الأربعاء 5 فبراير 2025
خارج الحدود

جورج حايك: أيام على نهاية الهدنة جنوب لبنان.. انفجار أم انفراج؟

جورج حايك: أيام على نهاية الهدنة جنوب لبنان.. انفجار أم انفراج؟ لا يختلف اثنان على أن وقف إطلاق النار لا يزال هشّاً ولا شيء يضمن عدم حصول موجات تصعيد
أيام قليلة تفصل لبنان عن انقضاء مهلة الـ60 يوماً من وقف إطلاق النار، ويبدو أن المشهد يتّسم بالغموض، فلا الجيش الاسرائيلي انسحب بالكامل من الجنوب اللبناني، ولا “حزب الله” سلمّ كل سلاحه في جنوب الليطاني، ولا الجيش اللبناني استكمل انتشاره هناك. 

وعلى الرغم من الزخم الدولي وتحديداً الأميركي، لا يختلف اثنان على أن وقف إطلاق النار لا يزال هشّاً، ولا شيء يضمن عدم حصول موجات تصعيد، وسط التهديدات المتبادلة بين اسرائيل و”الحزب”. 

ويرى الخبير في الشؤون الأمنية والسياسية العميد المتقاعد خالد حمادة أنه أصبح واضحاً أن إسرائيل لن تنسحب من الأراضي التي احتلتها في الجنوب ضمن مهلة الـ60 يوماً، وهذا الكلام أكّده رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي غاسبر جيفرز، وكذلك صرّح به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

ويبدو أن الأسباب ليست تقنية فقط، إنما هناك مجموعة عوامل تستثمر بها إسرائيل، وليس مستبعداً أن تكون بالتنسيق مع لجنة المراقبة. 

واللافت أن لجنة المراقبة لم تلمس الجديّة المطلوبة من الحكومة اللبنانية والقوات المسلّحة اللبنانية لجهة تنفيذ القرار 1701، وفق حمادة، إذ لم يُعلن حتى الآن عن مداهمات قام بها الجيش اللبناني في القرى التي دخلها بعد الانسحاب الاسرائيلي، ولم تعلم اللجنة عن عزم الجيش على تنفيذ عمليات تفتيش في هذه القرى في جنوب الليطاني، وهذا ما يدفع اسرائيل إلى عدم استكمال انسحابها، ربما للضغط على الحكومة اللبنانية وحملها على اتخاذ قرارات حاسمة وحازمة في هذا المجال. ويشير حمادة إلى أن هذا الأمر يسمح لإسرائيل بالاستثمار في البند المتعلّق بالحفاظ على حرية تدخّل الجيش الاسرائيلي إذا توافرت له معلومات عن أي نشاط لـ “الحزب” في المنطقة أو وجود بنية تحتية له لم يصادرها الجيش اللبناني إذا تمّ ابلاغه من لجنة المراقبة.

لا شك في أن الموضوع من الناحية الميدانية ملتبس بسبب عدم وضوح الرؤية، ويعتبر حمادة أن هناك سبباً آخر لعدم انسحاب اسرائيل بالكامل، يرتبط بتشكيل الحكومة، فتتذرّع بعبارة جاهزة ومعلّبة مفادها “أنه ليس هناك سلطة حقيقية في لبنان أو حكومة يثق بها المجتمع الدولي، وبالتالي تجد الحكومة الاسرائيلية نفسها مضطرة إلى تنفيذ القرار 1701”. 

إذاً، هناك احتمال كبير أن يكون المجتمع الدولي مقتنعاً أيضاً بربط عدم الانسحاب الاسرائيلي بعدم تشكيل الحكومة. 
أما تهديدات “حزب الله” بالردّ إذا لم تنسحب اسرائيل، فيلفت العميد حمادة إلى أن هذا الكلام موجّه إلى الداخل اللبناني وتحديداً إلى جمهور “الحزب” لاستنهاضه ورفع معنوياته، وربما هو يلعب بهذه الورقة كمحاولة لاستثمارها في موضوع تشكيل الحكومة أيضاً. 

ولا يرى حمادة أن “الحزب” قادر على مواجهة اسرائيل، وإذا حصل أي رد عسكري منه، فسيدفعها إلى ردّ منتظر وعنيف، “لكن هذا مستبعد لأن الحزب بغنى عن هذا الموضوع حالياً، وبيئته لم تعد تتحمّل هذا المسار الذي يسلكه بدءاً من حرب إسناد غزة ثم مواجهة اسرائيل والضربات النوعية التي تلقاها الحزب وأدت إلى اغتيال أمينه العام حسن نصر الله وضرب وحدة الرضوان”. 

في المحصّلة، لا يبدو انسحاب اسرائيل من الجنوب مرضياً حتى الآن، وليست هناك مواكبة حقيقية من حكومة تصريف الأعمال أو على الأقل بيانات تصدر عن قيادة الجيش اللبناني لتوضيح ما يحصل من خطوات ميدانية. 

ويختم حمادة بأنه إذا تعقّد الوضع أو اتخذ مساراً تصاعدياً ليس بالضرورة على المستوى العسكري، بل أجواء توتّر من هنا وهناك، كل ذلك سيؤثّر على مسألة عملية تمويل إعادة الإعمار ووصول المساعدات إلى لبنان، وسيفقد لبنان الزخم العربي والدولي في ظلّ هذه الضبابية في تطبيق القرار 1701 سواء أكان في جنوب الليطاني أو شماله.