بمجرد ما أصدرت نبيلة ارميلي، عمدة البيضاء، مذكرة تطالب من خلالها رؤساء المقاطعات البيضاوية بعدم منح أو تجديد الرخص الفردية المتعلقة بحراسة السيارات والدراجات والعربات، حتى شعر العديد من حراس السيارات في العاصمة الاقتصادية بالخطر يقترب منهم، سيما أن هناك من تحدث عن وجود رغبة لدى مجلس مدينة الدار البيضاء في تعميم العدادات، وهي الرغبة التي تم التعبير عنها منذ سنوات لكنها لم تجد طريقًا للتنفيذ.
فهل فعلًا مذكرة عمدة البيضاء تمهد لمسألة تعميم العدادات؟ أم أن ذلك يدخل فقط في إطار عملية تنظيم هذا القطاع، والحد من ظاهرة "الجليات الصفراء"؟.
وقال رئيس إحدى المقاطعات في البيضاء، إنه يجهل الأسباب التي دفعت رئيسة المجلس الجماعي إلى اتخاذ هذا القرار، وكذلك الحيثيات التي كانت وراءه.
ومن شأن هذه القضية أن تؤثر على العلاقة بين بعض رؤساء المقاطعات وعمدة المدينة، حيث يعتبر هؤلاء أن هذا القطاع يدخل ضمن مجال تدخلاتهم، على الرغم من أن القانون يعطي الصلاحية للعمدة سحب هذا الاختصاص أو تفويضه لرؤساء المقاطعات.
بعض حراس السيارات أكدوا أنهم لن يبقوا مكتوفي الأيدي، سيما إذا رفضت عمدة البيضاء تجديد رخصهم، لأن أي قرار آخر سيحكم عليهم بالتشرد، ويضيفهم إلى أفواج المعطلين التي يعرفها المغرب.
وقال حارس للسيارات في تصريح لـ"الوطن الآن": "في حالة رفض تجديد رخص حراسة السيارات سننظم وقفات احتجاجية ضد العمدة في العديد من المقاطعات، وخاصة تلك التي توجد وسط المدينة ومحيطها، لأنه لا يمكن عدم تجديد هذه الرخص".
وإذا كان العديد من المواطنين يشتكون بشكل كبير من ممارسات بعض حراس السيارات، ويؤكدون أنهم ينتشرون بسرعة في العديد من الشوارع بدون حسيب ولا رقيب، فإن سعيد المهتدي، رئيس الجمعية الوطنية "سند" للعدالة الاجتماعية، أكد أنه لا يحب خلط الأوراق في ملف حراسة السيارات في العاصمة الاقتصادية، لأن حراس السيارات يشتغلون بشكل قانوني، إضافة إلى أصحاب "الجيليات الصفراء" الذين يساهمون في تشويه هذا القطاع.
وأوضح المهتدي أن حراس السيارات يساهمون في إنعاش خزينة المدينة بمبالغ مهمة جدًا، وأن أي رفض لتجديد الرخص سيؤثر على مدخول المدينة.
وعن حجم المداخيل التي تضخ من قبل حراس السيارات في خزينة مجلس جماعة البيضاء، أكد المهتدي، أن مصالح عمدة البيضاء هي التي تتوفر على هذا الرقم، مكتفيا بالقول إنه كبير.
ومنذ بداية تطبيق نظام وحدة المدينة في الدار البيضاء تم الحديث عن تعميم العدادات في العديد من الأحياء البيضاوية، وبدأ ذلك بوسط المدينة ومحيطها، وأثارت هذه العملية آنذاك ردود فعل قوية، خاصة بعدما تمت وضع "الصابو" للسيارات، حيث أكدت بعض الأصوات رفضها لهذه العملية، مؤكدة عدم قانونيتها.
وإذا كانت بعض المدن مثل الرباط قد حسمت هذا الأمر بعد صدور أحكام بعدم قانونية هذا الإجراء، فإن البيضاء ظلت استثناء، واستمر العمل بالعدادات وعقل السيارات، الأمر الذي يخلف ردود فعل قوية وغاضبة.
هناك اختلاف في الكيفية التي ينبغي أن يدبر بها قطاع حراسة السيارات في العاصمة الاقتصادية، فهناك توجه يؤكد أن الحل هو تعميم العمل بنظام العدادات عبر توسيع مجال تدخل شركة البيضاء للبيئة بصفتها أصبحت الجهة المخولة لها هذا الأمر بعد فسخ العقد مع شركة "الصابو" قبل سنوات.
ويعتبر أصحاب هذا الرأي أنه لا يمكن استمرار الوضع كما هو عليه حاليًا، سيما أن المدينة مقبلة على بعض التحديات، ومن بينها كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، كما أن ممارسات بعض حراس السيارات، وخاصة أصحاب "الجيليات الصفراء" تشوه المدينة. ومن بين المقترحات التي يدافع عنها أصحاب هذا التوجه، إحداث شركة لتدبير السيارات مع محاولة تشغيل الحراس الحاصلين على رخص الحراسة.
مقترح تشغيل حراس السيارات في شركة واحدة مقترح غير ممكن، حسب سعيد المهتدي، لأن رخصة واحدة لحراسة السيارات تشغل أكثر من مواطن، حيث يتناوب عليها أكثر من شخص. إضافة إلى أن العديد من الحراس هم من ذوي الإعاقة، ولا يمكن بسهولة الحكم على مصير فئة كبيرة من المواطنين وتحميل مسؤوليتهم إلى فئات لا علاقة لها بحراسة السيارات، وذلك في إشارة إلى أصحاب "الجليات الصفراء".
ورغم الجدل الذي خلفته حتى الآن مذكرة عمدة البيضاء، فإنه لم يصدر عنها أي توضيح بخصوص هذه المذكرة، ما جعل كل الاحتمالات تطفو على السطح وتثير الكثير من الجدل في صفوف حراس السيارات في الدار البيضاء، الذين يؤكدون أنهم الحلقة الأضعف، ولا يمكن القضاء عليهم تحت أي مبرر. وحدها الأسابيع والشهور المقبلة هي التي ستكشف المستور من وراء هذه المذكرة، وذلك في ظل استمرار صمت مجلس المدينة.