لم نُشغل "خيار" السبق الصحفي ، رغم توصلنا في حينه بالمعلومات الأولية ذات الصلة بالفاجعة التي هزت الأرض تحت أقدام أهل دار الضمانة يوم الأحد 26 يناير 2025 ، ليس لأن الخبر لا يستحق تسويقه بالسرعة المطلوبة ، ولكن أمام تزاحم الفواجع التي أصبحت تؤثث موائد 74896 أسرة موزعة على 17 جماعة ترابية ، وأمام عدم لَمس - وإن تم فبشكل محتشم - ساكنة الإقليم لأدنى إرادة لدى الكثير من المتدخلين المباشرين وغير المباشرين للمسائلة بمنسوب عال من المواطنة ، لتضاريس " الأمن المجتمعي " بإقليم محدود المساحة ، وفي نفس الآن يسجل تراجعا ملحوظا في عدد سكانه ، كان لابد من التفاعل مع الحادث المأسوي بهدوء ، وعدم الاكتفاء في التعاطي مع ما حدث عند الفعل الاجرامي في حد ذاته ، بل استخلاص ما يمكن استخلاصه من حزمة الفواجع التي يعرفها الإقليم بشكل غير مسبوق .
يقول الخبر بأن شابا يبلغ من العمر 33 سنة ، يقطن بحي لم ينل نصيبه من المشاريع التي تستهدف الفئات الاجتماعية التي حقوقها فوق كف عفريت ، "هجم" يوم الأحد 26 يناير خلال فترة القيلولة ، على بيت يجاور سكن أسرته ، فأزهق روح سيدة ، بينما شقيقتها كان لها منه نصيبا من الاعتداء ... اختفى المشتبه فيه عن الأنظار، لكن يقظة الأجهزة الأمنية انتهت بالقبض عليه في زمن قياسي... المساطر القانونية ذات الصلة بالجريمة تم تفعيلها في حق المشتبه فيه ، بينما الشارع نبش هنا وهناك لعله يعثر على خيط ناظم لما حدث ، وموقع ما حدث ضمن حزمة الفواجع التي عرفها الإقليم خلال سنة 2024 ومطلع سنة 2025 ( تحرش واعتداءات جنسية على الأطفال ، ارتفاع وتيرة الاعتداء على الحق في الحياة ....) .
الشاب اليوم يوجد وراء القضبان في انتظار أن تقول العدالة كلمتها ، لكن يقبض الرأي العام على الواقع الاجتماعي لها الشاب الذي من المؤكد ما كان سيرتكب ما ارتكبه لو لم تكن نفسيته مهزوزة ، ولو لم يكن الواقع الاجتماعي الذي تقبض تفاصيله أنفاسه ،؟لا عناوين فيه للحياة المستقرة .
المعطيات التي أكدها لنا أكثر من مصدر مقرب ، تفيد بأن الشاب المشتبه فيه ، ترك حمل شقيقته القاصرة خارج مؤسسة الزواج ، جروحا في نفسيته ، وتعمقت هذه الجروح أكثر لما أقدمت شقيقته فيما بعد على الاعتداء على حقها في الحياة ( الانتحار) ... !فهل من عاش هذه الكثافة من الفواجع ، يضاف إليها الانتماء للفئات الاجتماعية الهشة حتى لا نقول الفقيرة أو المعدمة اجتماعيا ، أضف إلى كل ما سبق ، الوصم الاجتماعي الذي لا محالة هو وحده من كان يشعر بثقل آثاره على نفسيته ، وارتماؤه الاضطراري في عالم المخدرات ، (فهل) يمكن أن يتصرف أي شخص بهذا الحجم من المعاناة تصرفا عاديا ، ويتحلى بسلوك متناغم مع ما ينتظره منه المجتمع ؟
سؤال نختم به الحديث عن هذه المأساة ، ما علاقة ما حدث بالتعطيل المؤسساتي للحق في المواكبة النفسية للشاب وباقي أفراد أسرته الذين أوجعهم نفسيا ما عاشته واحدة من أفراد الأسرة ؟
الكلمة للقضاء بعيدا عن أي تأثير... و الكلمة كذلك للمؤسسات المعنية بشكل مباشر وغير مباشر من أجل اعادة النظر في مقاربتها المعتمدة في مواجهة التحديات التي تواجه الأمن المجتمعي بإقليم كل شيئ فيه هش.