![الثورة الرقمية.. "الزلزال" الذي يهدد شعوب ودول العالم.. فماذا أعددنا له؟](/storage/cover/25-01/BeV056bTJfpe19dMhgWJqG5oQEgKdnXfi01QLFFH.jpeg)
سلط برنامج "صدى الإبداع" على القناة الأولى الضوء على موضوع «المغرب الرقمي» ووظائفه التنموية والتحديات التي يطرحها التحول الرقمي في ضوء التجارب المقارنة، عبر استضافة كل من سليمان العمراني، الباحث في التحول الرقمي وحميد شيتاشني، الباحث في الانتروبولوجيا الحضرية، والفنانة التشكيلية ثريا بلكناوي.
وقال سليمان العمراني إن الثورة الرقمية تعد قدرا محتوما على البشرية مشبها إياها بـ «الزلزال» الذي سيمكن من إقامة بنيات جديدة فيما يتعلق بتعامل الدول والمنظمات والأفراد، مضيفا بأن هذا الزلزال يحمل جملة من التداعيات وأبرزها أنه سيعصف بمنظومة الوظيفة بصفة عامة، وهو ما أكده تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي الصادر سنة 2018،حيث أشار الى أن الثورة التكنلوجية ستعصف بـ 85 مليون وظيفة في العالم وستقوم مقامها 97 مليون وظيفة جديدة .
وقال الباحث إن المغرب يتوفر على وزارة للانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، والتي تقوم بثلاث وظائف أساسية وهي الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية. وهذه الوزارة «يضيف»، يصعب عليها أن تنهض بفاعلية ونجاعة بهذه الوظائف الثلاث، ولذلك فالأمر يقتضي أن تكون عندنا وزارة واحدة مكلفة بالانتقال الرقمي فقط، على أن يوكل ما يتعلق بالوظيفة العمومية واصلاح الإدارة الى وزارة أخرى على غرار التجارب المقارنة مثل فرنسا، باعتبار ذلك ضمانة مهمة لكي نعطي لهذا التحول الرقمي زخمه.
والأمر الثاني، بحسب الباحث، هو وجود عطب كبير جدا في علاقة المرافق العمومية بالمرتفقين وبالخصوص المواطنين، لأن المواطن هو المستهدف بالخدمة العمومية في نهاية المطاف، حيث يجد المواطن العنت في الولوج الى الخدمات العمومية الرقمية، وهو ما أشار إليه تقرير المجلس الأعلى للحسابات (يعاني المغرب من نسبة 56 في المائة من الأمية الرقمية).
أما العطب الثالث هو وجود مواقف سلبية من التحول الرقمي والرقمنة، ولذلك فهناك عدد من المواطنين لا يستخدمون الخدمات الرقمية ولا يلجون اليها عن بعد، والحال أن التكنلوجيا تتيح لنا أن نستفيد من الخدمات الرقمية عن بعد بالكفاءة اللازمة وبالجهد الأقل وبالوقت الأقل .
وهناك عطب آخر، يتعلق بغياب سياسة تواصلية تأطيرية للمجتمع لكي يستعمل هذه الخدمات، مشيرا بأنه خلال فترة كوفيد 19، لم يكن لدينا استعداد مؤسساتي وتنظيمي في مجال التعليم على وجه الخصوص، لكي نتجنب مضار الوباء وحينها ظهر العطب، وهذا بشهادة الوزير السابق في التعليم وكان ضروريا أن نأخذ الدرس سواء في هذا المجال أو في غيره من المجالات.
وذكر الباحث أن التعليم الرقمي بعد ثلاث سنوات من كوفيد 19 لم يتحرك نسبيا، فهناك مساعي وبعض السياسات لتأهيل رجال ونساء التعليم في هذا المجال، ولكن ما يزال الخصاص بينا اذا ما استحضرنا مرجعية الرؤية الاستراتيجية ومرجعية القانون الإطار، فليس لدينا الكتاب التعليمي الرقمي، ومازال التلاميذ يعانون من استعمال الكتاب الورقي، كما أن التكوين الرقمي المكثف للمدرسات والمدرسين ما يزال دون الرهانات..
