أعلنت الرئاسة الجزائرية في ساعة متأخرة من يوم الإثنين 18 نونبر 2024 عن تشكيل حكومي جديد احتفظ فيه رئيس الحكومة نذير العرباوي، وهو أحد تلاميذ المدرسة التونسية، بمنصب الوزير الأول، وكان الأهم فيها أن الفريق أول السعيد شنقريحة الذي حافظ على منصبه كقائد للأركان، تمكن من الحصول على منصب سياسي هو منصب وزير منتدب لدى وزير الدفاع الوطني يمكنه من مزيد من التحكم في دواليب الحكم الذي هو بالأساس حكم عسكري بامتياز.
وهكذا يمكن القول إن المؤسسة العسكرية، أو قل رئيسها الفريق أول السعيد شنقريحة أكد مرة أخرى أنه شخصية يصعب تجاوزها، وأنه بحصوله على الصفة السياسية التي تجعله الشخصية الثانية في الحكومة، سيتمكن من إحداث تغييرات كبيرة في وزارة الدفاع وتعديلات في النواحي والجهات بما يمكنه من تحصين تنفسه في مواجهة جناح الرئاسة والمخابرات..
الرسالة الواضحة من هذا التعديل الحكومي للداخل السياسي، أن الصفة العسكرية ستظل هي السمة الأبرز للحكم، وأن طموح الحكم المدني لا يزال بعيدا، وإن كان هذا الطموح غير وارد في ظل حكم الرئيس عبد المجيد تبون، ليس لأنه جناح ضعيف مقارنة بالجيش، وإنما أيضا لأن الحكم الجزائري لم يغادر صفة العسكرية منذ انقلاب عام 1962..
وقد تم إحداث وزارتي دولة الأولى برئاسة أحمد عطاف وزير دولة للشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، وهذا يعني عمليا ترقية الوزير عطاف وتعزيز دوره المحوري في صنع السياسات الجزائرية وترقية محورية الملف الديبلوماسي في العمل الحكومي بعد إشاعات عن الإطاحة به، والثانية برئاسة محمد عرقاب وزير دولة للطاقة والمناجم والطاقات المتجددة في رسالة لتعزيز مركزية الطاقات الأحفورية والجديدة والمناجم في التوجهات الجزائرية المستقبلية، ليكونا تراتبيا رقم 3 و4 في الحكومة الجديدة، في كوكبة وزراء السيادة، يليهم وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية بنفس الوزير إبراهيم مراد، ثم وزير العدل حافظ الأختام بتعيين وزير جديد لطفي جمعة ودعوة رشيك طبي لمهام أخرى..
وهكذا يمكن القول إن العسكر مرة أخرى يؤكد أنه هو من يدير دفة الحكم في الجزائر، وأن على السياسيين في الداخل أن يدركوا ذلك..
وإذا كان تعيين نذير العرباوي، وهو دبلوماسي بارز وذو خبرة دولية، كوزير أول يعكس تركيز القيادة الجزائرية على الاستفادة من الكفاءات التي تمتلك رؤية وخبرة عالمية، فإن هذا الاختيار يشير إلى نية الحكومة الجزائرية تعزيز موقعها في الساحة الدولية وإبراز دورها كطرف مؤثر في القضايا الإقليمية والدولية.
لكن الرسالة الأهم برأيي موجهة إلى الإقليم، فتكليف نذير العرباوي وهو دبلوماسي متمرّس، وكان أهم وآخر منصب له في قطاع الخارجية رئيس البعثة الجزائرية بالأمم المتحدة. وخلال الفترة القصيرة التي أمضاها في هذه المهمة، نشبت مشادات كلامية حادة بينه وبين نظيره المغربي عمر هلال، حول مسألة الصحراء.
وهذا يعني أن تكليفه بمعية طاقم حكومي متطرف في معارضة خيار الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب حلا لأزمة الصحراء، يعكس خيار النظام الجزائري في الاستمرار في مناكفة الرباط، وتعقيد الوصول إلى حل ينهي الخلاف التقليدي مع المغرب ويبعث الحياة مجددا في هياكل الاتحاد المغاربي المجمد منذ سنوات..
