الأربعاء 5 فبراير 2025
تكنولوجيا

بعد إطلاق "ديب سيك ".. هل تتفوق الصين على أمريكا في سباق الذكاء الاصطناعي ؟

بعد إطلاق "ديب سيك ".. هل تتفوق الصين على أمريكا في سباق الذكاء الاصطناعي ؟ deepseek
شهدت الأسواق المالية العالمية اضطرابًا غير مسبوق جراء الصعود المفاجئ لتطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني " ديب سيك" deepseek، الذي تصدَّر متاجر التطبيقات، الأمر الذي أثار المستثمرين في البلدان الغربية، لاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية، ولعل المثير لقلق هؤلاء – حسب المهتمين بالذكاء الاصطناعي – هو التكلفة المنخفضة لتطوير التطبيق، وانتشاره السريع، وتأثيره المباشر على أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، وفي مقدمتها عملاق التكنولوجيا الأميركي " إنفيديا "، حيث أظهر " ديب سيك " الذي تم إطلاقه في 20 يناير 2025 قدرة تنافسية عالية مقارنة بنماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة عالميا مثل "شات جي بي تي"، حيث استطاع تقديم أداء متقدم بتكلفة أقل بكثير.

ونتيجة لهذا التحدي الصيني، تراجعت أسهم "إنفيديا" بنسبة 17%، مما أدى إلى خسارتها حوالي 600 مليار دولار أميركي من قيمتها السوقية في يوم واحد، وهو أكبر انخفاض يومي في تاريخ الأسواق المالية الأميركية، مما زاد من المخاوف حول مستقبل شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية، إذ كشف إطلاق هذا النموذج الصيني عن تغيرات جذرية في موازين القوى بين شركات التكنولوجيا الغربية ونظيراتها الصينية.

ولعل أبرز هذه المخاوف هو قدرة "ديب سيك" على تحقيق نتائج مذهلة بتكاليف تطوير منخفضة، الأمر الذي يهدد استدامة النماذج الأميركية التي تعتمد على استثمارات ضخمة، إلى جانب ذلك، فإن التقدم السريع للصين في هذا المجال قد يؤدي إلى فقدان الشركات الأميركية تفوقها التكنولوجي، مما يجعلها عرضة لخسائر اقتصادية هائلة، فوفقًا لتحليل نشرته وكالة "بلومبيرغ"، فإن "ديب سيك" تم تطويره بتكلفة لا تتجاوز 6 ملايين دولار أميركي (بعض التحليلات القادمة من آسيا تقدر أن التكلفة الحقيقة لا تتجاوز نصف هذا الرقم ) مقارنة بالتقديرات التي تشير إلى أن تطوير "جي بي تي 4" كلَّف أكثر من 100 مليون دولار أميركي.

هذه الفجوة الكبيرة في التكلفة أثارت تساؤلات جوهرية حول مدى جدوى الاستثمارات الضخمة التي تضخها الشركات الأميركية في تطوير الذكاء الاصطناعي.

ويرى بعض الخبراء أن ما يحدث حاليًا ليس مجرد تراجع في أسهم شركة ما، بل هو إعادة تشكيل لصناعة الذكاء الاصطناعي بأكملها، حيث يمكن أن تصبح الشركات الصينية اللاعب الرئيسي في هذا المجال خلال السنوات المقبلة.
وكانت الصين قد شهدت صعودًا صاروخيًّا في مجال السيارات الكهربائية خلال العقد الأخير، حيث تجاوزت شركاتها المحلية مثل "بي واي دي" و"نيو" العديد من المنافسين العالميين عبر تقديم سيارات ذات تقنيات متطورة وبأسعار تنافسية ما جعلها المسيطر الرئيسي في القطاع.

ويرى خبراء أن السيناريو ذاته قد يتكرر في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن تحذو "ديب سيك" حذو شركات السيارات الصينية، مما سيؤدي إلى إعادة توزيع القوى التكنولوجية على مستوى العالم، ودفع الشركات الأميركية إلى تبني إستراتيجيات جديدة لمواجهة هذا الكابوس المتصاعد.

بينما يرى آخرون أنه من الصعب تحديد الطرف الذي سينتصر في حرب الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين، مؤكدين أن هذا السباق المحموم ليس مجرد منافسة بين قوتين عالميتين، بل هو اختبار لمستقبل التكنولوجيا وتأثيرها على العالم بأسره. وحتى نرى الصورة كاملة من المهم فهم أن الهيمنة على مجال الذكاء الاصطناعي في هذه المرحلة الزمنية لا تقتصر على تحقيق التفوق العلمي فقط، بل تشمل الجوانب العسكرية والاستخباراتية، ولهذا فإن التنافس المحموم يعكس إدراك الدولتين لمدى خطورة الذكاء الاصطناعي كعنصر حاسم في تشكيل مستقبلهما وتغيير قواعد اللعبة العالمية لتعزيز نفوذهما، بل وربما تمكين إحداهما من السيطرة على مستقبل البشرية .

ويرجح الخبير العالمي كاي- فو لي، الخبير العالمي في الذكاء الاصطناعي في كتابه AI superpowers
أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي، ويعزز هذا التوقع توفر كميات هائلة من البيانات والبنية التحتية المتطورة، بالإضافة إلى الدعم الحكومي القوي.

وفي حين تعتمد الولايات المتحدة على نخبة من الخبراء، تعتمد الصين على الكثافة العددية في القوى العاملة، معتمدة على المبدأ القائل بأن "كمية البيانات تغلب نوعيتها" في عالم الذكاء الاصطناعي.

ويشير لي إلى أن الخوارزميات المتوسطة المدعومة ببيانات ضخمة يمكنها أن تتفوق على الخوارزميات المتقدمة التي تعتمد على بيانات محدودة.

ويستشهد بمثال شركة Meituan التي تجاوزت منافستها الأمريكية Groupon بفضل نموذج أعمال مبتكر ومتكامل، مؤكدًا أن البيئة التنافسية الشديدة في الصين قد ولّدت جيلاً جديداً من رواد الأعمال المبدعين.