وشدد الباحث على أهمية أن تبذل الإدارات العمومية مجهودا من أجل التأهيل الرقمي لكل أفراد المجتمع، وهذا ممكن وقد قال به البرنامج الحكومي الحالي وقالت به استراتيجية المغرب الرقمي 2030 مضيفا بأن هناك اليوم تكوين رقمي للموظفين العموميين عبر وكالة التنمية الرقمية ووزارة الانتقال الرقمي، ولكن عموما ليس هناك تأهيل رقمي في المجتمع بما يكفي.
كما تطرق الى موضوع السيادة الرقمية المطروح عالميا والذي يفرض نفسه على الدول، فاليوم لدينا هيمنة لعمالقة التكنلوجيا والتي أضحت تتحكم في الدول في نهاية المطاف. في السياق الوطني هناك رهان أساسي متعلق بحماية المعطيات الشخصية، لأنها مهددة بالاختراق، مشيرا بأن المغرب يتوفر على القانون 05.20 والذي اعتبره متميز ومتقدم في مجال الأمن السيبراني يعطي الإمكانية القانونية والمؤسساتية لحماية معطياتنا الشخصية الوطنية الاختراق، داعيا الى تعزيز الانتاج التكنلوجي بالكفاءات والمهارات الرقمية الوطنية لكي نستطيع أن نحمي أنفسنا بإمكاناتنا الذاتية البشرية والتكنلوجية من الاختراق التكنلوجي.
من جهته تساءل حميد شيتاشني، باحث في الأنثروبولوجيا الحضارية، عن كيفية مواكبة هذا التحول الرقمي لجيل لازال يعاني من الأمية الرقمية، مشيرا بأنه ليس من يمتلك هاتفا ذكيا يعد متمكنا في مجال الرقمنة، محذرا من هذه الهفوة المعلوماتية والتي ستنضاف الى الهفوة الاقتصادية والاجتماعية، كما دعا الى التعامل بذكاء مع هذا التقدم، وعدم فسح المجال أمام التيار لكي لا يجرفنا في اتجاهات لا علاقة لها بمجتمعنا وثقافتنا وتاريخنا، علما أن هذه المنتوجات الرقمية التي نستعمل ليست لدينا سيادة عليها، فالبرامج مستوردة ولا تتواءم مع حاجيات المغربي سواء كان أميا أم متعلما، لديه تكوين رقمي أم لا.
كما تطرق الى مشكل ضعف صبيب الانترنيت، مع العلم أن التحول الرقمي يفرض وجود صبيب عالي، داعيا الى نشر الثقافة الرقمية عبر تخفيض نسبة الأمية الرقمية من أجل الانتقال الى التحول الرقمي.
ولم يفته ايضا التحذير من خطورة الشبكات المظلمة، حيث تباع المحرمات والأسلحة، كما تلجأ اليها المنظمات الإرهابية، محذرا من خطورة دخول الشباب الى هذه الشبكات الخطيرة.
من جانبها تناولت ثريا بلكناوي، فنانة تشكيلية موضوع التطبيقات الذكية والتي يستعين به الفنانون في انجاز أعمالهم الفنية والتي سهلت عمل الفنان الى حد كبير سواء تعلق الأمر بالنحت أو الرسم، كما أتاحت القيام بزيارات لمعارض فنية عن بعد، مؤكدة بأن الفنان حتى وإن استعان بالتكنلوجيا فلديه دائما إحساس يعبر عنه من خلال أعماله، علما أن التكنلوجيا مجرد وسيلة حتى وإن تشكل نوع من الخطورة على الإبداع أحيانا، كما أن الشبكات الاجتماعية «تضيف» أتاحت للفنان فرصا وآفاقا مهمة للتواصل مع الجمهور ومع الفنانين بالعالم أسره كما مكنت من تقاسم الأعمال وتبادل التجارب واستلهام الأفكار .