وإذا أخذنا بعين الاعتبار أيضا تعزيز مكانة الفريق أول السعيد شنقريحة ووزير الخارجية أحمد عطاف، وكذلك محمد عرقاب وزير دولة للطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، يمكننا أن نفهم اتجاه السياسات الجزائرية في المرحلة المقبلة، وهي توجهات تركز على أمرين اثنين: الاقتصاد والعسكر في الداخل، وهما عنصر القوة الأساسي الموجه للخارج مدعوما برؤية سياسية تتمسك فيه بمناكفة المغرب في الصحراء، ومغازلة الدول الغربية بعنصر الطاقة والمناجم، وتعتمد على عدد من الشخصيات ذات الخبرة بالعمل الديبلوماسي كنذير العرباوي وأحمد عطاف، وما لهما من علاقات دولية تمكنهما من الدفاع عن رؤية النظام..
وبغض النظر عن هذه الرسائل السياسية التي يمكن قراءتها بين سطور التشكيل الحكومي الجديد في الجزائر، فإن تمسكها باستمرارية السياسات القديمة للنظام، أي تأكيد البعد العسكري الشمولي وعدم الإنصات إلى المتغيرات الدولية التي تستوجب حلولا سياسية عاجلة سواء في العلاقة مع مالي أو مع النيجر أو مع ليبيا أو مع المغرب أو حتى مع فرنسا والولايات المتحدة، تجعل من هذا التعديل الحكومي فرصة آخرى ضائعة لإصلاح جدي تحتاجه الجزائر والمنطقة بشكل عام.
لائحة الحكومة الجزائرية الجديدة
نذير العرباوي .......… الوزير الأوّل
السعيد شنقريحة ............… وزير منتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي
أحمد عطاف ….............…. وزير دولة ، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية
محمد عرقاب ............…… وزير دولة ، وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجدّدة
إبراهيم مراد............…… وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية
لطفي بوجمعة ............…… وزير العدل ، حافظ الأختام خلفا للسيد رشيد طبي لاستدعائه لمهام أخرى
لعزيز فايد ............…… وزير المالية
العيد ربيقة ............…… وزير المجاهدين وﺫوي الحقوق
يوسف بلمهدي ............…… وزير الشؤون الدينية والأوقاف
كمال بداري ............…… وزير التعليم العالي والبحث العلمي
محمد صغير سعداوي ........… وزير التربية الوطنية
ياسين المهدي وليد ........…… وزير التكوين والتعليم المهنيين
زهير بــلــلــو ........... وزير الثقافة والفنون
مصطفى حيداوي ….........… وزير الشباب ، مكلّف بالمجلس الأعلى للشباب
وليد صادي …..............… وزير الرياضة
سيدعلي زروقي ........…… وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية
صورية مولوجي ….......… وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة
سيفي غريّب .…...........… وزير الصناعة
يوسف شرفة .............…… وزير الفلاحة والتنمية الريفية و الصيد البحري
محمد طارق بلعريبي …....… وزير السكن والعمران والمدينة
محمد بوخاري ….........… وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات
الطيّب زيتوني …........… وزير التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية
محمد مزيان ...........…… وزير الاتصال
لخضر رخروخ …........… وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية
طه دربال …...........… وزير الموارد المائية
سعيد سعيود …...........… وزير النقل، خلفا للسيد محمد الحبيب زهانة لتكليفه بمهام أخرى
حورية مداحي ….........… وزيرة السياحة والحرف التقليدية
عبد الحق سايحي …........… وزير الصحة
فيصل بن طالب …........… وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي
كوثر كريكو …............… وزيرة العلاقات مع البرلمان
نجيبة جيلالي …...........… وزيرة البيئة وجودة الحياة
نور الدين وضاح ….......… وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرّة
فؤاد حاجي …............… وزير منتدب لدى وزير الصناعة ، مكلّف بالإنتاج الصيدلاني
سفيان شايب …...........… كاتب دولة لدى وزير الشؤون الخارجية ، مكلّف بالجالية الوطنية بالخارج
سلمة بختة منصوري …...… كاتبة دولة لدى وزير الشؤون الخارجية، مكلّفة بالشؤون الإفريقية
كريمة طافر ……............ كاتبة دولة لدى وزير الطاقة ، مكلّفة بالمناجم
نور الدين يسع ...........…… كاتب دولة لدى وزير الطاقة ، مكلّف بالطاقات المتجدّدة
يحي بوخاري .................... أمين عام للحكومة
كريم مولاي/ خبير أمني جزائري