لا شيء يعلو على الأرقام والإحصائيات، فهي تعكس واقع التشغيل بموضوعية بعيدًا عن التأويلات.
عند تحليل تطور أرقام التشغيل في المغرب عبر الحكومات المتعاقبة، نلاحظ تباينًا واضحًا في وتيرة خلق فرص العمل. فقد سجلت الحكومات السابقة زيادات متفاوتة، حيث حقق ادريس جطو ( زائد 880 ألف) وعباس الفاسي (زائد 454 ألف) أعلى نسب نمو في التشغيل، مستفيدين من سياق اقتصادي أكثر استقرارًا وبرامج حكومية داعمة للاستثمار والتشغيل. بالمقابل، سجلت وتيرة خلق فرص الشغل تباطؤًا ملحوظًا في عهد عبد الإله بنكيران (زائد 103 ألف) وسعد الدين العثماني (زائد 159 ألف) بسبب تأثيرات الركود الاقتصادي العالمي والجائحة. غير أن التراجع المسجل خلال حكومة عزيز أخنوش (ناقص 99 ألف) يمثل تحولًا سلبيًا غير مسبوق، ما يثير تساؤلات حول مدى تأثير السياسات الاقتصادية والقانونية على سوق العمل في المغرب.
إلى جانب الأزمات الاقتصادية العالمية والجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج، فإن الإطار القانوني لسوق الشغل بالمغرب يعاني من جمود وتشدد في القواعد المنظمة لعلاقات العمل، مما يؤثر سلبًا على قرارات التوظيف.
ومن أبرز الإشكالات القانونية التي نواجه بها كمستشارين قانونيين من طرف المستثمر ما سيتم ذكره أدناه.
من جهة أولى، يلزم قانون الشغل المغربي المشغل باحترام مسطرة معقدة عند إنهاء عقود الشغل، مما يجعل التوظيف محفوفًا بالمخاطر. بحيث تعتبر صرامة إجراءات مسطرة الفصل عائقا أمام التوظيف.
من جهة ثانية، التعويضات المرتفعة عن الفصل تجعل المقاولات تتردد في التوظيف، خصوصًا في القطاعات التي تعاني من تقلبات اقتصادية.
هل يعقل أن يتوصل الأجير بتعويضات عن العمل رغم ارتكابه خطأً جسيماً، فقط لأن المشغل لم يحترم الشكليات المسطرية؟
جميع الممارسين في المجال يعلمون مدى تأثير الشكليات على مسطرة الفصل، حيث تصبح الإجراءات الشكلية أهم من الوقائع الجوهرية و الخطأ الجسيم المنسوب للأجير، مما يضعف ثقة المشغل في النظام القانوني ويؤدي إلى عزوفهم عن التوظيف.
ناهيك عن إشكالية احتساب التعويضات بين الاحتساب على الأجر الخام أو الصافي؟؟ وعن غموض النصوص القانونية الضريبية بخصوص من يتحمل الضريبة عن الدخل المطبقة عن التعويضات التي تفوق مليون درهم؟ المشغل أو الأجير؟ المستثمر يريد نصوصا قانونية واضحة لا مجال فيها للتأويل.
من جهة ثالثة، في ظل مدونة الشغل الحالبة، لا يمكن إبرام عقود محددة المدة إلا في حالات استثنائية، مما يدفع العديد من الشركات إلى اللجوء إلى العمل غير المهيكل أو تفادي التوظيف كليًا.
ما هي الحلول؟
- ربما السماح بإبرام عقود محددة المدة لمدة تصل إلى 5 سنوات دون شروط قد يكون حلاً عمليا لتوفير مزيد من المرونة للشركات وتشجيع التوظيف وتخفيف مخاطره.
- إن غياب قوانين واضحة تنظم العمل عن بُعد أو عقود العمل الجزئي يجعل الشركات تتردد في اعتماد هذه النماذج، مما يحد من الفرص المتاحة ويقلل من مرونة سوق الشغل وتخفيف المخاطر.
- يتعين تبسيط إجراءات الفصل في حالة الخطأ الجسيم لتكون أكثر عدالة للطرفين، من خلال وضع سقف معقول للتعويضات وتخفيف القيود الشكلية، بما يضمن تحقيق العدالة دون إفراط في حماية أحد الطرفين على حساب الآخر.
- وضع إطار قانوني واضح للعمل عن بعد والعمل الجزئي لتوسيع نطاق التشغيل، خصوصًا للنساء والشباب.
أخيرا، نعاين أن الأرقام تعكس حقيقة مفادها أن سوق الشغل بالمغرب يعاني من تباطؤ حاد بسبب عوامل متعددة، بعضها اقتصادي وبعضها قانوني.
