الاثنين 13 يناير 2025
كتاب الرأي

مصطفى بن شريف: ملاحظات حول الأثر القانوني للاستقالة الاختيارية لرئيس جماعة

مصطفى بن شريف: ملاحظات حول الأثر القانوني للاستقالة الاختيارية لرئيس جماعة مصطفى بن شريف
تعتبر المادة 59 من القانون التنظيمي رقم 14. 113 المتعلق بالجماعات، المرجع الوحيد الذي ينظم مسطرة الاستقالة الاختيارية لرئيس الجماعة.

ولما كان رئيس مجلس جماعة معينة، قد قدم استقالته من رئاسة المجلس بشكل اختياري، وثبوت انصرام اكثر من خمسة عشر يوما على تقديمها إلى السيد عامل العمالة أوالإقليم، الأمر الذي يعني بأنها أصبحت سارية ونافذة بقوة القانون، وهي ليست في حاجة إلى موافقة أو تأشيرة السلطة الإدارية كما قد يعتقد بعض رجال السلطة، لأن النص القانوني جاء صريحا في مضمونه ومقاصده، ولا يجوز تفسيره خلافا لذلك، إلا إذا كان عامل العمالة أو الإقليم يمعن في الانحراف باختصاصاته و الغلو بالشطط في استعمال السلطة، وهو ما يمثل مخالفة صريحة لمقتضيات الدستور ولمبادىء دولة القانون، التي تقضي بأن جميع مؤسسات الدولة ملزمة باحترام القانون.

ومن جهة ثانية، أن تقديم طلب الاستقالة إلى عامل العمالة أو الإقليم، يتم بغاية الاخبار فقط، وليس من أجل البت في الوضعية المذكورة، أو القول برفضها او قبولها، باعتبار أن أثر الاستقالة يسري بانصرام الأجل القانوني المحدد في خمسة عشر يوما، دون أن يتوقف على موافقة جهة إدارية معينة تتبع للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.

أنه واذا كان القانون التنظيمي رقم 14.113ينص على استمرار الرئيس في مزاولة مهامه بعد تقديم الاستقالة، إلى حين انتخاب المكتب الجديد للمجلس، فإن ذلك مشروط باحترام السلطة الادارية بترتيب الأثر القانوني على تلك الاستقالة، وفي حال عدم التجاوب مع الاستقالة الاختيارية، داخل الاجل المعقول، وهو انقضاء خمسةعشر يوما على تقديمها ، فإن رئيس الجماعة يبقى في حل من ذلك، و غير ملزم بالاستمرار في تصريف مصالح الجماعة إلى ما لا نهاية. لماذا؟

لأن القانون ينص، بأن تقديم طلب الاستقالة الاختيارية، يصير نافذا ونهاءيا، بعد انصرام اجل خمسة عشر يوما، يحتسب من تاريخ التوصل بها من طرف عامل العمالة أو الإقليم؛ علما أن إشعار هذا الأخير بالاستقالة، لا يعني بأن القانون يمنحه سلطة قبولها أو رفضها، أو الموافقة علبها من عدمها، وإنما من أجل للاخبار فقط لترتيب الآثارالقانونية على ذلك، وكل امعان في عدم التجاوب مع الاستقالة، يكيف ذلك بالانحراف بالسلطة، وتحولها من وسيلة لحماية المشروعية القانونية، الى وسيلة للتعسف وخرق القانون، من منطلقات وخلفيات قد تحكمها نزعة شخصية لا صلة لها باصول ومبادىء الحكامة الجيدة، وليس أيضا من أجل تحقيق المصلحة العامة.

علما أنه طبقا للفصل 145 من الدستور، عمال العمالات والاقاليم يمثلون السلطة المركزية في الجماعات الترابية. ويعملون على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية.
وهكذا، يتبين من أحكام الدستور، بأن عامل العمالة أو الإقليم، مطالب بأن يتقيد بالدستور، و يكون هو المبادر الى تامين تطبيق القانون، في جميع القضايا التي تعرض عليه، والا ينحرف بالسلطة التي يستمدها من الدستور والقانون ومن ظهير تعيينه.
 
الدكتور مصطفى بن شريف، محام بهيئة وجدة وأستاذ زائر بكلية الحقوق بوجدة.