في تفاعل مع الأحداث التي عرفتها دولة سوريا انطلاقا من الإطاحة بالرئيس "بشار الأسد"، ورفع المعارضة علم الاستقلال، العفو على المجندين، إفراغ السجون من المعتقلين..، وإعلان "سوريا حرة".
أجرت "أنفاس بريس" وجريدة "الوطن الآن" حوارا مع محمد العمراني بوخبزة، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، أبرز من خلاله مدى صعوبة الانتقال الديمقراطي بسوريا أمام اختلاف مكونات فصائل المعارضة في سوريا وفي ظل تواجد قاسم مشترك وحيد يتمثل في الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
ما هو تعليقكم حول الأحداث المتعاقبة بعد نجاح المعارضة السورية في الإطاحة ببشار الأسد؟
من الضروري التدقيق في الأسس التي انبنت عليها مطالب التغيير، خصوصا على مستوى تحديد بعض المفاهيم من قبيل الثورة، التغيير..، هل نحن أمام مطالب شعبية من أجل تغيير النظام، هل نحن أمام ثورة حقيقية قامت بها أطراف لها مشروع مجتمعي جديد، يروم إقامة دولة ديمقراطية، أم أننا أمام صور أخرى مغايرة، سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة المعارضة التي أطاحت بالنظام السوري، هل تتوفر على رؤية موحدة حول شكل الدولة، وطبيعة النظام الجديد، في ظل وجود أطياف متباينة، مختلفة فيما بينها من حيث المرجعيات..
ما هو تعليقكم حول الأحداث المتعاقبة بعد نجاح المعارضة السورية في الإطاحة ببشار الأسد؟
من الضروري التدقيق في الأسس التي انبنت عليها مطالب التغيير، خصوصا على مستوى تحديد بعض المفاهيم من قبيل الثورة، التغيير..، هل نحن أمام مطالب شعبية من أجل تغيير النظام، هل نحن أمام ثورة حقيقية قامت بها أطراف لها مشروع مجتمعي جديد، يروم إقامة دولة ديمقراطية، أم أننا أمام صور أخرى مغايرة، سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة المعارضة التي أطاحت بالنظام السوري، هل تتوفر على رؤية موحدة حول شكل الدولة، وطبيعة النظام الجديد، في ظل وجود أطياف متباينة، مختلفة فيما بينها من حيث المرجعيات..
هنا يطرح إشكال حقيقي حول الأهداف من هذه الخطوة اليوم في سوريا، حيث يجمع الكل على أن نظام بشار الأسد لم يكن نظاما ديمقراطيا، ويجمع على الحاجة إلى التغيير، لكن هل تم ذلك وفق تصور مدروس، ووفق اختيارات شعبية محددة، أم أن الأمر مرتبط بأجندات خارجية، خاصة وأن هناك حديث عن ما يسمى بالأرض المحروقة، والنقاش حول الفوضى الخلاقة...مجموعة من المقولات أطرت مرحلة معينة مما سمي بالربيع العربي، لكن اتضح جليا أنه كان خريفا عربيا أدى إلى ما تعيشه اليوم المنطقة العربية من فوضى لم تنته بعد.
هل هناك ضمانات لنجاح المرحلة الانتقالية في سوريا؟
جميع ما توفر في التجارب السابقة هو موجود اليوم على مستوى التجربة السورية، الأمر الذي يجعلنا نتساءل هل يملك الشعب السوري خيارا لإقامة نظام حكم ديمقراطي، أم أن الأمر لا يعدو أن إعادة لنفس القصص المرتبطة بالنموذج العراقي، والليبي، واليمني، والسوداني، والتونسي أيضا.