إذا أرادت الحكومة تحفيز الاستثمار وخلق مزيد من فرص العمل، فلا بد من إصلاح تشريعي يمنح مزيدًا من المرونة للمشغلين دون المساس بحقوق الأجراء. فالسوق بحاجة إلى موازنة دقيقة بين حماية الأجراء وضمان ديناميكية التشغيل، حتى لا يصبح قانون الشغل عقبة أمام خلق الوظائف بل أداة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
عند تحليل تطور أرقام التشغيل في المغرب عبر الحكومات المتعاقبة، نلاحظ تباينًا واضحًا في وتيرة خلق فرص العمل. فقد سجلت الحكومات السابقة زيادات متفاوتة، حيث حقق ادريس جطو ( زائد 880 ألف) وعباس الفاسي (زائد 454 ألف) أعلى نسب نمو في التشغيل، مستفيدين من سياق اقتصادي أكثر استقرارًا وبرامج حكومية داعمة للاستثمار والتشغيل. بالمقابل، سجلت وتيرة خلق فرص الشغل تباطؤًا ملحوظًا في عهد عبد الإله بنكيران (زائد 103 ألف) وسعد الدين العثماني (زائد 159 ألف) بسبب تأثيرات الركود الاقتصادي العالمي والجائحة. غير أن التراجع المسجل خلال حكومة عزيز أخنوش (ناقص 99 ألف) يمثل تحولًا سلبيًا غير مسبوق، ما يثير تساؤلات حول مدى تأثير السياسات الاقتصادية والقانونية على سوق العمل في المغرب.
إلى جانب الأزمات الاقتصادية العالمية والجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج، فإن الإطار القانوني لسوق الشغل بالمغرب يعاني من جمود وتشدد في القواعد المنظمة لعلاقات العمل، مما يؤثر سلبًا على قرارات التوظيف.
ومن أبرز الإشكالات القانونية التي نواجه بها كمستشارين قانونيين من طرف المستثمر ما سيتم ذكره أدناه.
من جهة أولى، يلزم قانون الشغل المغربي المشغل باحترام مسطرة معقدة عند إنهاء عقود الشغل، مما يجعل التوظيف محفوفًا بالمخاطر. بحيث تعتبر صرامة إجراءات مسطرة الفصل عائقا أمام التوظيف.
من جهة ثانية، التعويضات المرتفعة عن الفصل تجعل المقاولات تتردد في التوظيف، خصوصًا في القطاعات التي تعاني من تقلبات اقتصادية.
هل يعقل أن يتوصل الأجير بتعويضات عن العمل رغم ارتكابه خطأً جسيماً، فقط لأن المشغل لم يحترم الشكليات المسطرية؟
جميع الممارسين في المجال يعلمون مدى تأثير الشكليات على مسطرة الفصل، حيث تصبح الإجراءات الشكلية أهم من الوقائع الجوهرية و الخطأ الجسيم المنسوب للأجير، مما يضعف ثقة المشغل في النظام القانوني ويؤدي إلى عزوفهم عن التوظيف.
ناهيك عن إشكالية احتساب التعويضات بين الاحتساب على الأجر الخام أو الصافي؟؟ وعن غموض النصوص القانونية الضريبية بخصوص من يتحمل الضريبة عن الدخل المطبقة عن التعويضات التي تفوق مليون درهم؟ المشغل أو الأجير؟ المستثمر يريد نصوصا قانونية واضحة لا مجال فيها للتأويل.
من جهة ثالثة، في ظل مدونة الشغل الحالبة، لا يمكن إبرام عقود محددة المدة إلا في حالات استثنائية، مما يدفع العديد من الشركات إلى اللجوء إلى العمل غير المهيكل أو تفادي التوظيف كليًا.
ما هي الحلول؟
- ربما السماح بإبرام عقود محددة المدة لمدة تصل إلى 5 سنوات دون شروط قد يكون حلاً عمليا لتوفير مزيد من المرونة للشركات وتشجيع التوظيف وتخفيف مخاطره.
- إن غياب قوانين واضحة تنظم العمل عن بُعد أو عقود العمل الجزئي يجعل الشركات تتردد في اعتماد هذه النماذج، مما يحد من الفرص المتاحة ويقلل من مرونة سوق الشغل وتخفيف المخاطر.
- يتعين تبسيط إجراءات الفصل في حالة الخطأ الجسيم لتكون أكثر عدالة للطرفين، من خلال وضع سقف معقول للتعويضات وتخفيف القيود الشكلية، بما يضمن تحقيق العدالة دون إفراط في حماية أحد الطرفين على حساب الآخر.
- وضع إطار قانوني واضح للعمل عن بعد والعمل الجزئي لتوسيع نطاق التشغيل، خصوصًا للنساء والشباب.
أخيرا، نعاين أن الأرقام تعكس حقيقة مفادها أن سوق الشغل بالمغرب يعاني من تباطؤ حاد بسبب عوامل متعددة، بعضها اقتصادي وبعضها قانوني.
إذا أرادت الحكومة تحفيز الاستثمار وخلق مزيد من فرص العمل، فلا بد من إصلاح تشريعي يمنح مزيدًا من المرونة للمشغلين دون المساس بحقوق الأجراء. فالسوق بحاجة إلى موازنة دقيقة بين حماية الأجراء وضمان ديناميكية التشغيل، حتى لا يصبح قانون الشغل عقبة أمام خلق الوظائف بل أداة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كوثر جلال، محامية بهيئة الدار البيضاء