استياء كبير وسخط عارم في صفوف قطاع واسع من المحامين وخصوصا الشباب، والسبب هو المقترح المنسوب لجمعية هيئات المحامين بالمغرب بشأن اشتراط 25 سنة من التقييد بالجدول للترشح لمنصب النقيب، وذلك في حوارها مع وزارة العدل بشأن مشروع مهنة المحاماة..
وفي هذا الصدد يؤكد رشيد أيت بلعربي، المحامي بهيئة القنيطرة، أن القواعد المهنية للمحامين ناضلوا من أجل انتزاع حق المؤسسات المهنية في المقاربة التشاركية من وزير العدل.. فإذا بهم يحرمون منها كقواعد.
فيما يلي رسالة المحامي أيت بلعربي إلى رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وكذا نقباء الهيئات السبعة عشر، وأعضاء مكتب الجمعية:
ها نحن اليوم نعيش محطة أخرى فاصلة في تاريخ مهنة المحاماة، محطة صادفت انتخابكم السيد الرئيس إلى جانب السادة نقباء الهيئات وباقي أعضاء مكتب الجمعية لمواصلة الدفاع عن صرح مهنة المحاماة.
صرح انطلق منذ بداية ستينيات القرن الماضي وأخذ على عاتقه التأسيس لمحاماة قوية مستقلة كدرع حصين للحقوق والحريات وسيادة القانون ومقاومة كل أشكال الطغيان والاستبداد والدكتاتورية. وقد جسدت المحاماة بحق صمام الأمان لكل المظلومين فوقفت في وجه كل أنواع الخروقات التي طالت أعتى معارضي النظام آنذاك دون خوف أو توجس، بل إن نقباء وزملاء وزميلات ضحوا بأموالهم وحرياتهم واستقرارهم الأسري وبدفء الوطن وتجرعوا مرارة الاغتراب القسري في سبيل الديموقراطية وحقوق الإنسان وفي سبيل أن ننعم فيما نحن عليه الآن. وطيلة عقود من الزمن ظلت المحاماة شامخة رافعة رأسها دفاعا عن استقلاليتها رغم كثرة الضربات التي تلقتها من الدولة ومن البيت الداخلي. وها نحن اليوم وبعد ولاية شهدت سخط المحامين والمحاميات على تدبير مكتب الجمعية السابق للشأن المهني، استبشر الجميع خيرا بانتخابكم رئيسا للجمعية وبمعية زملائكم نقباء الهيئات السبعة عشر وكذا باقي أعضاء المكتب نقباء سابقين وزملاء، من أجل إكمال المسير في هذا الظرف المهني الحساس والدقيق والذي عرف طوفانا تشريعيا على حقوق المحامين والمتقاضين صاحبه تجاهل تام من وزير العدل لمؤسساتنا المهنية. واستبشر الجميع خيرا أيضا عندما انبريتم السيد الرئيس في أكثر من مناسبة وعبر أكثر من منبر إعلامي بهدوئكم ورزانتكم المشهودة للدفاع عن المهنة وعن حقوق المتقاضين في تفاعل وتناغم صريحين مع ما ظل الزملاء والزميلات يطالبون به في الولاية السابقة دون جدوى. وهو ما ساهم في تعريف الرأي العام الوطني بخلفيات قلق واحتجاجات المحامين المستمرة حتى أصبح الكل ينادي بالاستجابة لمطالب المحامين. وقد لاحظتم حجم الالتفاف منقطع النظير الذي انخرط فيه عموم المحامين والمحاميات المنتمين للهيئات السبعة عشر سواء على مستوى الحضور في الوقفات الاحتجاجية التي دعوتم إليها، أو على مستوى الحج للملتقى الوطني للمحاماة بمسرح محمد الخامس بالرباط، أو على مستوى الاستجابة والتعبئة الطوعية للتوقف التام عن أداء مهام الدفاع. ورغم ما خلفه موقفكم في مكتب الجمعية بتعليق التوقف عن العمل بعد انطلاق جلسات الحوار ودون تحقيق ولا مطلب واحد، من آراء متضاربة بين مؤيد ومعارض، إلا أن الجميع امتثل له حفاظا على وحدة الصف المهني. لكن وأنتم تخوضون في الحوار مع وزارة العدل وفي ظل الأنباء المسربة سواء حول مشروع قانون المسطرة المدنية وما شابه من انقلاب في مواقفكم وخاصة تنازلكم عن مطلب الملاءمة مع الدستور مقابل خفض سقف الغرامات أو سقف المبالغ المحددة للجوء للاستئناف أو النقض، أو فيما يتعلق بمسودة مشروع قانون المهنة واستجابتكم لطلب وزير العدل أو اتفاقكم معه على عدم وضعها في متناول عموم المحامين مع ما رافق ذلك من تسريبات حول بعض المقتضيات الكارثية التي تتضمنها المسودة، فإننا نؤكد لكم الرئيس المحترم، النقباء المحترمين، أعضاء مكتب الجمعية ورغم ثقتنا فيكم، إلا أن هذا النهج لم نكن نتوقعه منكم ولا يمكننا أن نكون راضين عنه، بل إننا نعبر لكم بوضوح بأننا نرفضه رفضا مطلقا. فقد نادينا جميعا ودافعنا جميعا أنتم من موقعكم ونحن من موقعنا عن حق المحامين ومؤسساتهم في الاستفادة من المبدأ الدستوري المتمثل في اعتماد المقاربة التشاركية في كل ما يتعلق بتدبير شؤون العدالة. فكيف لكم وبعد أن ساهمنا جميعا في انتزاع هذا الحق من وزير العدل بالقوة وبوحدة الصف المهني وبالالتفاف حول المؤسسات المهنية، وإجباره على تسليمكم مسودة تعديل قانون المهنة بعدما كان يلوح بإحالتها على المسطرة التشريعية، أن تحرمونا أنتم الآن كقواعد للمحامين من حقنا في الاطلاع على هاته المسودة حتى نتمكن من طرحها للتداول وتبادل الرأي فيما بيننا وتقديم مقترحاتنا بشأنها؟ فما دخل وزير العدل في كيفية تواصل المحامين مع مؤسساتهم؟ وما العيب وما الضرر إذا طرحتم المسودة لنقاش عمومي حقيقي واستجمعتم ما يكفي من الآراء والمقترحات لتساعدكم في المفاوضات مع وزير العدل؟
فقد لاحظتم كيف تناقش مسودات مشاريع القوانين المتعلقة بالقضاة والمفوضين القضائيين والخبراء والموثقين بين عموم قواعدهم المهنية. فما الداعي وما الجديد في اعتماد هذا النهج التفاوضي السري في مناقشة مسودة قانون المهنة علما أن المسودات السابقة كانت تطرح للنقاش العام بين عموم المحامين؟
السيد الرئيس السادة النقباء والسادة الأعضاء المحترمين:
إن ولايتكم ستنتهي بعد سنتين من الآن وإن صدور أي قانون بشكل متسرع يضر بالمحاماة ودون تشاور مع عموم المحامين سيقيد في سجل سيء من تاريخكم المهني بل إن هذا التاريخ سيسجل أنك كسرتم التفافا مهنيا غير مسبوق لم يتحقق للمكاتب السابقة. فرجاء، لا تفعلوا ذلك.