ما هي أسباب التخوف من إعادة الانتكاسة بسوريا؟
السؤال المطروح يتعلق بالقاسم المشترك بين مكونات فصائل المعارضة في سوريا، هل هناك قواسم مشتركة ما عدا الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، اليوم تمت العملية...ماذا بعد؟
هل هناك تصور يجمع عليه الأطراف من أجل مستقبل سوريا، هل تم وضع بدائل لما بعد حكم بشار الأسد؟
اختلاف المرجعيات بسوريا كبير جدا، وهو ما جعل هذه الفصائل تتواجه فيما بينها بالسلاح في محطات متعددة، اليوم هل نحن أمام مشروع مجتمعي تم مناقشته فيما قبل لتحديد ملامح سوريا ما بعد بشار الأسد.
حدة التناقض بين مكونات المعارضة، وآرائهم، كبير للغاية، وبالتالي ليس هناك حد أدنى يمكن الاعتماد عليه كأساس لمستقبل سوريا، بل حتى الأطراف الخارجية الفاعلة الآن في الساحة السورية لها أجندات متناقضة للغاية، هناك إيران، هناك روسيا التي يمكن القوم أن أدوارها تراجعت لكنها لم تنتهي، هناك تركيا وتصورها لمستقبل سوريا، هناك إسرائيل كفاعل أساسي، ويجب ألا ننسى أنها هي صاحبة مشروع الشرق الأوسط الجديد، تم هناك الولايات المتحدة الأمريكية التي لها تصور يتقاطع إلى حد كبير مع إسرائيل، ولا ننسى كذلك أن هناك طرف عربي مهم جدا بدول الخليج، وهنا أتحدث عن السعودية، والإمارات.
كل هاته الأطراف، إلى أي حد ممكن أن تتوافق فيما بينها حول مشروع واحد لسوريا في المستقبل. لذلك قد نعيش مخاطر كبيرة جدا حول هذا المستقبل، ليس فقط على مستوى طبيعة نظام الحكم، بل حتى على مستوى مستقبل سوريا كدولة، هل نحن أمام دولة واحدة، أم سيتم تقسيم المقسم إلى جزيئات، ودويلات كل يحكم بمنطقه.
في الجانب الآخر، وعلى مستوى حتى الحديث عن ارتباط فصائل المعارضة بمرجعية دينية معينة، يجب ألا ننسى أن زعيم هاته المرحلة هومحمد الجولاني، كان قد انتقل من تنظيم القاعدة، إلى تنظيم داعش، تم النصرة، وفتح الشام.
هذا الانتقال ليس تنظيميا فقط، بل هو انتقال على مستوى المرجعيات التي يؤمن، ويتعامل معها أيضا، هذا بالإضافة إلى مسألة خطيرة جدا، تتعلق بتشتت السلاح بين أطراف متعددة، ليس بيد واحدة، بل صار متاحا لأطراف متعددة، هل سيتم التوجه نحو تجميع هذا السلاح بيد جهة واحدة، وهي الجهة طبعا التي ستفرض تصورها، أم أنه سيبقى متاحا، وبالتالي لن يرى أي مشروع الحياة.
أمام هذه السيناريوهات هل ستنجح سوريا في تأسيس نظام ديمقراطي خاص بها؟
سوريا وضعها أخطر من وضع دولة ليبيا، ودولة اليمن، وأخطر من وضع السودان أيضا.
موقع سوريا، وعمقها، وما تشكله في مشروع الشرق الأوسط الجديد يجعل من الصعوبة التوافق أمام الكثير من الاختيارات.
مثلا، ليبيا لم يكن لها هذا الثقل الذي تملكه سوريا، علاقاتها مع قوى إقليمية متعددة ليس كما هو الشأن بلبيا..، سوريا توجد بجوار إيران التي لديها مشروع معين، وتوجد بجوار تركيا التي لديها أيضا مشروعها، سوريا بين قوى إقليمية بمشاريع، وأجندات مما يجعل الصعوبة أكبر بالمقارنة مع النماذج الأخرى.
وبالتالي يبقى السؤال الكبير إلى أي حد من الممكن أن تتوافق الأطياف المتعدة بسوريا فيما بينها، وكيف سيتم التوافق حول مشروع يحمي سوريا في المستقبل.