‬عليهم‭ ‬تهريب‭ ‬أو‭ ‬تمرير‭ ‬شحنات‭ ‬المخدّرات،‭ ‬ويتمّ‭ ‬برمجة‭ ‬رحلة‭ ‬دولية‭ ‬من‭ ‬السّنيغال‭ ‬أو‭ ‬الكوت‭ ‬ديفوار‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬نيجيريا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬غانا‭ ‬إلى‭ ‬مدريد‭ ‬عبر‭ ‬مطار‭ ‬محمّد‭ ‬الخامس،‭ ‬وبالتّالي‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬الوجهة‭ ‬أن‭ ‬المسافر‭ ‬قادم‭ ‬من‭ ‬داكار‭ ‬وذاهب‭ ‬إلى‭ ‬مدريد‭ ‬ومحطّة‭ ‬في‭ ‬رحلتي‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تشكّ‭ ‬ولو‭ ‬دقيقة‭ ‬واحدة‭ ‬بأنّه‭ ‬كان‭ ‬قادم‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬من‭ ‬البرازيل‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬كولومبيا‭ ‬أو‭ ‬الأرجنتين‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬المكسيك‭. ‬وهذه‭ ‬التّقنية‭ ‬استعملت‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صعيد،‭ ‬بحيث‭ ‬تمّ‭ ‬تجريب‭ ‬مطارات‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ورومانيا‭ ‬والقاهرة،‭ ‬تسعى‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬من‭ ‬وراءها‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬تكتيكاتها‭ ‬وطرق‭ ‬عملها،‭ ‬وحينما‭ ‬يشتدّ‭ ‬الخناق‭ ‬بمطار‭ ‬محمد‭ ‬الخامس،‭ ‬سوف‭ ‬يتمّ‭ ‬تغيير‭ ‬الوجهة‭ ‬إلى‭ ‬النّقطة‭ ‬الأضعف‭.‬
‮ ‬
ثانيا‭:‬‭ ‬يتمّ‭ ‬تغيير‭ ‬المسارات‭ ‬إلى‭ ‬مطار‭ ‬محمّد‭ ‬الخامس،‭ ‬لأنّه‭ ‬هو‭ ‬المطار‭ ‬الدّولي‭ ‬الأكثر‭ ‬تقديما‭ ‬للرحلات‭ ‬الدّولية‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬المطارات‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬مطار‭ ‬نواكشوط‭ ‬غير‭ ‬دولي‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يقدم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر،‭ ‬ثم‭ ‬تونس‭ ‬وليبيا‭ ‬لكونها‭ ‬دولة‭ ‬غير‭ ‬آمنة،‭ ‬وبالتّالي‭ ‬يبقى‭ ‬مطار‭ ‬محمّد‭ ‬الخامس‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقدم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬أو‭ ‬80‭ ‬وجهة‭ ‬دولية،‭ ‬بما‭ ‬يتيح‭ ‬للعصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬المرور‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬المطار‭.‬
‮ ‬
 ما‭ ‬الرّهان‭ ‬المطلوب‭ ‬اليوم‭ ‬وغدا؟‮ ‬‮ ‬
‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬بهذه‭ ‬التّحوّلات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬بدأنا‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬قصير‭ ‬بتجهيز‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬بمطار‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬بما‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬المعدّات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والمعدات‭ ‬اللّوجيستيكية‭ ‬الضّرورية‭ ‬لضبط‭ ‬شحنات‭ ‬المخدّرات‭ ‬في‭ ‬حقائب‭ ‬الزّوار‭ ‬أو‭ ‬المارّين‭ ‬عبر‭ ‬مطار‭ ‬محمّد‭ ‬الخامس‭.‬
 
يجب‭ ‬أن‭ ‬نستمرّ‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمنيّ‭ ‬بمطار‭ ‬محمّد‭ ‬الخامس‭ ‬وتمكينه‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬شاهدته‭ ‬شخصياً‭ ‬بمطارات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تيسير‭ ‬عملية‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الحقائب‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬المخدّرات،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الكلاب‭ ‬المدرّبة‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الحقائب‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬المخدّرات‭ ‬في‭ ‬أقصر‭ ‬وأسرع‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭.‬
 
ثم‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نلاحظ‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬معينة،‭ ‬كان‭ ‬المغرب‭ ‬مستهدفاً‭ ‬بإغراق‭ ‬أسواقه‭ ‬بمخدرات‭ ‬القرقوبي‭ ‬بالأساس،‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬الشّرقية‭. ‬وأعتقد‭ ‬على‭ ‬أنّها‭ ‬كانت‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الحرب‭ ‬المعلنة‭ ‬ضدّ‭ ‬بلدنا‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬علما‭ ‬أنّ‭ ‬عقيدة‭ ‬الكبرانات‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الجزائر‭ ‬مبنيّة‭ ‬بالأساس‭ ‬حول‭ ‬العداء‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬ومشروعية‭ ‬كلّ‭ ‬الوسائل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تخريب‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬خلص‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنيّة‭ ‬المغربية‭ ‬مشكورة‭ ‬تقوم‭ ‬بكلّ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬محاربة‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظّمة‭ ‬والعصابات‭ ‬الإجرامية‭ ‬وخلايا‭ ‬الإرهاب‭. ‬لكن‭ ‬أعتقد‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬محاربة‭ ‬الجريمة‭ ‬هي‭ ‬بالأساس‭ ‬علم‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نطوّر‭ ‬الكفاءة‭ ‬العلمية‭ ‬لضبّاط‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬وأن‭ ‬نطوّر‭ ‬التّداريب‭ ‬ومضمون‭ ‬هذه‭ ‬التّداريب،‭ ‬وأن‭ ‬نبني‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الدّولية،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬حلفائنا‭ ‬وأصدقائنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومة‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬ليكون‭ ‬الأداء‭ ‬الأمنيّ‭ ‬مبنيا‭ ‬بالأساس‭ ‬حول‭ ‬العقيدة‭ ‬الاستباقية‭ ‬قبل‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجريم‭.‬